مشاركة

السيد الرئيس:

يطيب لي باسم المجموعة العربية أن أهنئ نيوزيلندا لتقلدها رئاسة مجلس الأمن لهذا الشهر، ونشكر حرص وزير الخارجية معالي موراي مكولي على ترأسه هذه الجلسة الهامة للمجلس، متمنين لكم كل التوفيق والنجاح في استكمال أعمال دورة المجلس لشهر يوليو. ولا يَفوتَني أن أعبر في هذه المناسبة أيضا عن شكرنا وتقديرنا لسلفكم المندوب الدائم لماليزيا على إدارته الناجحة لدورة أعمال المجلس عن الشهر المنصرم.

كما نشكر ممثل الامين العام والمنسق الخاص نيكولاي ملادينوف على الاحاطة، وعلى جهوده الدؤوبة من أجل إحلال السلام. كما أود أن أعبر عن دعمنا الكامل لبيان دولة الكويت الذي ألقته نيابة عن منظمة التعاون الإسلامي

السيد الرئيس:

لقد عكست الإحاطة هذا الصباح، أسوة بكل إحاطات الأمانة العامة الشهرية السابقة للمجلس بشأن هذا البند، تفاقم الوضع غير الإنساني للشعب الفلسطيني، والناجم عن جملة الممارسات والإجراءات الإسرائيلية التي تنتهك القوانين والأعراف الدولية، والتي كانت سبباً مباشر لاستمرار التعثر المؤسف لمحادثات السلام، والتي لطالما عقدنا عليها الآمال.

فرغم كل الجهود والمبادرات الدولية والإقليمية الدؤوبة التي بُذلت على مدار العقدين الماضيين، بما في ذلك الجهود التي بُذلت من جانب اللجنة الرباعية والولايات المتحدة، الراعي الأول للسلام، إلا أننا مازلنا نشهدُ حتى يومنا هذا إخفاق وضياع غير محسوب لفرص السلام، الأمر الذي لم يسهم فقط في إطالة معاناة الشعب الفلسطيني ومضاعفة خسائره البشرية والمادية، وإنما عمّق هذا الإخفاق، من حالات الإحباط واليأس وعدم الاستقرار، وساعد في ظهور تهديدات التطرف الخطيرة التي باتت تعصف بمنطقتنا وبالعالم مؤخرا.

السيد الرئيس:

إننا في المجموعة العربية،  وإذ تتحمل شعوبَنا العبء الأكبر من نتائج كل هذه التحديات الخطيرة، والتي لم تكن لِتَحدُث لولا استمرار القضية الفلسطينية دون حل، فإنّنَا نُدين وبشدة السياسات غير القانونية، والانتهاكات التي تواصل إسرائيل ارتكابها بلا هوادة من أجل توسيع مستوطناتها غير الشرعية في عمق الأراضي الفلسطينية، بما في ذلك مدينة القدس الشريف، وما صاحَبَها من تدابير تجاه المكانة التاريخية للحرم الشريف والمدينة المقدسة، ومصادرة للأراضي والممتلكات، وهدم للمنازل والمباني الفلسطينية، وتشريد للسكان الأصليين، وأيضا ذلك محاولة النقل التعسفي لسبعة آلاف من البدو والرعاة الفلسطينيين في 64 منطقة سكنية بالضفة الغربية. هذا فضلا عن مواصلة نظام التخطيط والتقسيم غير القانوني للأراضي الفلسطينية، الذي يجعل من المستحيل عملياً على الفلسطينيين استغلال أو بناء أراضيهم الواقعة في المنطقة المسماة “جيم” بالضفة الغربية.

إن هذه الإجراءات الإسرائيلية التي تتجاهل القانون الدولي ومواقف الغالبية ضمن المجتمع الدولي، لم تقتصر على هذا الحد فقط، وإنما تتواصل بتماديها في قمع أبناء الشعب الفلسطيني، وانتهاكها لأبسط حقوقه الإنسانية. وقد تجسد ذلك في مواصلة تضييقها وتعنيفها للمدنيين من دون تمييز، بما في ذلك الأطفال والنساء، واعتقالها واحتجازها الإداري غير القانوني للمئات من أبنائه الأبرياء، واستمرار حصارها لقطاع غزة، والذي اعتاد أن يكون هدفا لحروبها المتكررة، من بينها حربها الضروس العام الماضي التي أسفرت عن مقتل المئات وإصابة وإعاقة الآلاف، والتدمير الكامل والمتعمد لمرافق البنية التحتية، بما في ذلك مرافق وخدمات الأمم المتحدة، والتي تشكل شريان حياة لأبناء القطاع.

وفي هذا الصدد، نرحب بالتقرير الصادر مؤخراً عن اللجنة الدولية المعنية بالتحقيق في انتهاكات غزة، والذي أظهر مستويات المعاناة والمشقّة غير المسبوقة التي يعيشُها أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل، وندعو إلى ضمان تطبيق نظام المساءلة وتقديم المسؤولين عن ارتكاب جرائم حرب إلى العدالة.

كما نأمل من الدول المانحة أن تفي بالتعهدات التي أعلنتها في مؤتمر القاهرة العام الماضي لضمان استكمال تمويل مشاريع إعادة إعمار غزة، ونؤكد في هذا الصدد على المسؤولية المشتركة التي يتحملها المجتمع الدولي للعمل نحو الرفع النهائي للحصار الاسرائيلي المفروض على القطاع، وتقديم الدعم اللازم لجهود وبرامج الأمم المتحدة وخاصة وكالة الأونروا التي ندعمها بقوة.

ولا يفوتنا بأن نعلن مجددا أمام هذا المجلس، عن مساندتنا الكاملة والمتواصلة لحكومة الوفاق الوطني الفلسطيني، ونحث المجتمع الدولي على أخذ حذونا في تعزيز مساندته لهذه الحكومة، لتمكينها من الاضطلاع بمسؤولياتها وبدورها القيادي، بما في ذلك فرض سيطرتها الكاملة على القطاع وكافة معابره الحدودية، وأيضا دعم مساعيها الجارية لتحقيق المصالحة الفلسطينية.

السيد الرئيس:

إن المجموعة العربية تؤمن بأن استمرار هذا الظلم التاريخي الواقع على الشعب الفلسطيني من قبل إسرائيل، هو أحد الأسباب الرئيسية للتلاشي الحالي لمعالم السلام والاستقرار في المنطقة، وتأجيج مظاهر التوتر والكراهية والإقصاء والتطرف في بعض دولنا والتي قد يترتب عليها تبعات وخيمة على مستقبل شعوب المنطقة والعالم أجمع. فلا يجوز مواصلة الاعتراف بتعثر عملية المفاوضات، ودخولها بحلقة مفرغة، ووصولِها الى طريق مسدود دون بذل الجهود الدولية الفاعلة والقادرة على إزالة مسببِّات هذا الإخفاق، والذي نحمّل الجانب الإسرائيلي مسؤوليته بالكامل. وعليه فإننا نطالب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بألا تقتصر جهود مجلس الأمن على عقد هذه الإحاطات الدورية الروتينية وفقط رغم أهميتها، وإنما يتعين على المجلس أن يمارس دوره القيادي والرئيسي في اتخاذ كلّ ما يلزم من خطوات جادة تكفل وقف إسرائيل الفوري لجميع انتهاكاتها لمبادئ وشروط عملية السلام القائمة على إنهاء الاحتلال وإنجاز حل الدولتين، وتوفير الأجواء المناسبة الكفيلة بإعادة مفاوضات السلام إلى مسارها الطبيعي.

ونعرب في هذا السياق عن أمَلِنا في أن تستجيب القوى الدولية لمساعي اللجنة الوزارية العربية المعنية بدعم جهود إنهاء الاحتلال، وذلك لضمان إطلاق مفاوضات جادة ذات مغزى حقيقي. كما نأمل أن يستجيب مجلس الأمن لنداءات ومبادرات المجموعة العربية منذ العام الماضي لإصدار قرار فاعل لإنقاذ عملية السلام، يحدَّد المعايير الأساسية لمرجعية المفاوضات ومبادئها على أساس حل الدولتين، والتي يتعين تطبيقها بصورة تامة وفقا لقرارات المجلس ومبادئ مدريد ومبادرة السلام العربية، وأن يضمن هذا القرار التوصل في إطار زمني محدد لتسوية شاملة وعادلة ودائمة، كفيلة بإنهاء كافة مظاهر الاحتلال الإسرائيلي وانسحابه العسكري الكامل من الأراضي التي يحتلها منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية. كما نتطلع إلى أن يتيح هذا القرار الفرصة لتحقيق استقلال الدولة الفلسطينية، كدولة ذات سيادة، قابلة للحياة ومعترف بها دوليا وعاصمتها القدس الشريف، وأن يسمح لها بالعيش إلى جانب دولة إسرائيل في أمن وسلام دائمين. ونعرب في هذا السياق عن تأييدنا للجهود التي تبذلها بعض دول المجلس في هذا الخصوص وفي مقدمتها فرنسا.

السيد الرئيس:

إننا نأسف لاستمرار الأزمة السورية للعام الخامس على التوالي، وتواصل عمليات استهداف وحصار المدنيين، سواء من قبل قوات النظام التي كان من المفترض أن تتحمل مسؤولية حمايتهم، أو من قبل جماعات الإرهاب والتطرف الخارجة عن القانون، والمستخفة بجميع القيم والمبادئ والأعراف الإنسانية والدينية والعالمية وعلى رأسها داعش.

إن المجموعة العربية تجدد دعمها لكافة جهود الحل السياسي للأزمة السورية، وخاصة تلك التي يبذلها المبعوث الخاص للأمين العام لسورية، السيد استيقان دي مستورا، وفقا لمخرجات مؤتمر جنيف. كما نتطلع لأن تسهم هذه الجهود في التوصل الى نتائج إيجابية قريبا تؤدي إلى تلبية تطلعات الشعب السوري في تحقيق الانتقال السياسي الديمقراطي بمشاركة جميع الأطراف السورية الوطنية بلا استثناء، وتحقيق العدالة الانتقالية وإعادة الاستقرار والأمن إلى البلاد. ولحين تحقيق هذا الهدف، نأمل من المجتمع الدولي أن يعزز مساعداته المقدمة للمتضررين والمشردين السوريين الفارين من القتال، بما في ذلك تقاسم أعباء اللاجئين السوريين في دول الجوار وخاصة في الأردن ولبنان والعراق.

وفي الختام نأمل أن تسهم مناقشة اليوم في دفع الجهود الدولية تجاه حل القضية الفلسطينية، وإنهاء الأزمة السورية من أجل إحلال الأمن والاستقرار في المنطقة.

وشكرا!