السيدة الرئيسة،
أشكر السيد كريستيان شميدت، على إحاطته ونرحب بمشاركة السيد شفيق جعفروفيتش، رئيس مجلس رئاسة البوسنة والهرسك، وكل من كرواتيا وصربيا والإتحاد الأوروبي في اجتماع اليوم.
السيدة الرئيسة،
تصادف هذه السنة الذكرى السابعة والعشرين على توقيع “الاتفاقية الإطارية العامة للسلام في البوسنة والهرسك” أو ما يعرف بـ “اتفاقية دايتون”، والتي مثّلت إنجازاً دبلوماسياً أنهى حرب البوسنة المدمرة، والتي لا تزال مآسي ذكرياتها في وجدان الناجين من الحرب. ومن هذا المنطلق، تعرب دولة الإمارات عن قلقها إزاء التطورات الأخيرة والتوترات السياسية القائمة، والتي تهدد باستمرار تفاقم الوضع السياسي والأمني. إن الوضع الحالي يستوجب استخلاص الدروس والعِبَر من الماضي، والبناء عليها لضمان مستقبل أفضل وأكثر استقراراً للأجيال القادمة. ويتطلب ذلك العمل على تهدئة التوترات وحل الخلافات بين الأطراف، بما يتسق مع دستور الدولة، لمنع تفاقم الأوضاع الحالية، خاصةً في ظل المنعطف الخطير الذي تمر به أوروبا جرّاء الحرب في أوكرانيا.
وفي هذا الصدد، تود بلادي التأكيد على عدة ثوابت:
أولاً: تؤكد بلادي على دعمها لوحدة وسلامة أراضي البوسنة والهرسك، تماشياً مع القانون الدولي واتفاقية دايتون. ويجب في هذا الإطار الالتزام بالاتفاقية، باعتبارها المرجع المتفق عليه لحل الخلافات بين جميع القوى السياسية. كما أن تعاون كلا الكيانين اللذَيْن يشكلان الدولة يُعَد من أساسيات هذه الاتفاقية، ويجب على جميع الأطراف الالتزام بها. ونود كذلك التأكيد على أهمية احترام المؤسسات الوطنية التابعة للدولة بشكل كامل.
ثانياً: تشيد دولة الإمارات بالدور الهام الذي يلعبُهُ مكتب الممثل السامي للبوسنة والهرسك في الحفاظ على السلام في البلاد، من خلال حماية الشِق السياسي من اتفاقية دايتون على مدى العقود الثلاثة الماضية، وأيضا عبْرَ توفيرِهِ الدعم لنجاح عملية الإصلاحات السياسية والتي يسانِدُها المجتمع الدولي.
ثالثاً: إن التشجيع على التعايش السلمي بين مختلف الطوائف في البوسنة والهرسك وإبقاء قنوات التواصل فيما بينها مفتوحة يُعَد أساسياً لتحقيق سلامٍ مستدام. وتستنكر دولة الإمارات في هذا السياق أي محاولات لإثارة النعرات الطائفية والعرقية وبث خطاب الكراهية وممارسة التحريض العنصري وتمجيد جرائم الحرب ومرتكبيها، حيث يُقَوّض ذلك من آفاق التواصل الإيجابي ويهدد بتجديد أعمال العنف في البلاد. وتشدد بلادي على أهمية اللجوء للحوار وبناء الجسور بين مختلف أطياف المجتمع، حيث سيساهم ذلك في تعزيز مجتمعٍ سلمي وآمن ومُزدهر.
وختاماً، تأمل بلادي مواصلة الجهود الراهنة لترسيخ سلام مستدام في البوسنة والهرسك. إن دور “مجلس تنفيذ السلام” في هذا الإطار هام، بما في ذلك عبر مساعي منظمة التعاون الإسلامي، حيث إن تظافر الجهود الدولية سيساهم في دعم النظام السياسي في البوسنة والهرسك لتحقيق ما يصبو إليه شعبها وسينعكس ذلك على صون الأمن والسلم في البلقان ككل.
وشكراً، السيدة الرئيسة.