تلقيه السيدة أميرة الحفيتي، نائبة المندوبة الدائمة
السيد الرئيس،
بدايةً، أشكر السيدة دي كارلو والسفيرة كامبوج على إحاطتيهما الوافيتين، ونرحب بمشاركة السفير طاهر السني في جلسة اليوم ونشكره على احاطته الهامة بشأن الوضع في ليبيا. ونعرب عن خالِص تعازينا ومُواساتِنا له وللشعب الليبي وعائلات الضحايا المدنيين جرّاء اشتباكات طرابلس الأخيرة، وكذلك ضحايا حادثة صِهريج الوقود التي وقَعَت في بلدية بنت بِية، بداية الشهر الحالي.
وللأسف، تُشكل مثل هذه الحوادث وغيرها جانباً آخراً من المُعاناة اليومية للشعب الليبي الشقيق، الذي لا تزال تَتَوالى عليه المصاعب والأزمات، وفي مُقدِمَتِها المسائل المتعلقة بتوفير الطاقة والمياه والكهرَباء وارتفاع أسعار السِلَع الأساسية، في الوقت الذي أصبحَ فيه الوضع الأمني خطيراً، لاسيما مع استمرار المواجهات المسلحة، خاصة في العاصمة.
وعليه، أدانت دولة الإمارات أعمال العنف المسلح الأخيرة في ليبيا، ودعت كافة الأطراف إلى وقف العمليات العسكرية بشكلٍ فوري، ونؤكد على أهمية خروج كافة الجماعات المسلحة والمليشيات من المناطق المدنية في مدينة طرابلس على نحوٍ عاجل، وضمان أمن وسلامة المدنيين العُزّل، خاصة النساء والأطفال، والمرافق المدنية والطبية وعدم تعريضهم للمزيد من الخطر. ونذكر هنا الجهات المعنية وكافة الأطراف في دولة ليبيا بالتزاماتهم بموجب القانون الإنساني الدولي، وندعوهم كذلك إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والاستماع لصوت العقل والحكمة، للخروج من الأزمة الراهنة. وتحث دولة الإمارات على نبذ الفُرقة وإعادة التهدئة وتغليب لغة الحوار الجاد والمصلحة الوطنية، لإعادة الأمن والاستقرار إلى ليبيا، إذ أن الرجوع للاشتباكات والتصعيد ليس حلاً ولن يعود إلا بالخراب على كافة الليبيين.
السيد الرئيس، استعراضاً للأوضاع الراهنة، نود أنْ نُرَكّز في بيانِنا على أربعة جوانِب هامة:
أولاً، ندعو كافة الأطراف الليبية إلى اتخاذ خُطُواتٍ ملموسة لتوحيد المؤسسات العسكرية ومعالجة حالة الانفلات والاقتتال بينَ المجموعات المسلحة في طرابلس وضواحيها، ونُؤيد هنا ما وَرَدَ في البيان الصادر عن بعثة (أونسميل) بشأن الوقف الفوري للأعمال العدائية.
ونُعيد التأكيد في هذا السياق على موقف دولة الإمارات الثابت بشأن أهمية انسحاب كافة القوات والمقاتلين الأجانب والمرتَزَقة من ليبيا على نحوٍ مُتزامن، ومرحلي، وتدريجي، ومتوازن. كما ندعو للحفاظ على المكاسب الناتجة عن الاتفاقية الشاملة لوقف إطلاق النار، ومخرجات خارطة الطريق وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.
ثانياً، لقد آن الأوان للفُرَقاء في ليبيا تقديم التنازُلات المطلوبة بهدف التوصل لاتفاقٍ حولَ النِقاط الخِلافية الُمتَبقية في مُسَوَّدَة الدستور، ومن ثَمَّ عَقْد الانتخابات البرلمانية والرئاسية، بوصفِها خُطُواتٍ ضرورية لإنهاء الجُمود في العملية السياسية، فَبعد مُجرَيات الفترة الأخيرة، باتَ واضحاً ومعلوماً للجميع الأسباب التي تُعرقِل العملية الانتخابية، والتي بدورها أصبحت رهينةً لتجاذُباتٍ وتحالفاتٍ ومصالح متغيرة لا تخدِم تطلعات الشعب الليبي ورغبة ما يقارب ثلاثة ملايين ليبي من رجالٍ ونساء وشباب تم تسجيلُهُم للمشاركة في الانتخابات.
كما ننوه بأهمية مشروع المصالحة الوطنية القائم على مبادئ المُلْكِيَة والشُمولية الليبية، بقيادة المجلس الرئاسي، والذي يلعب دوراً أساسياً في دعم العملية السياسية واستدامة السلام في كل مناطق ليبيا.
ثالثاً، يَجِب أنْ تَظَل حقوق الشعب الليبي والحِفاظ على ثرواتِهِ وأصولِهِ المُجَمَّدة أولويةً قُصوى، ينبغي صونُها وِفقاً لقرارات مجلس الأمن، ومع مُراعاة مشاغِل الجانب الليبي بشأنِها. كما نرحب هنا بكافة الخُطُوات المُتَّخَذَة لتوحيد وتحييد المؤسسات المالية والحيوية، بما في ذلك قِطاعي الطاقة والنفط. ومع إيلاء الأهمية للأوضاع الأمنية والسياسية، لا يجب إغفال الوضع الاقتصادي الذي يلعب أيضاً دوراً هاماً في دعم استقرار البلاد.
رابعاً، نتطلع إلى أن يُعين الأمين العام مُمَثلِه الخاص إلى ليبيا، بحيث يقود البعثة الأممية من طرابلُس ويحظى بدرجةٍ كافية من التوافق، ويدعم الليبيين في نزع فتيل التوترات وتعزيز مسار العملية السياسية والمسارَين الأمني والاقتصادي.
وختاماً، نؤكد على أنَّ الشعب الليبي الشقيق يستحقُ العيشَ في سلام وبالتالي نأمل أنْ تضع كافة الأطراف في ليبيا بعين الاعتبار التدابير التي تُحقق طموحات هذا الشعب في إحلال السلام والأمن والتنمية في ليبيا.
وشكراً، السيد الرئيس.