مشاركة

تلقيه الآنسة/ فاطمة يوسف

السيدة الرئيس،

في البداية، أتوجه بعميق الشكر إلى معالي الوزير راسموسن على عقد هذا الاجتماع الهام، كما أشكر الأمين العام على مداخلته القيمة هذا الصباح.

وأضم صوتي إلى البيان الذي أدلى به الأردن بالنيابة عن المجموعة العربية، وبيان ناورو نيابة عن مجموعة أصدقاء المناخ والسلام والأمن.

السيدة الرئيس،

إن التحديات بالغة التعقيد التي تشهدها عمليات السلام التابعة للأمم المتحدة اليوم تحتم علينا  تبني حلول مبتكرة ومستدامة، تتماشى مع متطلبات العصر وتطلعات الشعوب نحو الاستقرار.

فلا بد من تعزيز قدرة عمليات حفظ السلام على التكيف، وتقديم الاستجابة السريعة، والمرونة في مواجهة الظروف غير المتوقعة، كالكوارث الطبيعية، أو الأزمات الإنسانية، أو السياسية أو الاجتماعية.

وأود، في هذا السياق، تقديم ثلاث توصيات رئيسية تهدف إلى تعزيز جاهزية عمليات السلام:

أولاً: من المهم أن تتحلى ولايات عمليات حفظ السلام بالمرونة، وبالأخص في ظل الظروف المعقدة والمتقلبة التي تواجهها.

وفي هذا الإطار، نحث مجلس الأمن على النظر بجدية في إنشاء أطر عمل لبعثات مرنة، توظف التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي، وفقًا لما أوصت به دراسة “مستقبل حفظ السلام” الصادرة عن إدارة عمليات السلام التابعة للأمم المتحدة العام الماضي. هذا النهج لا يعزز قدرة البعثات على التكيف مع المتغيرات فحسب، بل يضمن استمرار فعاليتها وأهميتها في مواجهة التحديات المستقبلية.

ومن جانبٍ آخر، فهناك حاجة إلى ولايات واضحة الأهداف، ومحددة الغايات، وقابلة للتكيف مع التطورات المتسارعة، حيث أن الولايات الجامدة التي تفتقر إلى استراتيجيات إنهاء واضحة ومحددة قد تطيل أمد البعثات دون تحقيق أهداف ملموسة أو مستدامة، مما يؤدي إلى استنزاف الموارد البشرية والمالية، ويقلل من الثقة في هذه العمليات. لذلك، يجب أن تتيح ولايات عمليات حفظ السلام إجراء تعديلات وتقييمات دورية، بما يشمل الخفض التدريجي لنطاق العمليات أو إعادة توجيهها عند الحاجة، لتتماشى مع الاحتياجات الفعلية.

ثانياً: يتعين على مجلس الأمن أن يدرج خطط التواصل الاستراتيجي ضمن ولايات عمليات حفظ السلام، مع ضمان تنفيذها بفعالية على المستويين المحلي والدولي. ويتطلب ذلك اعتماد نهج استباقي لتوفير معلومات دقيقة وفي الوقت المناسب، والتصدي للروايات المغلوطة التي قد تشوه صورتها أو تعيق عملها، وتفاقم من مخاطر انتشار خطاب الكراهية والعنف، والتي قد تعرض سلامة قوات حفظ السلام للخطر.

وأود هنا أن أشير إلى قرار مجلس الأمن رقم 2686، بشأن “التسامح والسلام والأمن الدوليين”، والذي يبرز أهمية التواصل الاستراتيجي كأداة فعالة لبناء السلام. وأحث على تنفيذه بالكامل بما يشمل وضع آليات ضمن عمليات حفظ السلام لرصد خطاب الكراهية، والعنصرية، والتطرف، وتقديم التقارير عنها بشكل دوري.

ثالثاً: من المهم الإصغاء لأصوات الأطراف الأقرب إلى النزاع والأكثر تأثراً به، بما يشمل الأطراف الإقليمية، نظراً لإلمامهم بالسياق الثقافي والاجتماعي، وخبرتهم العملية، وعلاقاتهم الوثيقة مع الأطراف المعنية.

كما يجب تعزيز استراتيجيات حفظ السلام الشاملة بحيث تشمل جميع الجهات الفاعلة في الدول المضيفة، لاسيما النساء والشباب، باعتبارهم عنصرًا حاسمًا لبناء سلام مستدام يمتد لأجيال قادمة، ويعكس تطلعاتهم نحو مستقبل أفضل.

وفي الختام، علينا أن نتحرر من قيود “النهج الواحد للجميع” الذي قد لا يلبي احتياجات كل حالة على حدة، وأن نتبنى بدلاً من ذلك إطار عمل حديث وديناميكي يقوم على المرونة، والتكامل، والإبداع. هذا الإطار هو السبيل لضمان بقاء عمليات السلام فعالة، حيوية، وقادرة على التكيف مع المشهد العالمي المتغير.

وشكراً، السيدة الرئيس.