مشاركة

السيد الرئيس،

يسرني أن أشارك في هذه الجلسة المهمة، حيث تَعتبر دولة الإمارات مسألة تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية في حالات الكوارث، من أهم الأدوار التي تضطلع بها الأمم المتحدة. كما أنها تعد أولوية قصوى في السياسة الخارجية لبلادي، خاصة عقب انتشار جائحة كوفيد-19.   

ومن هذا المنطلق، تفتخر بلادي بالشراكات الوثيقة التي جمعتنا ومؤسساتنا الإنسانية مع مختلف كيانات الأمم المتحدة والمؤسسات الإقليمية والدولية المعنية بتقديم المساعدات الإنسانية للشعوب المحتاجة والمنكوبة. وأود هنا أن أؤكد على نهج بلادي المتمثل في تقديم الاغاثة للشعوب، دون أي اعتبارات للدين، أو العرق، أو السياسية، أو البقعة الجغرافية. ما يوجهنا في المقام الأول هو مراعاة الجانب الإنساني وتحقيق الاستقرار والكرامة للشعوب المحتاجة حول العالم. فبالإضافة إلى مسؤوليتنا الجماعية في تقديم هذه الإغاثة، نعتبر العمل الإنساني، استثماراً استراتيجياً في تنمية الشعوب واقتصادها وآداة لدعم الاستقرار والأمن العالمي.

وفي سياق مناقشة اليوم، تؤكد دولة الإمارات على ثلاث نقاط رئيسية:

أولاً: تحث بلادي الأمم المتحدة على الإسراع خلال العام المقبل على توفير المساعدات واتخاذ الإجراءات اللازمة في المناطق التي قد يتوقع تعرضها لكارثة وذلك قبل وقوع الكارثة. ويمكن هنا الاستفادة من إمكانية التنبؤ بالعديد من الكوارث المناخية وما يرفقها من تداعيات لتنفيذ إجراءات استباقية من شأنها دعم الشعوب التي ستتعرض للكارثة. كما سيساهم ذلك في تقليل تكلفة المساعدات لاسيما مع وجود نقص في تمويل خطط الاغاثة، حيث تشير الأدلة الميدانية إلى أن ضِعف عدد الأشخاص يمكنهم الاستفادة من هذه المساعدات وبنصف التكلفة حين يتم اتخاذ إجراءات استباقية. وفي هذا الصدد، نحث الأمم المتحدة على تعميم النموذج الذي يتبعه الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ على كافة صناديق الاغاثة، لمساعدة منسقي الشؤون الإنسانية على تحديد متى يكون من المناسب اتخاذ اجراء استباقي لكارثة على وشك الحدوث.

ثانياً: يجب الاستمرار بتكثيف الجهود لضمان أن تراعي المساعدات الإنسانية المنظور الجنساني والعمر وذوي الاعاقات أو كما نطلق عليهم في بلادي “أصحاب الهمم”. وفي هذا الصدد، يعد “مؤشر الجنس والعمر” أداة مهمة للمساهمة في سد الفجوات القائمة بين الأفراد، ولكن ينبغي النظر في كيفية تحسين فعالية هذا المؤشر لتحقيق النتائج المرغوبة. وخلال المشاورات التي تجريها الأمم المتحدة حول كيفية تنفيذ البرامج الإنسانية، يجب التركيز على أن تغطي هذه البرامج 50٪ من النساء والشباب و”أصحاب الهمم” وعائلاتهم. قد لا يكون الوصول الى هذه النسبة ممكناً في جميع الظروف، ولكن يمكن أن تشكّل نقطة البداية لعمليات الأمم المتحدة، مع وجود إشراف من منسقي الشؤون الإنسانية لتحقيق هذه الاهداف.  وكما أثبتت الأدلة الميدانية، فإن وجود هذا النوع من الشمولية والمساءلة من شأنه تحقيق نتائج أفضل على مستوى العمل الإنساني.

وفي السياق ذاته، تسعى الإمارات العربية المتحدة إلى تقديم الدعم اللازم للنساء والفتيات اللواتي يواجهن ظروف إنسانية صعبة، مع بذلها جهوداً لمعالجة أوجه النقص في تمويل المساعدات على المستوى الدولي، فقد قدمت بلادي أكبر مساهمة إنسانية لصندوق الأمم المتحدة للسكان بقيمة 25 مليون دولار، وساهمت بـ 10 ملايين دولار لدعم ضحايا العنف الجنساني على مستوى العالم.

ثالثاً، وأخيراً، ليس خفياً عليكم أن جمود العمليات السياسية وغياب الحلول الدائمة للعديد من النزاعات حول العالم يعد أحد الاسباب الرئيسية خلف معظم الأوضاع الإنسانية حول العالم. لذلك، من المهم، بصفتنا دولاً أعضاء في هذه المنظمة، أن نسعى – سواء في مجلس الأمن أو في المحافل الأخرى التي يُتخذ فيها قرارات سياسية حاسمة – لدعم الأفراد المحتاجين والفئات الضعيفة. ومع انضمام دولة الإمارات إلى مجلس الأمن في يناير المقبل، سنحرص على وضع مسألة التداعيات الإنسانية المرتبطة بجمود العمليات السياسية في مقدمة أولوياتنا في المجلس وسنعمل على النظر في نهج المجلس حول هذه المسألة.

وشكرًا