مشاركة

السيدة الرئيسة،

أود أن أشكر مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية السيدة جويس مسويا، ونائب المدير التنفيذي لليونيسف السيد عمر عبدي، على إحاطاتيهما القيّمتين.

كما استمعنا من المتحدثين اليوم، لا يبدو أن هناك حد لحجم الدمار الناجم عن الحرب في أوكرانيا، فضلاً عن تأثير هذه الحرب على الأطفال بشكلٍ خاص، إذ تسبب الصراع في نزوح أكثر من نصف أطفال أوكرانيا البالغ عددهم 7.5 مليون طفل، الى جانب ما ورد من تقارير مروعة للغاية عن مقتل وجرح مئات الأطفال منذ بدء النزاع، والتي ينبغي التحقيق فيها.

لطالما تسببت الحروب في آثار نفسية مدمرة، لاسيما على الأطفال، وهذا الصراع ليس استثناءً. كما أن هناك حاجة ماسة إلى توفير الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية على نحو عاجلٍ وأن يستمر ذلك طوال فترة النزاع.

إننا ندرك جيداً من التجربة في منطقتنا، وخارجها، أثر الصراعات على الأطفال وتعليمهم، بدءاً من الأطفال في سوريا حيث حرموا من التعليم لأكثر من عقدٍ، إلى الأطفال الفلسطينيين الذين يواجهون عراقيل مستمرة أمام الحصول على التعليم، ومروراً بالفتيات في أفغانستان بعد حرمانهن من التعليم ما بعد الابتدائي منذ أغسطس 2021، ووصولاً إلى أطفال اليمن وليبيا والقرن الأفريقي والساحل، الى جانب المزيد من الأمثلة التي لا يمكن حصرها حول العالم.

لقد ضاع جيل كامل من الأطفال والشباب الذين لن يتمكنوا أبداً من استعادة فرصتهم الحقيقية في الحصول على التعليم، وقد يواجه أطفال أوكرانيا المصير نفسه إذا استمر النزاع المسلح. لذلك فإننا ننضم الى الآخرين في الحث على بذل كافة الجهود الدبلوماسية المتاحة لإنهاء هذا النزاع . من المهم أن نضاعف التزاماتنا لضمان الوصول إلى التعليم في أوكرانيا، حيث أدى النزاع إلى عرقلة حصول الأطفال على التعليم بشكلٍ كبير، ويأتي هذا بالإضافة إلى العراقيل المرتبطة بجائحة كوفيد-19 والتي أثرت سلباً على حياة الأطفال حتى قبل بدء الصراع. وفي الوقت الذي يعمل فيه المجتمع الدولي على الاستجابة للاحتياجات الإنسانية العاجلة في أوكرانيا، لابد من الإبقاء على التعليم كأولويةً، وكذلك ضمان أن تمتلك الأجيال القادمة المهارات اللازمة التي تتيح لها المساهمة بفعالية في مجتمعاتها. لذلك، علينا أن نفكر في المرحلة التي ستأتي بعد انتهاء الصراع تماماً مثل فترة حدوثه. وكما ذكرت اليونيسف، سيتمكن الأطفال من التعافي بشكل أكبر والعودة الى حياتهم الطبيعية الى حد ما، في حال تمكنوا من العودة بسرعة إلى مدراسهم.

وفي ظل هذه الحقائق الصعبة، أود أن أركز على النقاط التالية:

أولاً، نواصل الإعراب عن بالغ قلقنا إزاء التقارير عن استمرار تدمير البنية التحتية المدنية، كالمرافق الصحية والتعليمية. إن قصف المدرسة في بيلوهوريفكا خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضية يعد مثالاً واضحاً على ذلك، فوفقاً لمنظمة اليونيسف، تضررت مدرسةً واحدةً على الأقل من بين كل ست مدارس تدعمها اليونيسف في شرق أوكرانيا بسبب النزاع. لذلك نؤكد على أهمية حماية المرافق التعليمية وضمان استمرار الوصول إلى التعليم.

ثانياً، يُعد تسهيل الوصول إلى التعليم، وخاصةً للأطفال اللاجئين، أمراً ضرورياً لدعم نمو الأطفال والحفاظ على شعورهم بالاستقرار. ونعرب هنا عن تقديرنا للبلدان المجاورة المستضيفة للاجئين، وكذلك لليونيسف واليونسكو، على جهودهم في تيسير استمرار الخدمات التعليمية، بما في ذلك من خلال توفير المعدات اللازمة لدعم التعليم عبر الإنترنت وتوسيع منصات التعليم الرقمي. ويتعين على المجتمع الدولي أن يدعم هذه الجهود القيّمة. كما يمكن للتعلم عن بعد أن يُخفف من بعض الآثار المدمرة للصراع، ونشير هنا الى وجود 12600 مدرسة توفر التعليم عن بعد لما يقارب 4 ملايين طالب.

ثالثاً، يُعد توفير الرعاية النفسية والاجتماعية أمراً بالغ الأهمية لضمان صحة الأطفال أثناء الحرب وما بعدها. فقد أضطر الأطفال الى مغادرة منازلهم وافترقوا عن مقدمي الرعاية لهم، كما شهد العديد من الأطفال أعمال العنف أو تعرضوا له، بما في ذلك ما تشير له تقارير حول العنف الجنسي، إذ يجب التحقيق في كافة التقارير الموثوقة. ونُشيد بالدعم الذي قدمته المفوضية السامية لشؤون اللاجئين واليونيسف لتوفير الخدمات النفسية والاجتماعية للأطفال، بالإضافة إلى جهودهم في مساعدة الأطفال ذوي الهمم بشكلٍ خاص.

وأخيراً، نكرر دعوتنا لجميع الأطراف إلى التقيد بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، ونؤكد على أنه لا يمكن ضمان توفير الحماية للأطفال وكافة المدنيين، دون وقف الأعمال العدائية في جميع أنحاء أوكرانيا والتوصل إلى حلٍ دبلوماسي لهذا الصراع. لا تعد هذه المسألة مهمة لأطفال أوكرانيا فحسب، بل لجميع الأطفال حول العالم والذين عاشوا لسنواتٍ في نزاعات مسلحة. ولا ينبغي لمجلس الأمن أن يتجاهل أياً من هؤلاء الأطفال. كما أن تداعيات هذا الصراع، من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية، سيكون لها الأثر الأكبر على صحة الأطفال ونموهم. وندعو في هذا السياق الطرفين إلى الالتزام بالحوار رغم الصعوبات القائمة، كما ندعو المجتمع الدولي وهذا المجلس إلى دعم الجهود المبذولة لإنهاء الصراع وإطلاق عملية لتحقيق السلام. إن جهود الأمين العام في هذا الصدد وتقييم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية المقدم إلى هذا المجلس بشأن الجهود الأخيرة لإجلاء مئات المدنيين في ماريوبول تبعث على التفاؤل وتظهر حسن نية كلا الجانبين، وهذه أُسسٌ يمكن ويجب البناء عليها، كما يتعين علينا مضاعفة جهودنا لدعم هذه المبادرات.

وشكراً