دعت الإمارات العربية المتحدة مجلس الأمن الدولي إلى تعزيز الوساطة وعمليات المصالحة للتوصل إلى تسويات سياسية تتسق مع القوانين الدولية والتطلعات المشروعة للشعوب، مؤكدة في هذا الصدد على المحور الأساسي الذي تنتهجه دولة الإمارات في سياستها الداخلية والخارجية، بما في ذلك التزامها بنشر مبادئ التسامح والتعايش واتباع الحلول السياسية للتصدي للعديد من التحديات الناشئة.
جاء ذلك خلال البيان الذي أدلت به السيدة أميرة الحفيتي، نائبة المندوبة الدائمة للدولة لدى الأمم المتحدة، أمام المناقشة المفتوحة التي عقدها مجلس الأمن الدولي أمس “الثلاثاء”، حول البند المتصل بـ “بناء السلام والحفاظ عليه: دور المصالحة في صون السلم والأمن الدوليين”.
وتطرقت السيدة الحفيتي خلال البيان إلى المرحلة الدقيقة والمعقدة التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط، لافتة إلى أن الظروف الحالية قد تهيئ الفرصة لبناء نظام إقليمي جديد يرتكز على احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول إذا ما تم معالجة هذه التحديات بحكمة وصبر وعبر تبني العمليات السياسية واتخاذ مواقف حازمة ضد التطرف والإرهاب. وقالت “من هنا يأتي دور عمليات الوساطة والمصالحة التي تعد السبيل الأمثل لتقريب وجهات النظر والتوصل إلى تسويات سياسية تتسق مع القوانين الدولية وتحقق التطلعات المشروعة للشعوب، خاصة تلك التي تنبذ الطائفية والتبعية وتبحث عن الدولة الوطنية القوية والعادلة”.
ونوهت إلى حرص دولة الإمارات على نشر مبادئ التسامح والحوار لتجنيب المنطقة المزيد من الويلات والحروب، مؤكدة على أن التسامح يعد ضرورة حتمية للتوصل إلى المصالحة، ومشيرة إلى تنفيذ أكثر من ألف وخمسمائة مبادرة تهدف إلى تعزيز قيم التعايش السلمي والتبادل الثقافي والديني في الدولة وخارجها، وأعطت مثال على ذلك دعم دولة الإمارات بالتعاون مع منظمة اليونسكو إعادة بناء عدد من المواقع الأثرية والثقافية في الموصل التي دمرها تنظيم داعش ذلك ضمن جهودها لنشر رسالة الانفتاح والاعتدال.
وحثت السيدة الحفيتي الأمم المتحدة على مواصلة العمل على تهيئة بيئة للتصالح فيما بين المجتمعات المحلية خاصة تلك التي مزقتها النزاعات وذلك في إطار خبراتها المعمقة في هذا المجال على مدار السبعة عقود. مؤكدة على أنه لا يمكن تحقيق المصالحة دون اتباع عملية شاملة لبناء السلام، تشمل في استراتيجيتها تعزيز سيادة القانون، والحفاظ على المؤسسات الوطنية، وإعادة الإعمار، ودعم المتضررين. مشددة في هذا السياق على أهمية تحقيق مشاركة واسعة لمختلف فئات المجتمع خاصة النساء والشباب لدورهم الهام في إنجاح عملية بناء السلام.
وحثت كذلك مجلس الأمن على تكثيف التشاور مع الدول المجاورة والمنظمات الإقليمية التي تلعب دورا فاعلا في عمليات الوساطة والمصالحة. مثمنة في هذا الصدد الجهود المخلصة التي بذلتها المملكة العربية السعودية الشقيقة في توحيد الصف اليمني ودورها المحوري في التوصل إلى اتفاق الرياض الذي يعزز الجهود لمواجهة المخاطر والتهديدات التي تستهدف اليمن. كما أشارت إلى أن نجاح جهود الوساطة في السودان يبرهن على الدور الهام للمنظمات الإقليمية والدول المجاورة في التسوية السلمية للنزاعات، وحثت مجلس الأمن على تكثيف التشاور مع المنظمات الإقليمية في إطار الفصل الثامن من الميثاق.
واختتمت السيدة الحفيتي بيانها، مؤكدة على أن عمليات المصالحة لا يمكن تحقيقها بين عشية وضحاها أو بمجرد التوقيع على اتفاق، مشيرة إلى أن الأمر يتطلب العمل المتواصل والتدريجي أيضا لتضميد جراح الصراعات وإرساء قاعدة متينة للتعايش السلمي، وشددت كذلك على ضرورة انخراط أطراف النزاع في عمليات الوساطة والمصالحة بحسن نية وتجنب استغلالها لأغراض سياسية والتوقف عن سوء استخدام وسائل الإعلام لتأجيج المزيد من التوترات.