السيد الرئيس،
يسرني أن أشارك في هذه المناقشة الهامة حول “الرياضة من أجل التنمية والسلام”، والتي تأتي بعد فترة من العزلة التي عاشتها البشرية -خلال انتشار جائحة كوفيد-19-، وما خلفته من آثار جانبية على الصحة البدنية والنفسية، ليأتي هنا الدور المحوري للرياضة في نشر قيم الاحترام والتسامح في وقت تحتاج فيه الشعوب الى تكثيف الأنشطة التي تتيح إلى تبادل الثقافات ونشر القيم الايجابية بين أفرادها في سبيل تحقيق التنمية والسلام.
السيد الرئيس،
من منطلق إيمانها بأهمية الرياضة باعتبارها أحد الأدوات القوية الفاعلة التي يمكن توظيفها في تعزيز التفاهم والتضامن بين المجتمعات، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة والسلام، أولت القيادة في دولة الإمارات منذ تأسيسها عام 1971، جل اهتمامها بالرياضة على مختلف أنواعها، بما في ذلك إضفائها للطابع المؤسسي وتطويرها وإطلاقها لاستراتيجية متكاملة لقطاع الرياضة إلى عام 2032، والتي تُركز على تفعيل الرياضة المجتمعية والتنافسية والمنظومة الرياضية بين مختلف فئات المجتمع والأديان والأعراق، والتي تشكل أكثر من 200 جنسية تعيش على أرض الدولة بسلام. ونعطي أمثلة على ذلك، تنظيمها هذا الشهر لفعالية “تحدي دبي للجري 2021 ” وهي أكبر فعالية لرياضة الجري على مستوى العالم، من أجل الرياضة التنافسية، بمشاركة أكثر من 140,000 من المواطنين والمقيمين وزوار الإمارات من حول العالم.
ولم تقتصر جهود دولة الإمارات في هذا السياق على المشاركات المحلية، وإنما نشّطت بشكل رئيسي في تنظيم وتعزيز المشاركات الرياضية الإقليمية والدولية، بما في ذلك استضافتها للعديد من الفعاليات والأحداث الرياضية الإقليمية والدولية، منها على سبيل المثال وليس الحصر، استضافتها في نوفمبر الماضي لبطولة أبوظبي العالمية لمحترفي الجوجيتسو، وذلك بمشاركة نحو 2000 لاعب ولاعبة من 65 دولة، لتشكل هذه الفعالية أضخم تجمع للجوجيتسو على مستوى العالم منذ بداية انتشار الجائحة.
تؤمن دولة الإمارات بأن الرياضة تُساهم في تمكين ودمج العديد من الفئات في المجتمع كأشخاص ذوي الإعاقة، أو كما نطلق عليهم في دولة الإمارات “أصحاب الهمم”. لذلك، تولي بلادي أهمية خاصة للأنشطة الرياضية التي تتيح مشاركة “أصحاب الهمم”- حيث استضافت عام 2018، أكبر حدث رياضي وانساني شمل مشاركة أكثر من 7000 رياضي من أصحاب الهمم من أكثر من 190 دولة، ونحن عازمون على مواصلة جهودنا في هذا الاتجاه.
السيد الرئيس،
اعترافًا منها بالدور الهام للمرأة في تحقيق أهداف التنمية وتعزيز السلام والأمن ، حرصت دولة الإمارات على تعزيز الإشراك الفاعل للنساء والفتيات في القطاع الرياضي، بل حققت نقلة نوعية في تطوير مكانتها الرياضية على كل الأصعدة المحلية والإقليمية والعالمية، وخاصًة عبر إطلاقها للمبادرات وتنظيمها للعديد من البطولات بين العنصر النسائي، كالإعلان عن جائزة فاطمة بن مبارك العالمية للرياضة التي سيتم الاحتفال بها في 2022، بهدف تكريم مجموعة من النساء من مختلف أنحاء العالم على الإنجازات التي حققنها في مجال الرياضة. ومن هذا المنطلق، تحث بلادي على اتباع نهج شامل يعمل على تمكين المرأة كعنصر فعّال في قطاع الرياضة لما له عائد على المرأة والمجتمع شاملاً.
وفي ظل التجمع الثقافي الذي تشهده بلادي حالياً في استضافتها لمعرض إكسبو 2020، يتم توفير منصة وتنظيم العديد من الأنشطة الرياضية في المعرض بمشاركة أكثر من 190 دولة لإتاحة المجال للرياضيين للمشاركة في الترويج لأجنحة دولهم وللتحفيز على الاستثمار في قطاع الرياضة، وهو ما يسهم في تعزيز روح التضامن البشرية المتعددة الثقافات وتحقيق التنمية المستدامة.
وفي الختام، أود التأكيد على أننا في دولة الإمارات نؤمن بأن الرياضة هي واحدة من أبرز الأدوات الفعّالة والأقل تكلفة التي يمكن استخدامها في الترويج لقيم الأمم المتحدة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة ونشر ثقافة السلام والتسامح. ونتطلع إلى وجود توافق دولي ورؤية واضحة من المجتمع الدولي، تُطور من دور الرياضة بحيث تعزز جهود التعافي العالمي من الجائحة، لضمان إعادة بناء عالم أفضل وأكثر جدوى وأمانًا للأجيال القادمة.