مشاركة

دعت دولة الإمارات العربية المتحدة المجتمع الدولي الليلة الماضية إلى ضرورة اتخاذ كل ما يلزم من تدابير فاعلة تكفل توفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني لا سيما في مدينة القدس الشرقية التي تشهد يوميا عمليات اقتحام إسرائيلي لباحة ومرافق المسجد الأقصى، إضافة إلى اعتداءات سافرة على المصلين بما فيهم النساء وسرقات للأراضي والممتلكات الفلسطينية وتوسيع غير قانوني للمستوطنات غير الشرعية.

وأكدت سعادة السفيرة لانا زكي نسيبة مندوبة الدولة الدائمة لدى الأمم المتحدة، في بيانها أمام الاجتماع الخاص الذي عقدته الجمعية العامة للأمم المتحدة لبحث التطورات المتصلة بقضية فلسطين، على التطورات الحرجة التي تشهدها القضية الفلسطينية سواء التي تمثلت بمستوى الحالة المحبطة للغاية التي وصلت إليها جهود المباحثات السياسية المعنية بإعادة استئناف مسيرة مفاوضات السلام في منطقة الشرق الأوسط كنتيجة حتمية لعدم التزام الجانب الإسرائيلي بتعهداته في إطار هذه المباحثات، أو المتمثلة بتنامي الاضطرابات والتدهور الخطير للأوضاع الأمنية والإنسانية والإجتماعية في الأراضي الفلسطينية جراء التمادي الاسرائيلي في سياساته العدوانية التصعيدية الخطيرة ضد أبناء الشعب الفلسطيني ولا سيما في مدينة القدس الشرقية مؤخرا مما انعكس بآثاره السلبية على الحالة القائمة على الأرض وأدى إلى تنامي أوجه المعاناة والمشقة للشعب الفلسطيني.

وأشارت إلى ما عبر عنه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله” في رسالته التي وجهها مؤخرا إلى رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني من تأييد دول الإمارات المتواصل حكومة وشعبا لمسيرة كفاح الشعب الفلسطيني إلى أن يتم تحقيق كامل تطلعاته المشروعة في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة أسوة بالشعوب الأخرى.

اعتبرت الاعتداءات الإسرائيلية المنهجية على المسجد الأقصى استفزازا للمسلمين في العالم أجمع وانتهاكا خطيرا من شأنه أن يؤدي للمزيد من الأزمات التي بدورها تؤثر بشكل مباشر على السلام والأمن في الشرق الأوسط برمته.

وأشادت في هذا السياق بموقف المملكة الأردنية الهاشمية في مجال إدارة الأماكن الإسلامية والمسيحية المقدسة في القدس ومساعيها الأخيرة لإزالة أجواء التوتر فيها الناجمة عن الممارسات الإسرائيلية المرفوضة.

وشددت على أنه يتعين على إسرائيل احترام حرمة هذه الأماكن المقدسة وتنفيذ التزاماتها الأخرى كافة ذات الصلة وفقا للقانون الدولي.

ولفتت السفيرة إلى الإنتهاكات الإسرائيلية الواسعة النطاق الأخرى التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية بما فيها قيامها بأعمال حفر قرب الأماكن المقدسة في القدس الشرقية ومصادرتها للمزيد من الأراضي وتدميرها الممتلكات والهياكل الفلسطينية وتشييدها المنهجي للمستوطنات والجدار وتوسيع نطاقهما في عمق قرى ومدن الضفة الغربية وخاصة في مدينة القدس الشرقية المحتلة وما حولها. فضلا عن استمرار حصارها الجائر لقطاع غزة وعرقلتها لأعمال إعادة الإعمار وجهود الانعاش المطلوبة لتلبية الاحتياجات الطارئة الأساسية لما يزيد عن 1.8 مليون من سكانه.

وجددت إدانة دولة الإمارات القوية جميع جرائم الحرب الإسرائيلية، مرحبة بتشكيل الأمين العام للأمم المتحدة مؤخرا لجنة تحقيق داخلية بشأن الإعتداءات الإسرائيلية على مباني ومدارس ومنشآت الأمم المتحدة في القطاع، معربة عن أملها في أن يتم توسيع هذا التحقيق المستقل ليشمل الجرائم الإسرائيلية المرتكبة كافة خلال نفس الفترة التي أودت بحياة ما يزيد عن 2189 فلسطينيا بينهم 513 طفلا، و269 امرأة على الأقل؛ وذلك من أجل تفعيل مبدأ المساءلة في إطار القانون الجنائي الدولي.

وقالت “إن الوقت قد حان للمجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن واللجنة الرباعية الدولية لكي يتصرفا وفقا لأحكام القانون الدولي وجملة قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، بما في ذلك اتخاذ كل ما يلزم من إجراءات فاعلة تكفل توفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني”.

وطالبت في هذا السياق – وكأولوية ملحة – إسرائيل بالوقف الفوري والتام تحت رقابة دولية لجميع أنشطتها الاستيطانية بما في ذلك الجدار العازل بوصفها باطلة ولاغية وأيضا حملها على إزالة حواجزها وعقباتها كافة التي تضعها أمام حرية حركة وتنقلات الفلسطينيين وتجارتهم ونشاطهم الاقتصادي ورفع حصارها الجائر على قطاع غزة منذ عام 2006؛ مطالبة بالإفراج عما يزيد على خمسة آلاف من المعتقلين الفلسطينيين بما فيهم المحتجزين الإداريين في سجونها.

ورفضت المبررات التي تسوقها إسرائيل للحفاظ على أمنها في المنطقة، مؤكدة أن هذا الأمن لن يتحقق عبر انتهاكاتها الصارخة المتكررة لالتزاماتها بالقانون الإنساني الدولي بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة، وإنما بالتزامها التام “كسلطة احتلال” وإبدائها لإرادتها السياسية الجادة تجاه السلام الحقيقي بالمنطقة وأيضا تعاونها في تحقيق الحل القائم على وجود دولتين على أساس حدود ما قبل عام 1967، وذلك بما يتوافق مع مبادرة السلام العربية.

كما أعربت السفيرة نسيبة عن قلق دولة الإمارات البالغ إزاء ما آلت إليه الأوضاع الإنسانية الصعبة غير المسبوقة للشعب الفلسطيني، وترحيبها ببدء العمل في الآلية المؤقتة لإعادة الإعمار في غزة.

وأكدت دعم دولة الإمارات للدور الهام الذي تلعبه وكالة “الأونروا” والمنظمات الدولية الأخرى في تنفيذ هذه الآلية. وحثت المجتمع الدولي على ممارسة الضغوطات الممكنة كافة على إسرائيل لحملها على التعاون التام غير المشروط مع هذه الآلية بما في ذلك إزالة العراقيل كافة التي وضعتها منذ أكثر من 14 شهرا أمام إدخال مواد البناء اللازمة لتنفيذ مختلف المشاريع الحيوية لإعادة إعمار القطاع.

وأشارت إلى أن دولة الإمارات ماضية في تنفيذ التزاماتها التي أعلنتها بهذا المؤتمر والبالغة 200 مليون دولار أميركي وذلك كجزء من سلسلة البرامج والمساعدات المالية والانسانية والانمائية الأخرى المباشرة وغير المباشرة التي تقدمها للشعب الفلسطيني.

وعلى صعيد المصالحة الفلسطينية رحبت مندوبة الدولة بالدور الهام الذي تلعبه مصر في دعمها المتواصل للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني، مطالبة المجتمع الدولي بتعزيز أوجه دعمه السياسي والإنمائي للسلطة الفلسطينية لتمكينها من القيام بمسؤولياتها.

وذكرت السفيرة نسيبة في ختام بيانها المجتمع الدولي بأن الوقت قد حان على إسرائيل لكي تدرك بأن وجودها كدولة آمنة يتطلب تراجعها عن مواقفها العدائية ضد الشعب الفلسطيني ودول الجوار وكذلك تعاونها الصادق في تحقيق التسوية العادلة والدائمة والشاملة للقضية الفلسطينية بما في ذلك إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف لتعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل ودول الجوار في أمان وسلام متبادل في المنطقة.