مشاركة

معلم ثقافي بحلة تراثية إماراتية

في الوقت الذي كانت تستعد فيه الإمارات العربية المتحدة لخوض انتخابات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث قادت الدبلوماسية الإماراتية حملة ناجحة، أعادت الدولة إلى عضوية المجلس بعد 35 عاماً من تجربة أولى ثرية، احتفلت دول الإمارات بإنجاز مهم آخر، وهو افتتاح المبنى الجديد لبعثتها الدائمة في نيويورك، وقد بدأ تنفيذ المشروع خلال الأسبوع رفيع المستوى للدورة 72 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2017.

يقع مقر الأمم المتحدة في قلب حي “تيرتل باي”، وبالقرب منه في شارع 46 شرق، الجادة الأولى في منهاتن، وقع الاختيار على موقع بناء مقر البعثة، وهو من تصميم مكتب الاستشارات الهندسية “سكيدمور أوينغر وميريل”، حيث يمنح الموقع الاستراتيجي لمقر بعثة الدولة، فرصة استمرار تقوية علاقاتها مع القادة والمجتمع الدبلوماسي من مختلف أنحاء العالم الذين يجتمعون في الأمم المتحدة.

وجاء تصميم المبنى كمشروع تراثي يتناسب مع المناظر الطبيعية وجماليات البناء في نيويورك، فهو مستوحى من مباني المدينة العريقة التي يغلب عليها طراز “آرت ديكو”، مع مزيج من التراث والطابع الإماراتي العربي، ويتضح ذلك جلياً فوق البوابة الرئيسية، حيث الشريط الزخرفي (الأفريز) يرمز إلى سعف النخيل الريشي الشكل ذي النهايات الحادة (وهي عبارة عن دعامات من الحجر الجيري المتدرج القطع)، والذي يضيق كلما ارتفعنا من الطابق الثاني إلى أعلى البناء، بما ينعكس على الإضاءة الداخلية وخصوصية المكان.

وتبدأ الجولة في المكان من الطابق الأرضي، حيث يشعر الزوار بالبيئة الإماراتية الترحيبية، ويختبرون مساحة تراثية أكثر لدى وصولهم إلى الفناء الداخلي، وهو عنصر مهم في تصميم العمران التراثي العربي. وبعد الاستقبال ينتقل الزوار إلى الطابق الثاني بطرازه الحديث وألوانه المبهجة.

وقد تم تصميم الديكورات الداخلية والأثاث من قبل المصممة “ندى دبس” ومقرها بيروت، وذلك من أجل خلق تصاميم داخلية معاصرة تتماشى مع هويتنا العربية الخالدة، فكانت المشابك الخشبية في العديد من الطوابق، و”المشربية” التي تمتد فوق النافذة، وهي من فنون العمارة الإسلامية، وغيرها من الجماليات التي تجدها في أرجاء المكان. كما توزعت قطع السجاد التي صنعتها النساء الأفغانيات اللواتي يستفدن من “مبادرة فاطمة بنت محمد بن زايد”، لإنتاج السجاد وتطوير الريف الأفغاني من خلال خلق فرص عمل لهن في نسيج السجاد التقليدي.

من الجدير بالذكر أن المبنى حاصل على المستوى الذهبي وفق تصنيف “ليد”، حيث يتم استخدام أجهزة استشعار الحركة والتحكم في الإضاءة، وبالتالي تقليل استهلاك الطاقة، بما يؤكد التزام دولة الإمارات بالاستدامة البيئية وتحقيق صافي الانبعاثات الصفرية. وعبر المهندسون عن تقديرهم لهذا الصرح الدبلوماسي الذي سيخدم دولة الإمارات لعقود قادمة.