مشاركة

السيد الرئيس:

يسرني باسم الإمارات العربية المتحدة أن أهنئ إيطاليا على رئاستها لمجلس الأمن، وأن أشيد بعقدها لهذا الاجتماع الهام حول الاتجار بالأشخاص في حالات النزاع، وأن أشكر الأمين العام وجميع من قدموا إحاطات اليوم.

لقد طالت جريمة الإتجار بالأشخاص جميع أنحاء العالم، ولا توجد دولة بمأمن عن آثار هذه الجريمة، ونأمل أن تُسهم مناقشة اليوم في مساعدة جميع الدول على مواجهة أثر الصراعات وانعدام الاستقرار في تفاقم مشكلة الاتجار بالأشخاص.

السيد الرئيس:

تشكل مشكلة الإتجار بالأشخاص مصدرا للقلق، خاصة في منطقة الشرق الأوسط – منطقتنا – حيث أدت الحروب وعمليات النزوح إلى تمزيق المجتمعات المحلية وتدمير وسائل الحماية الاجتماعية. وفي هذه السياقات الهشة، تمكنت داعش وغيرها من الجماعات المتطرفة والإرهابية، من إجبار الأبرياء على القتال والعمل القسري، وهي أساليب إرهابية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالأيديولوجيات المتطرفة.

وعندما يتعرض الضعفاء للاستغلال، تكون النساء والفتيات هن الأكثر تضرراً. وباعتبارها أحد أبرز المؤيدين للمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة على مستوى العالم، ترى بلادي أن هذه القضية بالغة الخطورة وتستدعي القلق لكون النساء يشكلن حجر الزاوية في أسرهن ومجتمعاتهن المحلية. لذا، فإن الجرائم التي تُرتكب بحقهن يكون لها تداعيات كبيرة على المجتمع بأسره.

ولذلك، تتعامل دولة الإمارات مع مشكلة الاتجار بالبشر بشكل جدي، على كافة المستويات، حيث قامت منذ عام 2007 بتعزيز الأطر القانونية والسياسات الوطنية والبنية الأساسية الاجتماعية للمساعدة في مكافحة الاتجار بالبشر. ومن خلال هذه الاستراتيجية الشاملة، تقوم اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر بمتابعة حوادث ومعدلات تقديم الحالات إلى القضاء لإخضاع مرتكبي هذه الجريمة للمساءلة. كما تتعاون مع الوكالات المعنية لمساعدة الناجين من عمليات الاتجار بالأشخاص من خلال تقديم المشورة، وتوفير المأوى والإقامة، أو إعادة توطينهم، إلى جانب تدريب جهات إنفاذ القانون على مكافحة الاتجار بالبشر، ونشر وتعزيز الوعي العام بهذه الجريمة في جميع أنحاء الدولة.

وللقضاء على هذه المشكلة بصورة فاعلة، ندرك أنه في حين يتعين علينا وقف الاتجار بالأشخاص داخل حدودنا، يتعين علينا أيضاً أن نتعاون مع البلدان التي تنشأ فيها مشكلة الاتجار بالبشر. لذلك تعمل دولة الإمارات مع حكومات الدول الأعضاء لضمان إنشاء قنوات مشروعة للهجرة من خلال تعزيز سيادة القانون لحماية المواطنين، وإتاحة الفرص الاقتصادية لمنع الظروف التي تتيح المجال أمام المتاجرين لاستغلال البشر. وتحقيقاً لهذه الغاية، أبرمت دولة الإمارات مذكرات تفاهم مع خمس دول – آخرها الهند – بهدف المساعدة في معالجة الأوضاع في بلدان المنشأ.

السيد الرئيس:

تدعو دولة الإمارات إلى اتخاذ إجراءين على المستوى الدولي، وبشكل خاص عند التعامل مع الأزمة في المنطقة:

أولا: الاستجابة المتكاملة، حيث تشكل جهود مكافحة الاتجار بالبشر تحديات عديدة ومعقدة، وبالتالي يجب دمج مكافحة الاتجار بالأشخاص بصورة شاملة في أي استجابة تتم للصراعات أو الأزمات التي تحدث في جميع أنحاء العالم، خاصة في منطقتنا. ويمكننا تحقيق هذه الاستجابات المتكاملة عن طريق تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص، والذي ينبغي أن تيسره الأمم المتحدة.

ثانيا: ترتبط مشكلة الاتجار بالأشخاص ارتباطاً وثيقاً بالوضع الراهن للهجرة العالمية. لذا، يجب أن يشمل التوافق على واعتماد الاتفاق العالمي المقبل بشأن الهجرة الآمنة والنظامية والمنظمة، على أحكام تتعلق بالاتجار بالبشر، وندعو الدول الأعضاء إلى المشاركة في هذه العملية لضمان التوصل إلى نتائج إيجابية.

إن هذه الإجراءات، السيد الرئيس، تهدف إلى التصدي لمشكلة الاتجار بالبشر، ويتعين علينا أيضا أن نتصدى لأسبابها الجذرية، وأن نضع استراتيجية للوقاية تشمل تحقيق التنمية المستدامة والشاملة للجميع.

وشكرا!