مشاركة

يلقيه الشيخ/ محمد بن خليفة آل نهيان 

السيد الرئيس،

في البداية، يطيب لدولة الإمارات العربية المتحدة أن تعرب عن خالص امتنانها وتقديرها للقاضيين، نواف سلام وعبد القوي أحمد يوسف، اللَّذَيْنِ تنحَّيا من عضوية المحكمة هذا العام.

ويسر دولة الإمارات أن ترحب برئيس المحكمة الجديد، القاضي يوجي إواساوا، والقاضي المنتخب حديثًا، محمود ضيف الله الحمود، مع تمنياتنا لهما بالتوفيق والنجاح في الاضطلاع بمسؤولياتهما في دعم القانون الدولي. وفي ضوء الانتخابات المقبلة لشغل المنصب الشاغر الذي خلّفه القاضي يوسف، تحثّ دولة الإمارات الدول الأعضاء على التعامل مع الانتخابات بروحٍ من المسؤولية تجاه المحكمة والأجيال المقبلة.

إن تنوّع القضايا المعروضة على محكمة العدل الدولية واتساع نطاقها الجغرافي يؤكدان الطابع العالمي للمحكمة. وانطلاقًا من حرصها على ضمان تطبيق القانون الدولي واحترامه على نطاق واسع من قِبَل الجميع، يظلّ موقف دولة الإمارات راسخاً في دعم عمل محكمة العدل الدولية باعتبارها الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة لتسوية المنازعات الدولية بالوسائل السلمية، وفقًا لمبادئ العدالة والقانون الدولي.

السيد الرئيس،

إن النشاط المتزايد لمحكمة العدل الدولية، سواءً في القضايا الخلافية أو في الآراء الاستشارية، يعكس ثقة الدُّولِ في قدرة المحكمة على الاضطلاع بولايتها على نحو فعّال، كما أن الولاية القضائية للمحكمة، التي لا تزال تحظى بأهمية قصوى، وقد خضعت لها بلادي هذا العام في قضية خلافية، تستوجب التحلي بالمسؤولية عند اللجوء إليها، تجنّباً لإشغال المحكمة بقضايا تفتقر إلى أسس جدّية، فهذه الولايةتُمثّل جوهر الأداء الفعّال للمحكمة بوصفها الجهاز القضائي الرئيسي في منظومة الأمم المتحدة. ومن هذا المنطلق، ترحب دولة الإمارات بقرار المحكمة برفض الدعوى التي رُفِعت ضد بلادي في وقت سابق من هذا العام وشطبها من قائمتها العامة لعدم وجود أساس لها.

وفيما يتعلق بوظيفتها الاستشارية، قدّمت محكمة العدل الدولية مجددًا رؤى قيّمة حول قضايا مهمة في القانون الدولي. وفيما يخص رأيها الاستشاري بشأن التزامات الدول فيما يتعلق بتغيّر المناخ، فإن آراء المحكمة سوف تسهم في توجيه الدول في جهودها الرامية إلى مواجهة آثار تغيّر المناخ، الذي يشكّل تهديدًا وجوديًا غير مسبوق للبشرية. كما نرحب بالرأي الذي أصدرته المحكمة مؤخراً بشأن التزامات إسرائيل المتصلة بوجود أنشطة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى والدول الثالثة فيما يتعلق بالأراضي الفلسطينية المحتلة؛ حيث يؤكد الرأي الاستشاري للمحكمة أن عمل الأمم المتحدة وسائر الجهات الإنسانية في غزة أمر لا غنى عنه. إن توضيح الالتزامات القانونية الواقعة على إسرائيل باعتبارها السلطة القائمة بالاحتلال، والتي تشمل الالتزام بالموافقة على خطط الإغاثة التي تقدمها الأمم المتحدة وكياناتها، وتيسيرها، والالتزام بضمان تمكين المجتمع الدولي بأسره، بما في ذلك منظمات الإغاثة والدول الثالثة مثل دولة الإمارات العربية المتحدة، من التواجد وتقديم المساعدة للسكان في فلسطين، يأتي في وقت حرج، وسيسهم بلا شك في دعم جهودنا الجماعية لضمان استمرار تدفق المساعدات المنقذة للحياة إلى غزة على نطاق واسع.

السيد الرئيس،

تؤكد دولة الإمارات دعمها القوي للولاية الفريدة التي تضطلع بها محكمة العدل الدولية، وتُقدّر دورها في تعزيز سيادة القانون في العلاقات الدولية، بما يسهم في ترسيخ التعايش السلمي بين الدول؛ حيث تشكل أحكام المحكمة وآراؤها الاستشارية ركيزة أساسية في تطوير الإطار القانوني الدولي. بالإضافة إلى ذلك، تواصل تفسيراتها الموثوقة للقانون الدولي في المساهمة في توجيه أعمال الدول المستقبلية بما يتوافق مع المبادئ القانونية الراسخة.

وتؤمن دولة الإمارات أن سيادة القانون واحترام ميثاق الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدوليين أمران في غاية الأهمية، ومن ثمّ يجب التمسك بهما وتعزيزهما على الدوام. ومن الضروري دائمًا التذكير بأن دور سيادة القانون محوريًا في انتظام عمل النظام الدولي، لا سيما حين يتّسم هذا النظام بتفاوتات عميقة في موازين القوة والنفوذ والفرص؛ إذ لا يمكن لسيادة القانون أن تحقق وعد السلام المستقر بوصفه بديلًا عن النزاعات المزعزعة للاستقرار، إلا من خلال التطبيق المتسق للأعراف والقيم التي كرّسها ميثاق الأمم المتحدة، بما في ذلك المساواة في السيادة، والسلامة الإقليمية، وحظر استخدام القوة.

وختاماً السيد الرئيس، تُعبّر دولة الإمارات العربية المتحدة عن تقديرها ودعمها لجهود محكمة العدل الدولية في تعزيز الوعي بالقانون الدولي وتوسيع نطاقه من خلال منشوراتها وتقاريرها، وتؤكد دولة الإمارات التزامها الراسخ بدعم مبادئ القانون الدولي وصون القيم التي يقوم عليها النظام الدولي.

وشكراً السيد الرئيس.