مشاركة

نيويورك، 7 أكتوبر 2025

يُرجى المراجعة أثناء الالقاء

السيد الرئيس،

أود في البداية أن أهنئكم على توليكم رئاسة اللجنة الثانية خلال الدورة الثمانين للجمعية العامة، وأعرب عن تقديري لمعالي محمد عبد المغيث على قيادته للدورة السابقة.

كما تضم دولة الإمارات صوتها للبيان الذي أدلت به مجموعة الـ 77 والصين.

السيد الرئيس،

لم يتبق سوى خمس سنوات فقط على الموعد النهائي لتحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة لعام 2030، وفي هذه الفترة الحاسمة، يجب علينا، كأممٍ متحدة، مضاعفة الجهود لاستكمال ما بدأناه، ومواصلة التعاون معاً لتحقيق هذه الأهداف من خلال العمل المتعدد الأطراف.

فعلى الرغم مما يشهده عالمنا اليوم من تحولات جذرية تستدعي الحذر، إلا أن ذلك يجب ألا يثنينا عن تبني مبادرات جريئة تساهم في تسريع وتيرة التقدم. فتولي زمام المبادرة، وتسخير إمكانات التقنيات الحديثة في خدمة أهداف خطة التنمية المستدامة، هو الذي سيفتح أمامنا فرصاً توازي التحديات

وقد رحبت دولة الإمارات، على المستوى الوطني وفي إطار الأمم المتحدة، بمناهج التفكير الجديدة والمبتكرة في هذا المضمار. فنحن نؤمن بأهمية زيادة الاستثمار في مجال التنمية المستدامة في ضوء فجوة التمويل المقدّرة بأربعة تريليونات دولار، والتي تُعدّ العائق الرئيسي أمام إحراز تقدم ملموس في هذا المجال. ولهذا، تجاوزت قيمة المساعدات الخارجية التي قدّمتها دولة الإمارات خلال السنوات الخمس الماضية ستة عشر مليار دولار أمريكي، واعتمدنا في هذا الشأن نهجاً استراتيجياً مبتكراً يقوم على توسيع نطاق التمويل، وتعزيز تأثير المساعدات وطرق إيصالها.

وفي هذا السياق، ترحب بلادي باعتماد “اتفاق إشبيلية”، والذي ينسجم مع قناعتنا بأن التدفق الحر للتجارة والاستثمار يُعد أحد المحركات الأساسية للتنمية. وإلى جانب أهمية الاستمرار في تقديم المساعدات الاقتصادية، أظهر هذا الاتفاق قدرتنا على تحقيق توافق بشأن عدد من الأدوات المالية المبتكرة، تشمل تعزيز دور القطاع الخاص، وتطوير نماذج أقوى للتعاون متعدد الأطراف، والتعاون بين بلدان الجنوب، والتعاون الثلاثي.

وبالإضافة إلى زيادة التمويل، ينبغي علينا تسخير إمكانات التقنيات الجديدة والناشئة والاستفادة منها، لاسيما الذكاء الاصطناعي. ومؤخراً، أطلقت بلادي مبادرة “الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية” بالتعاون مع مملكة بوتان، والتي أظهرت كيف يُمكن للذكاء الاصطناعي أن يُساهم في تحسين الخدمات العامة، والتنمية الريفية، وتوفير فرص العمل للشباب، ودعم قطاعات الزراعة، والرعاية الصحية، والتمويل، والتعليم، بما في ذلك في دول الجنوب العالمي. وبدلاً من التركيز على رصد تعثر كل هدف من أهداف التنمية المستدامة، دعونا نستفيد من هذه المبادرة كأداة فاعلة لتسريع تحويل طموحاتنا إلى واقع ملموس.

وينطبق الأمر ذاته على قضايا المناخ والاستدامة، إذ لسنا بحاجة لنعيد التفاوض على أهداف حسمها العلم بوضوح. فهناك اتفاق باريس للمناخ، الذي وضع “اتفاق الإمارات” – المنبثق عن مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين – مساراً واضحاً لتنفيذه. وقد آن الأوان للتركيز على تنفيذ هذا الاتفاق. ونشيد في هذا السياق

بالجهود العملية التي تبذلها كل من أذربيجان والبرازيل، شركائنا في ترويكا رئاسات مؤتمر الأطراف، لدفع هذا المسار قدماً.

لقد أنشأت دولة الإمارات مؤخراً مركز تمويل المناخ الأخضر، ومؤسسة «ألتيرا» التي تُعد أكبر صندوق خاص لتمويل المناخ في العالم، واطلقت مشاريع مبتكرة ضمن إطار التعاون الثلاثي، مثل «مبادرة الاستثمار الأخضر في أفريقيا» و«مرفق تمويل عملية روما». وتهدف هذه الآليات الجديدة – والتي تقوم على التمويل المختلط والشراكات بين القطاعين العام والخاص- إلى دعم وتطوير الطاقة المتجددة والتقنيات الخضراء، انطلاقًا من قناعتنا الراسخة بأن بناء مستقبل مستدام لا يخدم الأجيال القادمة فحسب، وإنما يتيح أيضاً أعظم فرصة اقتصادية للجيل الحالي.

وبالرغم من ما تتيحه الثورة التكنولوجية من فرص واعدة، إلا أنها تصطدم بتحديات حقيقية عند تقاطعها مع قضايا المناخ. فالذكاء الاصطناعي، والذي يُعد أحد أبرز التقنيات الحديثة القادرة على تسريع وتيرة الابتكار في مجال مواجهة تغير المناخ، يتطلب استهلاكًا كبيرًا للطاقة والمياه. ومن هنا تبرز الحاجة إلى تبني نهج يوازن بين الاستفادة من تسخير إمكانات هذه التقنيات المتقدمة، والحفاظ على ما تحقق من تقدم في مجال المناخ.

وكما هو معلوم للجميع، يُعد الهدف السادس من أهداف التنمية المستدامة من بين الأهداف التي لا تزال متعثرة، حيث تشير تقديرات اليونسكو إلى أن نحو 1.8 مليار شخص يعيشون في بلدان أو مناطق تعاني من ندرة مطلقة في المياه. وبوصفنا شريكًا في استضافة مؤتمر الأمم المتحدة للمياه لعام 2026 إلى جانب جمهورية السنغال، تأمل دولة الإمارات أن يشكّل هذا المؤتمر فرصة هامة لتصحيح المسار، وحشد الجهود الجماعية من أجل تسريع التقدم على هذا المسار الهام. ونعرب في هذا السياق، عن شكرنا للدول الأعضاء لاعتماد موضوعات المؤتمر بالإجماع، بما في ذلك إدراج موضوع جديد وهام وهو “الاستثمار من أجل المياه”.

ختاماً، السيد الرئيس، فرغم التحديات الراهنة، تجدد دولة الإمارات التزامها الراسخ بتوسيع نطاق التعاون بين بلدان الجنوب، والتعاون الثلاثي، وتسخير التمويل والتكنولوجيا والابتكار لتحقيق نتائج ملموسة وشاملة.

وشكراً السيد الرئيس.