مشاركة

نيويورك: استضافت بعثة دولة الإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة يوم الثلاثاء، 5 مايو، حلقة نقاشية حملت عنوان (الاعتبارات الجنسانية في التدخل الإنساني في أعقاب الصراع: مفهوم متطور).

وتأتي الحلقة النقاشية التي نظمتها البعثة بالاشتراك مع هيئة المرأة التابعة للأمم المتحدة ومعهد جورج تاون للسلم والأمن ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية، ضمن مساهمة الدولة في رفد دراسة عالمية شاملة تتعلق بدعم بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1325 لتسليط الضوء على أفضل الممارسات وتشخيص التحديات المتعلقة بتنفيذ القرار.

وتمحور موضوع النقاش حول الحاجة إلى مشاركة أكبر للنساء في رسم وتنفيذ برامج التدخل الإنساني المتعلقة بالعنف والعنف الجنسي المرتبط بالصراعات لضمان فعاليتها.

وشارك في الحلقة مسؤولون رفيعو المستوى في الأمم المتحدة، فضلا عن خبراء وناشطون متخصصون، كان في مقدمتهم السيدة كيونغ وا كانغ، مساعد الأمين العام للشؤون الإنسانية ونائب منسق الإغاثة في حالات الطوارئ في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، والسيد ينيك كلماريس، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ونائب المدير التنفيذي للسياسات والبرامج في هيئة المرأة التابعة للأمم المتحدة والسيد ديفيد ميليباند، الرئيس والمدير التنفيذي، للجنة الإنقاذ الدولية وصاحبة السمو الملكي الأميرة الهاشمية، سارة زيد، الناشطة العالمية في مجال صحة الأم والوليد والسيدة جولي لافرنير، رئيس منظمة اوكسفام كندا المتخصص في مكافحة العنف الجنساني.

وأشارت المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة، لانا نسيبة، في كلمة افتتحت بها الحلقة إلى أهمية موضوع النقاش باعتباره يأتي في صلب الأهداف التي تتبناها دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث أنه “يكسر الصورة النمطية للمرأة التي تصورها كضحية ويسلط الضوء بدلا عن ذلك على دورها الحيوي في إرساء جهود السلام والأمن الدوليين”.

ونوهت الى إن أحد أهداف إقامة هذه السلسلة من الحلقات النقاشية هو النظر بشكل موضوعي في المسائل الملحة المتعلقة بأجندة المرأة والسلم والأمن لرفد الدراسة العالمية الخاصة بتنفيذ قرار مجلس الأمن 1325.

وقالت السفيرة إن “عدد اللاجئين وطالبي اللجوء والنازحين بسبب الصراعات قد بلغ اليوم نحو 52 مليون لاجئ ومشرد وهو رقم لم يشهده العالم منذ منذ الحرب العالمية الثانية، وأن ثلاثة أرباع هؤلاء هم من النساء والأطفال الذين يتأثرون بشكل متفاوت عن الرجال”، منوهة أن مثل هذه الظروف تفرض على النساء مسؤوليات تتمثل في التكفل برعاية وادارة شؤون باقي افراد الاسرة.

وأكدت على أنه في أحيان كثيرة قد تبدو الدعوة لمراعاة الاعتبارات الجنسانية موضوعا غير ذي صلة، خصوصا في خضم الاندفاع لتقديم المساعدات الانسانية والاغاثة، مما يتسبب في توزيع غير عادل الاغاثات وإغفال موضوع تقديم الحماية والمساعدة للنساء من العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس فضلا عن عدم إشراك المرأة في عملية صنع القرار.

وبهذا الصدد، حذرت بالقول “إن لم يتم مراعاة الجنسانية فهناك خطر من أن تصبح المرأة غائبة عن برامج الإغاثة”، مؤكدة في الوقت ذاته على ضرورة الاستفادة من خبرات النساء المستمدة من الأدوار التقليدية لهن في رعاية الأسرة، وإشراكهن في مرحلة التخطيط لتقديم الاستجابات الإنسانية بما في ذلك الخدمات إذ إن ذلك “سيسهم في زيادة ثقتهن بأنفسهن، ومنحهن فرص أفضل في الحصول على الخدمات الصحية، ويحد من تعرضهن للمخاطر”.

وبينت نسيبة أنه على الرغم من وجود اتفاق عام بين الجهات المهتمة بالبرامج الإنسانية على ضرورة مراعاة الجنسانية في هذا الصدد إلا إنه لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به، مشددة على أن “إحراز تقدم في هذا المجال يتطلب إرادة سياسية، وحسن قيادة، وتمويل، وآليات رسمية” تتمثل في تدابير محددة، مثل جمع واستخدام البيانات المصنفة حسب الجنس والعمر، بما يغني البرامج ويضمن تنفيذ أسرع لها. كما أشارت الى أن خير مثال على سد الثغرات بين العمل الإنساني ومشاريع التنمية هو ما تبذله وزارة التنمية والتعاون الدولي الاماراتية.

ودعت السفيرة في ختام كلمتها الى بذل المزيد من الجهد على صعيد رسم السياسات للتأسيس لأطر عمل تتيح لمنفذي البرامج الإنسانية بإدراج ومراعاة الجنسانية عند تقديم الاستجابة.

وختمت كلمتها بالإشارة إلى أهمية إدماج العمل الإنساني ضمن تنمية المجتمعات، موضحة أنه مع اقتراب مؤتمر القمة العالمية للعمل الإنساني في عام 2016، فإن الوقت قد أزف لإصلاح منظومة العمل الإنساني ولتوفير حماية ومساعدة أفضل للنساء والفتيات وتمكينهن في حالات الطوارئ.

من جانبها، تحدثت السيدة كيونغ وا كانغ، مساعد الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية عن السبل التي يمكن للأمم المتحدة من خلالها وضع نظام مساءلة لضمان الاعتبارات الجنسانية في الاستجابات الإنسانية. وقالت إن النزوح القسري عمق الفوارق القائمة بين الجنسين وإن النساء المشردات يعانين من المزيد من التهميش والإقصاء. كما حثت على اتخاذ تدابير تتعلق بالمساءلة تسمح للوكالات بمعرفة كم من التمويل ينفق على برامج المساواة بين الجنسين.

وأشار يانيك كيلمارس مساعد الأمين العام ونائب المدير التنفيذي للسياسات والبرامج في هيئة المرأة التابعة للأمم المتحدة للمرأة، إلى أن هناك كم هائل من الأدلة يشير الى أن مشاركة المرأة القوية في جهود السلام والأمن يمكن أن تعزز الجهود الإنسانية والإنعاش الاقتصادي، ومنع العودة إلى العنف. ونوه أنه بالرغم من ذلك فإن ما يخصص للمرأة في مجال السلم والأمن هو أقل من اثنين في المائة من مجموع الاستثمار الكلي في هذا المجال.

بدوره تحدث ديفيد ميليباند، الرئيس والمدير التنفيذي للجنة الإنقاذ الدولية عن أهمية الربط بين العمل الإنساني والتنمية ووضع تدابير للمؤسسات تسمح بالتدقيق والتأكد مما يبذل من جهد في هذا الإطار. وأشار إلى التعامل مع النساء والفتيات وكأنهن “قطاع” مثل قطاع الصحة والتعليم يشكل أمرا بالغ الخطورة. وقال إن “من المهم ألا يتم التعامل معهن كقطاع، بل كأشخاص يعانون من عدم المساواة ولديهن طاقات، ويطالبن بنطاق واسع من الخدمات”.

من جهتها تطرقت صاحب السمو الملكي الأميرة سارة زيد، عن أفضل الوسائل لتعزيز ووضع برامج صحية تراعي نوع الجنس في الاستجابة الإنسانية، معتبرة أن “صحة النساء والأطفال ليست حلا سحريا لجميع مشاكلنا، لكننا لا نستطيع مواجهة المستقبل من دون العمل على ضمانها”.

وتطرقت جولي لافنريني التي ترأس برنامج العنف القائم على نوع الجنس ومبادرة الصراع التابع لمنظمة أوكسفام كندا، عن أمثلة من عملها روعيت فيها مسألة الاستجابات الجنسانية، مشددة على أهمية العمل على تمكين المرأة وتحقيق المساواة بين الجنسين لا بد أن يستمر حتى في أوقات الأزمات عبر حشد جهود المنظمات والحركات النسائية المحلية لتفعيل استهداف البرامج الانسانية للنساء.