استضافت دولة الإمارات، بصفتها رئيس مجموعة منظمة التعاون الإسلامي (OIC) في الأمم المتحدة، حوارا بعنوان “توطيد الروابط مع المجتمعات المسلمة: تعزيز الحوار والتفاهم والتسامح وقبول الآخر” بمقر الأمم المتحدة بنيويورك بتاريخ 2 مايو 2019 بمشاركة سعادة /أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة.
وركزت المناقشات على أهمية الحوار بين الأديان باعتباره أحد القيم الأساسية للإسلام، حيث شارك في الحوار كل من رئيس الأساقفة / برناديتو أوزا، المراقب الدائم للكرسي الرسولي لدى الأمم المتحدة، والحاخام / يهودا سارنا، كاهن بالجامعة والمدير التنفيذي لمركز برونفمان للحياة الطلابية للدارسين اليهود بجامعة نيويورك، وسعادة أغشين مهدييف، المراقب الدائم لمنظمة التعاون الإسلامي لدى الأمم المتحدة.
وافتتحت سعادة لانا نسيبة/ السفيرة والمندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة المناقشة بالتأكيد على الحاجة الماسة إلى تعزيز التفاهم والتسامح وقبول بالآخر داخل المجتمعات المسلمة وبين الإسلام والأديان الأخرى، خاصة في ضوء الأحداث الأخيرة التي أظهرت تأثير التعصب والاستقطاب، حيث ذكرت “إنه لأمر مشين أن يتم استهداف الناس في أماكن العبادة الخاصة بهم، وإنها لمأساة في عالمنا الحديث أن نرى الأماكن المقدسة تتطلب بصورة متزايدة توفير الحماية المسلحة من أجل تأمين المصلين الأبرياء وضمان سلامتهم”. وقد التزم الحاضرون دقيقة صمت حداداً على ضحايا الهجمات الإرهابية الأخيرة التي تم خلالها استهداف عدد من المراكز الدينية.
كما أكدت السفيرة نسيبة على الدور الأساسي الذي تقوم به المجتمعات المسلمة في تعزيز الحوار بين الأديان وأضافت: “تترتب علينا هذه المسؤولية كمسلمين ليس فقط لأننا نشكل ربع سكان العالم، ولكن لأن احتضان جميع الأديان والترحيب بشعوبها يُعتبر مبدأ أساسيا في الإسلام”.
وركز المتحدثون الرئيسيون والدول الأعضاء أثناء الحوار على المسؤولية الأساسية للحكومات في تشجيع الاندماج والتعايش السلمي، وسلطوا الضوء على أهمية إعطاء الأولوية لمجال الوقاية، بما في ذلك من خلال معالجة الأسباب الجذرية للتطرف والتعصب، حيث ذكر المشاركون أنه يجب حماية الأقليات الدينية وإدماجها بشكل كامل داخل مجتمعاتها. كما دعا العديد من المشاركين إلى مواصلة تعزيز الخطاب المضاد الذي يُسهم في إعلاء قيم السلام والتسامح، وإلى تمكين القادة الدينيين والنساء والشباب وإشراكهم في الجهود المبذولة لتعزيز المجتمعات الشاملة والسلمية.
وقد سلط الأمين العام في كلمته الضوء على مبادرتين تم إطلاقهما لمكافحة التعصب والعنف القائم على الكراهية، وتتمثل المبادرة الأولى في وضع خطة عمل بقيادة ميجيل موراتينوس، الممثل السامي لتحالف الأمم المتحدة للحضارات، تهدف إلى حماية المواقع الدينية. أما المبادرة الثانية فهي وضع خطة عمل بقيادة المستشار الخاص للأمين العام المعني بمنع الإبادة الجماعية تهدف إلى توسيع نطاق استجابة منظومة الأمم المتحدة لمواجهة خطاب الكراهية. وأضاف الأمين العام “إن هذه الإجراءات ليست كافية إذ يتعين علينا أيضا معالجة الأسباب الجذرية، بما في ذلك معالجة الأسباب الجذرية للفقر وعدم المساواة لأنها تجعل الناس أكثر عرضة للتأثر بالخطاب المتطرف. كما رحب بتأكيد منظمة التعاون الإسلامي على ما ورد في إعلان أبو ظبي الذي تم اعتماده هذا العام بشأن ضرورة التصدي لعدم المساواة وتمكين الشباب وتعزيز المساواة بين الجنسين.”
أما رئيس الأساقفة أوزا فقد أكد في كلمته على العديد من الجوانب الهامة لتعزيز الحوار بين الأديان، وخاصة بين المسيحيين والمسلمين، وأضاف بأن الإعلان المشترك المعنون “الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك” الذي وقعه البابا فرانسيس والإمام الأكبر لجامع الأزهر أحمد الطيب في أبو ظبي في فبراير 2019 أكد بقوة على أنه لا يجب مُطلقا استخدام اسم الله في تبرير أعمال القتل والطرد والإرهاب أو الظلم. كما أكدوا على ضرورة قيام جميع القادة الدينيين بإدانة جميع أعمال الإرهاب التي تُرتكب باسم ربهم الذي يعبدونه”.
أما الحاخام يهودا سارنا فقد تحدث عن تجربته كزعيم ديني يتولى تثقيف الشباب لمناقشة التحديات الجديدة بين الأديان قائلاً “لقد كبر طلابنا في عالم تضاءلت فيه المسافات وتزايد فيه التعرض للمزيد من الثقافات مع تزايد الخطر إلى مستويات أعلى وأعلى”، مُضيفا” لذلك آمل أن يُصبح نموذج التسامح عنصرا أساسيا في تدريب الزعماء الدينيين الجدد”. كما ذكر إنه تطوع للعمل كحاخام للجالية اليهودية بجامعة نيويورك في أبوظبي وأضاف قائلا: “لقد دأبت على الذهاب إلى جامعة نيويورك منذ عام 2010، ولكني لاحظت خلال السنوات القليلة الماضية أن هناك مجتمعا يهوديا بدأ في التشكل وهو أول مجتمع يهودي يتم تأسيسه في العالم العربي منذ قرون”.
أما كلمة المراقب الدائم لمنظمة التعاون الإسلامي لدى الأمم المتحدة فقد سلطت الضوء على دور المنظمة في تعزيز التسامح والتفاهم في مجتمعاتنا، حيث ذكر “هناك دعوات تنادي بتوثيق التعاون بين منظمة التعاون الإسلامي ومنظمة الأمم المتحدة باعتبارهما أكبر منظمتين حكوميتين دوليتين، وأن الاستفادة من موارد كلتا المنظمتين تعتبر أمرا أساسيا في العمل جنبا إلى جنب لمواجهة العديد من التحديات الأساسية المشتركة وخاصة الصراعات في منطقة الشرق الأوسط.”
الجدير بالذكر أن دولة الإمارات العربية المتحدة تتولى حاليا رئاسة مجموعة التعاون الإسلامي في نيويورك بالتزامن مع تولي دولة الإمارات العربية المتحدة رئاسة الدورة السادسة والأربعين لمجلس وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في مارس 2019.