مشاركة

تلقيه الآنسة تحرير المرزوقي، سكرتير ثالث

السيد الرئيس،

أتقدم لكم بالتهنئة على توليكم رئاسة أعمال اللجنة القانونية، متمنياً لكم ولأعضاء فريقكم النجاح والتوفيق، وأؤكد لكم على استعداد وفد دولة الإمارات لتقديم التعاون والدعم اللازم طوال فترة رئاستكم.

كما تؤيد دولة الإمارات البيانين اللذين تم الإدلاء بهما باسم منظمة التعاون الإسلامي وحركة عدم الانحياز.

السيد الرئيس،

على الرغم من التقدم الذي أحرزه المجتمع الدولي في مكافحة خطر الإرهاب، إلا أن الجماعات الإرهابية تواصل تطوير أساليبها وتغيير استراتيجياتها لتحقيق أهدافها التي تهدد السلم والأمن الدوليين. ويقلقنا بشكلٍ خاص استمرار الجماعات الإرهابية في استغلال الصراعات، والظروف الاقتصادية المتدهورة، والفراغ الأمني في المناطق التي تغيب عنها سيطرة الحكومات، لبسط سيطرتها ونشر أجندتها. وفي هذا السياق،  يُقلقنا بشدة قيام الجماعات الإرهابية، كتنظيم داعش، باستغلال الأعمال المتطرفة والمعادية للإسلام، مثل حرق القرآن الكريم، في التجنيد  والتحريض على شن هجمات إرهابية.

وبناء على ذلك، أود التركيز على المسائل الهامة التالية:

أولاً، تشدد دولة الإمارات على ضرورة مواصلة تعزيز الأطر القانونية الوطنية والدولية لمكافحة الإرهاب، وضمان تنفيذ الدول الأعضاء التزاماتها في هذا المجال، بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. ومن هذا المنطلق، تحرص بلادي على إصدار وتحديث قوانينها بشأن مكافحة الارهاب   وتجريم الأعمال الإرهابية، إلى جانب انضمامها إلى أكثر من 15 اتفاقية إقليمية ودولية معنية بمكافحة الإرهاب.

ونرى أن تفعيل وتسريع جهودنا لوضع صيغة نهائية لاتفاقية شاملة تتعلق بمكافحة الإرهاب الدولي بات مسألة ملحة، فبالرغم من تعدد الاتفاقيات والقرارات الدولية للتصدي للتهديدات الإرهابية المتنامية، ومنها استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، إلا أن القضاء على هذه الآفة يتطلب إبرام اتفاقية دولية شاملة تساهم في تعزيز الإطار القانوني الدولي الخاص بهذه المسألة، وتعالج الثغرات والتناقضات القائمة فيه. ونحن على استعداد للعمل مع كافة الوفود المهتمة بتنشيط المفاوضات المتعلقة بهذه المسألة وحل القضايا العالقة.

ثانياً، لا يجوز ربط الإرهاب، بأي دين، أو جنسية، أو حضارة، أو جماعة عرقية. لذلك، تؤكد دولة الإمارات على ضرورة تجنب استخدام الأسماء والشعارات الدينية عند الإشارة إلى الجماعات الإرهابية، وخصوصاً تنظيم داعش، حيث يتعمد الإرهابيون استخدام واستغلال هذه المسميات الدينية لتجنيد المقاتلين واستقطاب الداعمين لهم. كما أن استخدام الأمم المتحدة والدول الأعضاء لمُسمى “الدولة الإسلامية” يخالف حقيقة أن الإرهاب لا يمت للإسلام بِصِلة.

ثالثاً، يجب منع ومكافحة الاستخدام المتزايد للتقنيات المتطورة والناشئة لأغراض إرهابية، ومنها الذكاء الاصطناعي، والطائرات المُسيرة، والعملات المشفرة، ووسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها من المنصات الرقمية، والتي باتت من أهم الأدوات التي تسعى الجماعات الإرهابية لامتلاكها واستخدامها في تحقيق أهدافها الخطيرة. وندعو في هذا الإطار إلى توسيع نطاق التعاون بين الدول الأعضاء وهيئات الأمم المتحدة المعنية والقطاع الخاص من أجل التوافق على نهج مشترك للتعامل مع هذه التهديدات، بما في ذلك عبر تبادل الخبرات والتجارب وبناء القدرات، وتعزيز الأطر القانونية دون الحد من القدرة على الابتكار.

رابعاً، يجب أن نعمل معاً لبناء قدراتنا القانونية والعملياتية والتكنولوجية لمنع الجماعات الإرهابية، ومنها تنظيم داعش، من استخدام العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس كتكتيك وهدف استراتيجي، ولإذلال السكان وترهيبهم والسيطرة عليهم. لذلك، يتعين علينا تعزيز جهود التعاون والتنسيق، بما في ذلك من خلال الهيئات المعنية في الأمم المتحدة، لضمان عدم افلات الجماعات الإرهابية من العقاب، بحيث يتم محاكمة ومعاقبة مرتكبي هذه الجرائم ضمن نطاق ولاياتنا القضائية وبما يتماشى مع التزاماتنا بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان، والقانون الإنساني الدولي، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

وأخيراً، لن تتكلل جهودنا في مكافحة الإرهاب بالنجاح، ما لم يتم التركيز على الوقاية من التطرف من خلال تعزيز قيم التسامح والتفاهم المتبادل، حيث يظل أسلوب الوقاية من العنف هو أفضل سبيلٍ لحماية الأبرياء. لذلك، لا بد من تركيز تدابير الوقاية على بناء مجتمعات سلمية قادرة على الصمود في وجه التطرف عبر اتباع نهج شامل على مستوى الحكومات والمجتمع بأكمله، وهو الأمر الذي يتطلب الاستثمار في التعليم والتنمية الاقتصادية وتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، بالإضافة إلى تمكين المرأة والشباب.

وتحقيقاً لهذه الغاية، تشدد دولة الإمارات على ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2686 بشأن “التسامح والسلم والأمن الدوليين”، والذي يدعو إلى اتباع نهج شامل في تعزيز التسامح والتعايش السلمي لمعالجة أسباب الصراعات. كما يشجع القرار الجهات المعنية، بما في ذلك القادة الدينيون وقادة المجتمع ووسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، على   تعزيز التسامح والتصدي لخطاب الكراهية والتطرف.

وختاماً، السيد الرئيس، تؤكد دولة الإمارات على استمرار جهودها لتعزيز منظومة الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، سواء من خلال عملنا في هذه اللجنة القانونية أومن خلال رئاسة بلادي للجنة مكافحة الإرهاب لهذا العام، أو غيرها من المحافل الدولية.

وشكراً السيد الرئيس.