شكراً السيدة الرئيسة،
في البداية أود أن أعرب عن تقدير دولة الإمارات لبولندا، رئيس لجنة التنمية الاجتماعية، على جهودها المقدرة من أجل إنجاح دورة هذا العام.
لا شك أن موضوع دورة هذا العام، والذي يركز على تعزيز التضامن ودعم الإدماج والتماسك الاجتماعي في إطار النهوض بجدول أعمال التنمية المستدامة لعام ألفين وثلاثين، يتسم بأهمية بالغة في ضوء تزايد التحديات المعقدة التي يواجهها العالم، بدءاً من تفاقم أوجه عدم المساواة، واستمرار الفقر، وصولاً إلى التداعيات المدمرة لتغير المناخ. وفي مواجهة هذا الواقع، يجب أن نستمر في جهودنا التنموية الشاملة والاستفادة من التجارب الوطنية في تحقيق التنمية الاجتماعية على الصعيدين الوطني والدولي. وعليه، يسرني أن أشارككم التوصيات التالية:
أولاً، ضرورة وضع سياسات فعالة تهدف إلى تعزيز الإدماج والتماسك الاجتماعي كأساس لتحقيق التنمية المستدامة. وفي هذا الاطار، قامت دولة الإمارات بتعديل اختصاص وزارة تمكين المجتمع لتعزيز منظومة التمكين والدعم الاجتماعي عبر تحسين الوصول إلى الخدمات الاجتماعية وتوسيع نطاقها لتشمل المجتمع بأكمله. كما تم إنشاء وزارة الأسرة لتعزيز استقرار المجتمع عبر دعم الأسر وتعزيز مهارات التربية والتوازن بين العمل والحياة. وتم اعلان عام ألفين خمسة وعشرين في دولة الإمارات “عام المجتمع” تجسيداً لرؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة (حفظه الله) وذلك تحت شعار “يداً بيد”، بهدف بناء مجتمع متماسك ومزدهر، وتعزيز الروابط داخل الأسر والمجتمع، عبر تنمية العلاقات بين الأجيال، وترسيخ قيم التعاون والانتماء.
ثانياً، التشجيع على إنشاء جمعيات تعاونية قوية ومستدامة في ضوء الدور الهام والإيجابي الذي يلعبه قطاع التعاونيات في تنمية الاقتصادات الوطنية وخلق فرص العمل، وتمكين المجتمعات المهمشة، ودعم التنمية المستدامة. ونرحب في هذا الصدد باعتماد الجمعية العامة لعام ألفين خمسة وعشرين “عاماً للتعاونيات”، حيث تُولي بلادي أهمية خاصة لتطوير هذا القطاع من خلال دعم الابتكار وتعزيز التمكين الاقتصادي والاجتماعي للأفراد. كما وضعت بلادي في إطار رؤيتها المئوية لعام ألفين واحد وسبعين خطة تهدف إلى زيادة نسبة مساهمة قطاع التعاونيات في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى خمسة في المئة بحلول عام ألفين واحد وثلاثين.
ثالثاً، ضرورة تعزيز التعاون الدولي في مجال التنمية الاجتماعية بما في ذلك من خلال توسيع نطاق الشراكات الرامية إلى تحقيق تنمية عادلة ومستدامة للجميع. فعلى سبيل المثال، وفي إطار مبادرات دولة الإمارات لدعم العمل التنموي الشامل الذي ينعكس أثره على الأفراد والمجتمعات، أطلقت بلادي بالاشتراك مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي منصة الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية المستدامة “AI4SD” ، والتي تُقدم نماذج ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر ومجموعات بيانات وموارد تدريب تتيح التعاون وتبادل الأفكار حول تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مجالات عدم المساواة والفقر، والتماسك الاجتماعي، والعمل المناخي، وحماية البيئة، وإدارة موارد المياه، والطاقة المستدامة، والأمن الغذائي.
وأخيراً، تؤكد دولة الإمارات على أن بناء مجتمعات قوية وشاملة ومتماسكة اجتماعياً يتطلب الاستمرار في دعم المشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة للمرأة على جميع المستويات، والتركيز على تمكين الشباب وتعزيز دورهم الفاعل في بناء المجتمعات. بالإضافة إلى ذلك، يجب تعزيز قيم التعايش والتسامح مثلما أكد قرار مجلس الأمن رقم ألفين ستمئة ستة وثمانين المعني بالتسامح والسلام والأمن الذي شاركت دولة الإمارات في صياغته خلال فترة عضويتها في مجلس الأمن، تماشياً مع رؤية الإمارات بأن التسامح والسلام يشكلان أهم دعائم تحقيق التنمية المستدامة.
في الختام،
تتطلع دولة الإمارات إلى المشاركة في القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية المقرر عقدها في نوفمبر المقبل والتي ستركز على سد الفجوة في تنفيذ مبادئ إعلان كوبنهاجن بشأن التنمية الاجتماعية والتأكيد على برنامج عمله، ونأمل بأن تتيح هذه القمة الفرصة لتقييم النهج الحالي، وتحقيق تقدم في تنفيذ التزاماتنا، وتعزيز استراتيجيات التعاون الدولي في مواجهة التحديات المشتركة.
شكراً، السيدة الرئيس.