مشاركة

السيد الرئيس:

يسعدني في البداية أن أهنئكم على انتخابكم رئيسا للدورة الثانية والسبعون للجمعية العامة، وأن أعرب عن شكرنا وتقديرنا البالِغَين لعَقد هذا الاجتماع الهام، والذي يعكس اهتمام هذه المنظمة بموضوع “الاتجار بالأشخاص”. وأود بهذه المناسبة، أن أشكُر الأمين العام ومكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة على تَقَاريرِهما الشاملة حول كافة الجوانب المتعلقة بجريمة الاتجار بالأشخاص، كما نُرَحّب باعتماد الإعلان السياسي المعني بتنفيذ خطة العمل العالمية لمكافحة الإتجار بالأشخاص.

السيد الرئيس:

إن دولة الإمارات تتعامل مع ملف مكافحة الإتجار بالبشر بصورةٍ جادةٍ وحاسمة، وذلك لقناعتنا بأن الإتجار بالبشر يُشكل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان، واستهانةً بالقيم الإنسانية والدينية والثقافية، ليس على المستوى الوطني فحسب، بل على امتداد العالم. ونظراً لكون دولة الإمارات تستقبل أعداداً كبيرة من العمالة المؤقتة من مختلف الجنسيات سنويا، فقد التزمت بالعملَ بِلا كَللٍ لمكافحة هذه الجريمة، والتصدي للعصابات الإجرامية التي تقوم باستقدام واستغلال العمال والمتاجرة بهم.

وقد بدأت دولة الإمارات حِملَتها لِمُواجهة هذه الجريمةَ على الصعيدين الوطني والدولي منذ عام 2006، وذلك حين أطلقت حملةً شاملة لمكافحة الإتجار بالبشر رسميا تمثلت بإصدار قانونٍ اتحادي بشأن مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص، والذي تم تعديله عام 2015 لتوفيرِ ضماناتٍ أكبرَ لضحايا الاتجار بالبشر بما يتماشى مع بروتوكول باليرمو. وفي 2008، تم إنشاء لجنة وطنية ممثلة من الجهات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني العاملة في هذا المجال، بهدف تنسيق جهود مكافحة جرائم الاتجار بالبشر، وتعزيز الخطط الاستراتيجية على مختلف الأصعدة، وتمكين السلطات من إنفاذ القوانين وتطبيق المعايير الوقائية والرادعة.

كما اعتمدت دولة الإمارات استراتيجية وطنية مبنية على خمسة محاور تتمثل في: الوقاية والمنع، الملاحقة القضائية، العقاب، حماية الضحايا، وتعزيز التعاون الدولي، والتي تتماشى جميعها مع خطة الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار بالبشر. وقد نجحت التدابير الوقائية والقانونية وآليات الدعم الاجتماعي في دولة الإمارات خلال الإحدى عشر سنة الماضية في التصدي لهذه الجريمة بكل شفافية وتوعية المجتمع بها.

وأود من هذه المنصة أن استعرض بعضا من أهم الإجراءات والخطوات التي اتخذتها دولة الإمارات لتنفيذ خطتها الاستراتيجية لمكافحة هذه الجريمة:

  1. في جانب الوقاية والمنع: حيث سَنَّت الدولة القوانين والتشريعات لمواجهة الإتجار بالأشخاص وتقوم بتحديثها بشكل مستمر بما يتوافق مع نصوص بروتوكول باليرمو وغيره من التشريعات الدولية ذات الصلة. كما تم إصدار القانون رقم 15 لسنة 2017 والذي يمثل في مجمله حماية إضافية لحقوق العمالة المساعدة ومواجهة أي نوع من محاولات استغلال هذه الفئات. وضمن جهود المنع وتعريف الجريمة، وبالتعاون مع اللجنة الوطنية لمكافحة الإتجار بالأشخاص، تم طرح
    برنامج دبلوم مكافحة الإتجار بالبشر في الدولة، والذي يتعرض ويعالج جريمة الاتجار بالأشخاص بأسلوب علمي.


     
  2. وفي جانب الملاحقة القضائية والعقاب: تلتزم دولة الإمارات بملاحقة مرتكبي جرائم الاتجار بالبشر ومحاكمتهم وفرض العقوبات عليهم حسب طبيعة الاستغلال، ويسرنا أن نعلن اليوم بأن جهود جهاز إنفاذ القانون قد أدت الى اعتقال 106 متاجراً.

     
  3. وفي جانب الحماية والدعم لضحايا الإتجار: تؤمن حكومة دولة الإمارات بوجوب توفير الحماية والحقوق الانسانية والقانونية لدعم ضحايا الاتجار والاستغلال، لذا حرصت اللجنة الوطنية والجهات المعنية في الدولة بتوفير مراكز الإيواء والتأهيل، وترتيب أوضاع إقامتهم أو عودتهم الى بلدانهم بحسب ظروفهم وبما يضمن سلامتهم وأمنهم.

     
  4. وفي جانب تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإتجار بالأشخاص: انضمت الدولة الى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية عام 2007، والى بروتوكول باليرمو عام 2008، وإلى فريق أصدقاء “متحدون ضد الإتجار بالبشر” في الأمم المتحدة عام 2010. كما أن دولة الإمارات في مقدمة الدول التي دعمت الخطة العالمية لمكافحة الإتجار بالأشخاص، وانضمت إلى العديد من المبادرات الدولية المعنية بمكافحة الاتجار بالأشخاص، وحرصت على تعزيز تعاونها الثنائي والمتعدد الأطراف من خلال عقد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع العديد من الدول والمنظمات الحكومية الدولية المعنية بقضايا حقوق الإنسان والعمالة والهجرة والجريمة والمخدرات.

وفي الختام، تؤكد دولة الإمارات مجددا على أهمية وفاعلية خطة عمل الأمم المتحدة لمواجهة هذه الآفة العالمية، وسوف تواصل دولة الإمارات سعيها للتعاون مع المجتمع الدولي في تبادل المعلومات والإحصائيات للوصول إلى أفضل الممارسات والخبرات. ولحرصنا الدائم على تقديم كافة أنواع الدعم المطلوبة لهذه الجهود الدولية، يسر دولة الإمارات أن تعلن عن تقديم دعم مادي بمبلغ مائة ألف دولار أمريكي إلى صندوق الأمم المتحدة الاستئماني لتبرعات ضحايا الإتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال، وذلك تأكيداً منّا على ان مكافحة الاتجار بالأشخاص ستظل غاية وهدفاً مشتركا لجميع شعوب العالم.

وشكرا!