السيد الرئيس،
بدايةً، أشكر مساعدة الأمين العام السيدة مارثا بوبي على إحاطتها الشاملة وجهودها الحثيثة، وكذلك الدكتورة سولانج بادجي لتسليطها الضوء على التحديات الأمنية الخطيرة التي تواجهها منطقة الساحل بسبب تغير المناخ. ونشكر أيضاً السيد إريك يمداوغو تياري، على الإحاطة التي قدمها بصفته السكرتير التنفيذي للقوة المشتركة لدول الساحل.
السيد الرئيس،
تُقَدّر دولة الإمارات جهود الأمين العام للأمم المتحدة في دعم السلام والأمن في غرب أفريقيا والساحل، بما في ذلك عبرَ زيارتِهِ مؤخراً للمنطقة، وتوجيهِهِ رسالةٍ مهمة وأقتبس “إنَّ إرساء السلام والاستقرار والازدهار…في منطقة الساحل سيظل أولويةً مطلقةً للأمم المتحدة” انتهى الاقتباس، فمن المهم أن نؤكد جميعاً على هذه المسألة، لاسيما في ظل ما تمرُّ بهِ المنطقة من تحدياتٍ أمنية وسياسية وإنسانية صعبة ومعقدة.
ومن هذا المنطلق، لابُدَّ من تعزيز العمل المشترك وتحسين التنسيق والتعاون على المُستويَيْن الإقليمي والدولي لمواجهة هذه التحديات، بما في ذلك عبرَ الجهود الجماعية لكلٍ من بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (MINUSMA) ومجموعة دول الساحل الخمس، ومكتب الأمم المتحدة لغرب إفريقيا ومنطقة الساحل (UNOWAS) والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ECOWAS)، بالإضافة إلى الاتحاد الأفريقي.
وفي ظل ما يحدث من تطورات في المنطقة، أود أن أؤكد على ثلاث نقاط:
أولاً، إنَّ غياب الاستقرار السياسي عن المنطقة يُقَوّض من قدرتِها على الاستجابة بفعالية للتحديات الراهنة، مما يتطلب التركيز على إجراء حوارات سياسية شاملة على الصُعُد المحلية والإقليمية، لتحقيق الإصلاحات اللازمة وتعزيز قُدُرات المؤسسات السياسية، وبالتالي معالجة مختلف التحديات التي تواجه منطقة الساحل لاسيما في مالي. ويتعين على المجتمع الدولي إعطاء الأولوية لتلبية احتياجات وتطلعات شعوب المنطقة والحفاظ على سلامتهم، مع ضمان أن تشمل هذه الجهود أصوات المجتمعات المحلية، خاصةً النساء والشباب، نظراً لدورهِم الحيوي في بناء مجتمعاتٍ سلمية ومزدهرة. ونقدر هنا الدور الهام الذي تلعبه بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي MINUSMA)) لدعم تحقيق هذه الغايات، كما نتطلع إلى تجديد ولايتها قريباً لكي تواصل هذا الدور الهام في المنطقة.
ثانياً، إنَّ الاستجابة للأوضاع الأمنية المتفاقمة في منطقة الساحل يتطلب مشاركة بَنّاءة من كافة الجهات المعنية، وفي مُقَدمَتِها القوة المشتركة وشركائِها، لتمكين الحكومات من معالجة التحديات العابرة للحدود، خاصةً مع انعدام الاستقرار عالمياً وتأثير ذلك على المبادرات والمؤسسات التي تسعى لصَوْن السلم والأمن الإقليميين. ولابُدَّ هنا من مواصلة التركيز على مكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود في المنطقة عبْرَ نهجٍ شامل مع الأخذ بعين الاعتبار السياقات الخاصة بكل دولة، لاسيما مع تضاعف أنشطة الجماعات الإرهابية في المنطقة، وكذلك الأزمات الداخلية في دول الساحل. ونعرب عن بالغ قلقِنا إزاء الهجمات الإرهابية المتعددة التي تستهدف المدنيين وموظفي الأمم المتحدة وتتطلب محاسبة مرتكبي هذه الهجمات.
ثالثاً، إن تَعَقُّد الأزمات في الساحل يتطلب من المجتمع الدولي الاستجابة لها بشكلٍ مُنَسَّق وعلى نحوٍ عاجل وشامل. ونُقَدّر هنا مبادرة كلٍ من الأمين العام والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ومجموعة دول الساحل الخمس للبدء بتقييمٍ استراتيجي مشترك لبحث سُبُل تعزيز الدعم المُقَدَّم الى مجموعة دول الساحل الخمس. وتتطلع دولة الإمارات الى رؤية ثمار هذه الجهود المشجعة وكذلك النتائج التي سيُصْدِرُها الفريق المستقل الرفيع المستوى المعني بالأمن والتنمية في منطقة الساحل. ولابُدَّ أيضاً من الاستمرار في دعم جهود التنمية المستدامة في المنطقة وتعزيز صمود مجتمعاتها، بما في ذلك من خلال توفير الفرص الاقتصادية وتمكين المرأة وتقديم الخدمات الأساسية للسكان.
وختاماً، وفي سياق الأزمات والتوترات الجيوسياسية القائمة حالياً حولَ العالم وتأثير بعضِها على انعدام الأمن الغذائي عالمياً أو الأوضاع السياسية والأمنية في مناطق أخرى، نود التشديد على ضرورة أنْ يسعى مجلس الأمن للحيلولة دون أنْ تُقَوّض مثل هذه التوترات العالمية قدرَتَنا على العمل معاً للتصدي للمسائل الُمدْرَجَة على جدول أعمالِنا ومنها منطقة الساحل.
وشكراً، السيد الرئيس.