تعهدت دولة الإمارات العربية المتحدة بمواصلة التزامها بتقديم الدعم الإنساني والإنمائي إلى أفغانستان، سواء في إطار التعاون الثنائي أو المشترك مع الشركاء الدوليين الأخرين داعية في نفس الوقت المجتمع الدولي إلى تعزيز دوره الهادف إلى مساعدة هذا البلد على معالجة أوضاعه الأمنية بما في ذلك دعم قواته الأمنية وإعانته على إتمام عملية السلام والتنمية الاقتصادية والبشرية في ربوعه.
جاء ذلك خلال البيان الذي أدلت به سعادة لانا زكي نسيبة المندوبة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة أمس، أمام الاجتماع الخاص الذي عقدته الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الحالة في أفغانستان والتي رحبت في مستهله باعتماد الجمعية العامة لقرارها السنوي المتعلق بالحالة في أفغانستان.
كما شددت على أهمية تحقيق السلام والاستقرار في أفغانستان على المدى الطويل وذلك من خلال عملية سلام شاملة بقيادة أفغانية، مشيدة في هذا الصدد بالدور الهام الذي يبذله كل من الأمين العام وممثله الخاص رئيس بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان من أجل تحسين الاتساق والتنسيق الدولي الداعم لهذه العملية، مؤكدة على أن حشد الجهود الداعمة لهذا البلد يعد السبيل الأفضل لخلق مسار آمن ومستدام يضمن تحقيق تنمية شاملة وطويلة الأمد لجميع أفراد الشعب الأفغاني.
وأعربت نسيبة عن قلق دولة الإمارات البالغ تجاه الأحداث المأساوية التي شهدتها أفغانستان خلال السنوات الأخيرة والمتمثلة بزيادة عدد الهجمات الإرهابية المستهدفة للمدنيين وقوات الأمن الوطنية، مشيرة إلى أن الحكومة الأفغانية والشعب الأفغاني يقفان على خط المواجهة في الحرب العالمية ضد الإرهاب والتطرف.
وذكرت بالضرر الذي لحق دولة الإمارات من جراء إحدى الهجمات العنيفة التي وقعت في أوائل هذا العام وأسفرت عن استشهاد جمعة الكعبي سفير الدولة لدى كابول، بالإضافة إلى خمس آخرين من زملائه الدبلوماسيين الإماراتيين، إلى جانب إحدى عشر أفغانيا، وتسبب أيضا بإصابة عدد كبير من الأشخاص الآخرين.
وقالت “نحن نعلم أننا لسنا وحدنا من يشعر بالقلق إزاء هذا الوضع.
فالولايات المتحدة الأمريكية وعشرات الدول الأخرى يتصدون بفعالية لانعدام الأمن في أفغانستان منذ سنوات” .
وأشادت في هذا السياق بالجهود التي تبذلها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والشركاء في حلف الناتو وآخرون من أجل إحلال السلام والاستقرار في هذا البلد، ودعم وإعادة بناء مؤسساته وهياكله الأساسية.
ورحبت بشكل خاص “بالاستراتيجية الجريئة” التي انتهجتها الإدارة الأمريكية وجددت بموجبها الزخم اللازم للتصدي للحالة الأمنية في أفغانستان ورسمت الطريق لاستمرار مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في تحسين الأوضاع على الأرض.
وألقت السفيرة نسيبة الضوء على الوضع العام في أفغانستان مشيرة إلى أنه وبالرغم من التقدم الايجابي الكبير التي تم إحرازه على الساحة الأفغانية، إلا أن طريق السلام والاستقرار في هذا البلد لا يزال طويلا وشاقا، ويتطلب من المجتمع الدولي ألا يكرر أخطاء الماضي، حيث أدى الانسحاب والتخلي عن أفغانستان إلى تمكين المتطرفين من الاستيلاء على أراضيه.
ووجهت بهذا الصدد دعوتها للمجتمع الدولي لمواصلة معالجة الأوضاع الأمنية في أفغانستان، وتقديم الدعم لمساعي إنجاح عملية السلام، وتكثيف الجهود الداعمة للقوات الأمنية الأفغانية، وتشجيع التنمية الاقتصادية والبشرية.
كما استعرضت السفيرة نسيبة جانبا من الجهود التي بذلتها دولة الإمارات على المستويين الثنائي والدولي من أجل تحسين حياة الشعب الأفغاني وتحقيق السلام والاستقرار والازدهار في بلادهم، وبما يعكس بنتائجه الإيجابية باتجاه الحفاظ على أمن واستقرار المنطقة برمتها. وأعطت مثالا على ذلك مشاركتها بقوات إماراتية في بعثة القوة الدولية للمساعدة الأمنية في أفغانستان منذ عام 2003، وذلك دعما منها للحكومة الشرعية في أفغانستان ولشركائنا في حلف الناتو.
ورحبت أيضا ببيان الدكتور عبد الله الرئيس التنفيذي لأفغانستان أمام الاجتماع والذي أكد خلاله على أن هزيمة الإرهاب تشكل حجر الزاوية في الاستراتيجية الأمنية لبلاده، وقالت “إننا نؤمن معا بأن مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله هي أبلغ من أي تصريحات تقال. ويحب علينا أن نتفق على ضرورة محاربة الإرهاب بجميع أنواعه، فلا يوجد إرهاب جيد وإرهاب سيئ”.
ونوهت إلى ما قدمته دولة الإمارات منذ سبعينات القرن الماضي من مساعدات إنمائية خصصت لإعادة الإعمار ودعم الجهود الإنمائية والإنسانية في جميع أنحاء أفغانستان، موضحة بأن هذه المساعدات تجاوزت قيمتها الـ 680 مليون دولار، لافتة الى أبرز هذه المشاريع كمشروع الإسكان والتنمية المجتمعية في كابول، وأيضا مشروع إعادة بناء مطار مزار شريف بالتعاون مع ألمانيا ودول أخرى، وكذلك مشروع تحسين الطريق السريع 611 الذي يعد شريان المرور الرئيسي في البلاد وذلك بالاشتراك مع المملكة المتحدة.
وذكرت بأنه وإيمانا منها بأهمية المؤسسات التعليمية في بناء مستقبل واعد للأجيال الشابة، وخاصة في المناطق المتضررة من النزاعات، قامت دولة الإمارات بافتتاح جامعة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بولاية خوست في أفغانستان لتدريس الطب والهندسة والتكنولوجيا والقانون وغيرها من التخصصات الأخرى، كما قامت أيضا وفي إطار إدراكها لأهمية إشراك القادة الدينيين في غرس وترسيخ قيم السلام والتسامح والتعددية، بتدريب ما يقارب 20 ألف إمام أفغاني لنشر التسامح والتوعية حول قيم الوسطية في الإسلام، والعمل على إزالة أسباب الفرقة والاختلاف، وتعزيز السلام، وتشجيع المشاركة الشاملة في البلاد.
واختتمت سعادة السفيرة نسيبة بيانها مشددة على أهمية الاهتمام بتعزيز الدور الأساسي الذي تلعبه المرأة في مجال إرساء السلام والأمن في أفغانستان، استنادا للمبادئ الواردة في قرار مجلس الأمن رقم 1325 والقرارات الأخرى اللاحقة ذات الصلة بمسألة المرأة والسلام والأمن، والتي تشكل الإطار الرئيسي لعملية إدماج المرأة في بناء مجتمعات مستدامة وشاملة للجميع، مستعرضة بهذا الخصوص المشاريع التي قامت بتنفيذها دولة الإمارات بهدف تحسين وضع المرأة في المجتمع الأفغاني، بما في ذلك مشاريع تمليك الأسر والنساء لأعمال انمائية وتجارية صغيرة تهدف إلى تمكينهن من إعالة أسرهن.