السيدة الرئيسة،
شكراً على إتاحة الفرصة لي للإدلاء ببعض الكلمات في سياق فترة الحداد التي تمر بها بلادي. كما أود أن أتقدم بالشكر لكم جميعاً على تعازيكم الحارة وتضامنكم مع دولة الإمارات حكومةً وشعباً إثر وفاة فقيد الوطن، المغفور له، صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان “طيب الله ثراه”، يوم الجمعة الماضي. كما اشكر الولايات المتحدة على دعوتها أثناء رئاستها للمجلس للوقوف دقيقة صمت حداداً على رحيل سموه وتكريما لإنجازاته.
لقد خسر شعبُ وحكومةُ دولة الإمارات قائداً مميزاً ذا رؤيةٍ استشرافية، فقد كرس الشيخ خليفة، رحمة الله، حياته لشعبه وبلاده، وكان بتفانيه وحكمته وتواضعه مصدر الهام للوطن، فقد حقق إنجازات ملموسة، وترك لبلاده والمنطقة والعالم بأسره إرثاً استثنائياً.
كما كان مُدافعاً قوياً عن الدبلوماسية والوساطة والعمل متعدد الأطراف، واتخذ قراراتٍ شجاعةً أتاحت فُرصاً للسلام في منطقةٍ شهدت اضطراباتٍ كبيرة. وكان الشيخ خليفة من أشد المناصرين للمستضعفين، إذ حرص دوماً على تقديم المساعدات الإنسانية والدعم للمحتاجين، دون أي اعتبارات لعِرقهم أو لونهم أو عقيدتهم. وبفضل توجيهاته، واصلت دولة الإمارات تعزيز قيمَنا المتمثلة بالتسامح والتعاطف والتضامن حول العالم.
وفي دولة الإمارات، كان الشيخ خليفة بمثابة قوةً حقيقيةً للتغيير، فخلال فترة رئاسته، أرسلت دولتُنا حديثة العهد في مسيرة التنمية أولَ رائدَ فضاءٍ لها إلى محطة الفضاء الدولية، ومركبةً تدور في الغلاف الجوي للمريخ، وبدأت باستكشاف الإمكانيات الموجودة في الفضاء، فضلاً عن استضافتنا أول زيارةٍ للبابا إلى شبه الجزيرة العربية، واستقبالنا أكثر من 24 مليون زيارة من جميع أنحاء العالم إلى إكسبو 2020، كذلك فُزنا باستضافة الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف حول المناخ. كما أن مسيرتنا الوطنية في مجال التنمية تواصل تحقيق إنجازات مهمة ونقلات نوعية في الذكاء الاصطناعي والابتكار على امتداد العديد من المجالات كتغير المناخ، والطاقة النووية للأغراض السلمية، وتمكين الشباب والمرأة. والأهم من ذلك كله، وكجزءٍ من برنامج سموه للتمكين السياسي، أجرى المجلس الوطني الاتحادي، برلمان الدولة، أول انتخاباتٍ له في عام 2005، والذي تصل نسبة تمثيل المرأة فيه اليوم إلى 50%.
ولكن الأهم من كل تلك الإنجازات أنه كان حقيقةً رجلاً طيباً، شديد الاهتمام بالآخرين، وهو ما تجلى في مشاعر الحزن العميقة التي أبداها شعب دولة الإمارات، والاشادات التي سمعناها من الزملاء هنا في نيويورك، ومن كافة الشخصيات رفيعة المستوى التي حضرت إلى أبو ظبي لتقديم واجب العزاء. ونعرب هنا عن خالص امتنانا على التضامن الذي أظهره لنا الجميع خلال فترة حدادانا.
لقد سار الشيخ خليفة على خطى الأب المؤسس لدولة الإمارات، المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طيب الله ثراه”، والذي قال: “يجب على القائد أن يعلم … أن عليه يقوم بواجبه ومسؤوليته، وأن يُسخر كل الثروة التي وهبها الله لهذا الشعب من أجل رفاهيته وسعادته وأمنه واستقراره”. ستظل هذه الكلمات مصدر إلهامٍ لحكومة الإمارات وللجيل القادم من أبناء شعبنا، تحت قيادة رئيس دولة الإمارات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
شكراً مرةً أخرى، السيدة الرئيسة، على تضامنك وتعازيك لنا.