أصحاب المعالي والسعادة:
السيدات والسادة الكرام:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
[وأضم صوت وفد بلادي لبيان منظمة التعاون الإسلامي، وأرحب بتبني مشروع القرار.]
السيد الرئيس:
نناقش اليوم تحديا يهدد الأمن والسلم الدوليين، فالإرهاب ظاهرة عالمية تتجاوز الحدود والثقافات والأديان، ولم يعد هناك دولة أو مدينة في العالم بمأمن من خطره. وقد تسببت الهجمات الإرهابية الشنيعة التي حصلت في السنوات الأخيرة في أضرار هائلة، منها وقوع آلاف القتلى والجرحى المدنيين، وتفاقم أزمة المهاجرين، وتدمير الممتلكات والتراث الثقافي. الأمر الذي يُحتم علينا أن نطور من الاستجابة الدولية لمواجهة الارهاب.
إن تبني استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب قبل عشر سنوات قد وفر الفرصة للمجتمع الدولي لتقييم إنجازاته في هذا المجال، ووضع آليات لمواكبة التطورات الجديدة في مكافحة الإرهاب، والتحديات الجديدة أهمها انتشار الأيديولوجيات المتطرفة، والمقاتلين الإرهابيين الأجانب، واستخدام الجماعات الإرهابية وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الحديثة لتحقيق أجندتها الخبيثة.
السيد الرئيس:
إن الإرهاب ظاهرة معقدة ومتعددة الأوجه، ويتطلب منا اتباع أساليب مختلفة لمكافحته تتعدى العمليات العسكرية وإنما معالجته في كل مراحه بدءا من معالجة جذور الراديكالية والتطرف، إلى مكافحة عمليات التجنيد، ووصولا إلى تطبيق الحلول والقضاء على الفكر المتطرف. لقد عملت الإمارات على تطوير سياسة شاملة ومتعددة الجوانب لمكافحة الإرهاب. وفي هذا السياق، فإن دولة الإمارات ملتزمة بمكافحة التطرف والإرهاب بكافة أشكاله.
وإدراكا منا لأهمية معالجة الظروف المؤدية الى انتشار التطرف والإرهاب، تنتهج بلادي أسلوب الوقاية حيث تعمل على منع التطرف قبل أن يتحول الى تطرف عنيف. ونركز، في هذا الصدد، على تمكين فئات المجتمع في بناء الدولة وتقديم بدائل لهم عن الخيارات التي تطرحها الجماعات الإرهابية. ومثال ذلك، تعيين بلادي مؤخراً لوزيرة شابة تمثل صوت الشباب ايماننا منا بقيمة الشباب، وأن عدم الاستجابة لتطلعاتهم هو سباحة عكس التيار، وبداية النهاية للتنمية والاستقرار. كما عملنا على تعزيز مشاركة المرأة في المجتمع وإدماجها في الجهود المبذولة لمكافحة التطرف والإرهاب.
علاوة على ذلك، فمن الضروري أن نعمل على ترسيخ الوسطية والتسامح والتعددية في مجتمعاتنا لمنع الجماعات المتطرفة من استغلال الطائفية والعنصرية لتجنيد الأفراد. وفي هذا الصدد، أصدر صاحب السمو رئيس الدولة حفظه الله مرسوم بقانون رقم (2) لسنة 2015 والذي يقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها ومكافحة كافة أشكال التمييز ونبذ خطاب الكراهية. كما قمنا بتعيين وزيرة للتسامح تعمل على نشر قيم التسامح والتعايش السلمي، بالإضافة الى قيام بلادي بدعم الخطاب الديني المعتدل، ورعاية العديد من المبادرات في هذا الشأن منها مجلس حكماء المسلمين والذي يهدُف الى معالجة جذور التطرف والكراهية.
السيد الرئيس:
يعد إصدار قوانين وتشريعات رادعة للتطرف والإرهاب أمرا بالغ الأهمية. وقد عملنا في دولة الإمارات على وضع إطار عمل قانوني شامل للتعامل مع التطرف العنيف، وأقرت الحكومة في عام 2014 تعديلات على قانون الإرهاب بحيث بات يوفر أدوات جديدة لمحاكمة الإرهابيين، ويقدم في نفس الوقت الفرصة لإعادة تأهيل أولئك الذين رفضوا الإرهاب وتخلوا عنه فكراً ومنهجاً.
أشارت الاستراتيجية الى أهمية قطع تمويل الأنشطة الإرهابية، وقد أصدرت الدولة، منذ عام 2004، قوانين جديدة واسعة النطاق لمكافحة تمويل الإرهابيين، وتجريم كل من يمولهم، بالإضافة إلى انضمامها إلى معاهدات دولية هامة بهذا الشأن.
السيد الرئيس:
يتطلب التغلب على المتطرفين والإرهابيين وضع استراتيجيات بعيدة المدى تضمن هزيمتهم فكريا، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تُستغل لنشر التطرف والإرهاب. لذلك، تعمل دولة الإمارات على كشف رسائل الجماعات المتطرفة من خلال مركز “صواب” الذي أطلقته الدولة بالتعاون مع الولايات المتحدة في مارس 2015 لمكافحة بروباغندا التنظيم المتطرف ولرفع صوت الاعتدال عالياً مسموعاً واحباط أصوات المتطرفين في المنطقة والعالم.
يتعين على الدول أن تتكاتف وأن توحد من جهودها إقليميا ودوليا لاجتثاث تهديدات التطرف والإرهاب، ويشمل ذلك تبادل أفضل الممارسات والخبرات في هذا المجال، وبناء شراكات دولية وتنسيق الجهود المشتركة. قد حرصت دولة الإمارات على دعم الجهود الدولية في مكافحة التطرف والإرهاب، فشاركت بفعالية في أعمال مجموعة العمل التابعة للائتلاف الدولي لمحاربة داعش والمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، وأصبحت رئيس مشارك لمجموعة عمل مكافحة التطرف العنيف، إلى جانب المملكة المتحدة.
كما يجب على المجتمع الدولي توفير الأدوات والخبرات التي تسهم في بناء طاقات وقدرات الحكومات للقضاء على تهديدات التطرف والإرهاب. لذلك حرصت دولة الإمارات على استضافة مركز هداية الدولي الذي يعمل على تقديم الدعم والتدريب والبحوث ومساعدة المجتمع الدولي على بناء القدرات وتبادل أفضل الممارسات لمكافحة التطرف والإرهاب.
السيد الرئيس:
في الختام، أود أن أثني على جهود الأمم المتحدة على دورها المهم في تطوير استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، وفي هذا الصدد لا يفوتني أن أشكر الميسرين من الأرجنتين وآيسلندا لجهودهم في اعتماد القرار بالتوافق. ونجدد الدعوة للمجتمع الدولي لمضاعفة الجهود للوصول إلى مجتمعات أمنة وخالية من التطرف والإرهاب.
وشكرا!