مشاركة

شددت الإمارات العربية المتحدة في الأمم المتحدة على أن الدبلوماسية ستظل دائماَ السبيل الأساسي لحل أزمات المنطقة، داعية المجتمع الدولي إلى تجديد جهوده لتعزيزها، ذلك في وقت فشلت فيها المساعي الدبلوماسية.

جاء ذلك خلال البيان الذي أدلت به سعادة السفيرة لانا زكي نسيبة المندوبة الدائمة للدولة لدى الأمم المتحدة، أمام جلسة المناقشة التي عقدها مجلس الأمن الدولي أمس برئاسة نائب وزير خارجية روسيا سيرجي فيرشينين حول الوضع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ولفتت سعادتها إلى أنه يتعين على المجتمع الدولي تجديد الالتزام بالمبادئ والمفاهيم الرئيسية التي أدت إلى إنشاء النظام العالمي الحالي ووضع المفهوم المشترك للسياق التاريخي كأساس في صنع السياسات كما أكدت السفيرة نسيبة على أنه يتعين على جميع الجهات الفاعلة أن تقبل بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة.

وذكرت سعادة السفيرة نسيبة في هذا السياق بأن إيران بشكل خاص تنتهك باستمرار هذه القواعد، مشددة على أهمية إنهاء إيران لتواجدها غير المسؤول على الأرض في شكل ميليشيات وجماعات إرهابية، داعمة في هذا الخصوص ما جاء على لسان ممثل الولايات المتحدة في اجتماع المجلس “في كل ساحة حرب وفي كل عمل إرهابي نجد إيران وحزب الله هما سبب في العنف في الشرق الأوسط”.

ودعت الدول الأعضاء إلى تقديم الدعم إلى الدول المتشابهة الفكر في “العالم العربي” المعتدل الذي يعمل على تحويل مسار منطقة الشرق الأوسط نحو الاستقرار والتنمية، ورفض أي نظام دولة يقوم على الفكر المتطرف.

وأضافت “إن الاستقرار الحقيقي في الشرق الأوسط يتطلب اتخاذ قرار ودور قيادي عربي، إذ يجب علينا ألا نكرر أخطاء القوى الكبرى بعد الحرب العالمية الأولى التي اعتقدت أن لديها معرفة أفضل من سكان المنطقة الذين عانوا من تبعات هذا النهج.

وذكرت سعادة السفيرة نسيبة مجلس الأمن بأن قبل أن تصل الأوضاع إلى ما عليه الآن في اليمن، كانت حكومته الشرعية تقود اليمن كدولة قادرة على أداء وظائفها، وذات عملية واضحة للانتقال السياسي.

ونوهت إلى أنه كان حريا بمجلس الامن اتخاذ قرار أكثر حسما عندما استولى الحوثيون على صنعاء في سبتمبر 2014 وتسببوا في انهيار نظام الدولة اليمني والانزلاق إلى حرب أهلية، وأوضحت “لولا تدخل التحالف بناء على طلب الحكومة الشرعية ووفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2216، لَكُنا اليوم نتعامل مع دولة خارجة على القانون تسيطر عليها ميليشيا غير شرعية تمثل 3% من سكان اليمن ولكنها تسعى للتحكم في 27 مليون يمني”.

وحول الوضع في سوريا أكدت السفيرة نسيبة على أن القيام بدور عربي بارز أساسي لحل الصراع في سوريا. وقالت “يكمن مستقبل سوريا كدولة عربية من خلال حل عربي إقليمي بدعم من المجتمع الدولي والأمم المتحدة”.

وأكدت على أنه لا يمكن التصدي للنزاعات الناشئة دون حل النزاعات القديمة أولا، معتبرة في هذا الإطار الدعوة لإنشاء دولة فلسطينية بأنها ستظل القضية ذات الصدى المدوي التي تستنفر وتجتذب مناصري الفكر المتطرف، وأحد الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار الإقليمي. وقالت “لن تحصل إسرائيل على مكان آمن إذا ظلت هذه القضية أحد الأسباب الجذرية”.

كما تطرقت سعادتها إلى بعض الاتجاهات الإيجابية بالمنطقة، مشيدة بالجهود التي بذلها العراق لهزيمة داعش، كما هنأت الشعب العراقي على النجاح الذي حققه في عملية الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وأعربت عن تطلع دولة الإمارات إلى تجديد الدور العراقي في المشهد السياسي العربي.

وأشارت سعادة السفيرة نسيبة إلى أن الجهود الدبلوماسية في منطقتنا لن يكتب لها النجاح إلا في إطار استعادة الثقة، وقالت “لتحقيق بذلك، نحن بحاجة إلى شركاء يتسمون بالصدق والشفافية ورؤية جماعية لأمننا المشترك”.

وعزت سعادتها التدابير الدبلوماسية التي اتخذتها دولة الإمارات منذ أكثر من عام ضد دولة قطر كون دول المنطقة باتت غير قادرة على تحمل سياساتها ودعمها للجماعات التي تقوض الاستقرار في المنطقة وفي جميع أنحاء العالم.

وأكدت على أن دولة الإمارات ستكون على الدوام ضمن مجموعة مشتركة تضم من يرفضون الفكر الإيديولوجي المتطرف بجميع أشكاله، كما أنها ستسعى نحو المشاركة السلمية في رؤية إيجابية ومعتدلة وشاملة، وأيضا نحو التعاون مع حلفائها بنشاط لتحقيق الاستقرار ودفع التقدم بالمنطقة.

وذكرت بأن الرواد في المنطقة هم من يسعون لخلق مجتمعات مزدهرة، وهم من يحمون حقوق الأقليات ويحتفون بتنوع الأعراق والعقائد، كما أن بناء مؤسسات قوية والحفاظ عليها هو المفتاح لتحقيق ذلك. مشيرة إلى التزام دولة الإمارات بتقوية مؤسساتها القائمة على إشراك الجميع والمبنية مبادئ الشفافية والحكم الرشيد، مما أدى إلى تزايد قوة الثقة الاجتماعية. ونوهت بضرورة أن يحترم المجتمع الدولي للصوت المتساوي للعالم العربي في تقرير مستقبله الجماعي، داعية إلى تجديد جهودنا لبناء مؤسسات قوية في جميع أنحاء المنطقة لتجديد الثقة فيها.

واختتمت سعادة السفيرة لانا نسيبة بيانها مشددة على أهمية إيجاد نموذج مستقبلي متفائل للمنطقة يبدأ في وضع تصور لما يطمح الوصول إليه وتحديد كيفية تحقيقه.

انتهى