مشاركة

شكراً السيد الرئيس،

يسرني بداية أن أرحب بفخامة الرئيس أوهورو كينياتا، رئيس جمهورية كينيا ورئيس جلسة مجلس الأمن اليوم، بالإضافة أود أن أعرب عن تقدير الإمارات العربية المتحدة لجمهورية كينيا لكافة الجهود التي تقوم بها للحفاظ على السلم والأمن الدوليين، ومنها عقد هذه المناقشة الهامة. ونعرب عن تقديرنا أيضاً للنقاط الهامة التي أكد عليها كل من سعادة السيد أنطونيو غوتيرش، الأمين العام للأمم المتحدة والسيد تابو مبيكي، الرئيس السابق لجنوب أفريقيا، والسيد بول كاغامي، رئيس جمهورية رواندا في احاطتيهما.

السيد الرئيس،

مثلما تشير الورقة المفاهيمية التي أعدتها كينيا مشكورة لمناقشة اليوم، يتم عادةً استغلال الاختلافات في هوية الفرد لتصعيد أغلب النزاعات التي يعالجها هذا المجلس. ويزداد الوضع خطورةً مع انتشار جائحة كوفيد-19 التي سلطت الضوء على الفجوات الموجودة بين المجتمعات وداخلها، بل ووسعتها في بعض الأحيان. وعليه، هناك حاجة ملحة لتكثيف جهودنا المشتركة لمعالجة كافة الأسباب الجذرية للنزاعات خاصة تلك التي تغذي التوترات القائمة على أساس هوية الفرد مثل الأوبئة وتغير المناخ لمنع حدوث وتفاقم المزيد من النزاعات. فكما أثبتت التجارب السابقة، يعد هذا النهج أكثر الطرق فاعلية وأقلها كلفة لصون السلم والأمن الدوليين.

كدولة تقع في منطقة يتواجد فيها جماعات تهدف لتحقيق التفرقة بين الشعوب على أسس الدين والهوية، سعت دولة الإمارات لإطلاق مبادرات ملموسة تهدف إلى ترسيخ أسس التعايش والتسامح والوئام بين المجتمعات والثقافات والأديان المختلفة سواء محلياً أو اقليمياً أو دولياً، حيث أن تجربتنا الناجحة في استضافة أكثر من 200 جنسية ومجتمعات دينية متعددة في بيئة يعمها السلام والأمن، تؤكد أن بناء مجتمعات مستقرة ومزدهرة يتطلب اتباع نهج شامل ووجود قيادة تلتزم بإدماج المجتمعات المتنوعة في سياساتها. كما أن ترحيب دولة الإمارات اليوم لأكثر من 190 دولة من مختلف الثقافات والأديان تشارك في معرض اكسبو 2020 يؤكد أن التنوع الفكري والثقافي والديني هو مصدر ازدهار وقوة للدول، وليس سبباً للنزاع والتفرقة التي لا تحقق سوى الدمار والخراب. 

السيد الرئيس،

لذلك، تود دولة الإمارات أن تشير إلى ثلاث مجالات يتعين على المجتمع الدولي التركيز عليها لترسيخ مفاهيم التعايش والتسامح للنهوض بمجتمعات يُثريها التنوع ويعمُها السلام:

أولاً، يقع على عاتق الحكومات بشكل أساسي تعزيز التماسك بين المجتمعات بمختلف مكوناتها وتحصينها مع بناء قدراتها على الصمود. لذا، فإنه من الضروري وضع استراتيجيات واتخاذ تدابير سياسية عملية لتحقيق المصالحة بين الشعوب وترسيخ أسس السلام والحوار بين مختلف الأديان والثقافات. ويمكن دعم مثل هذه الجهود عبر إطلاق مبادرات أيضاً، مثل احتفالنا هذا العام باليوم الدولي للأخوة الإنسانية في 4 فبراير، والذي يتيح الفرصة لكافة الأطراف الفاعلة للمشاركة في نشر الوعي حول أهمية تجسيد روح الوحدة والتضامن بين الشعوب. 

ثانياً، ينبغي أن تكون استراتيجيات الأمم المتحدة في عمليات السلام مصممة لتشجيع المجتمعات المحلية بمختلف فئاتها على تعزيز السلام واستدامته. ولنجاح هذه الاستراتيجيات، نؤمن بأهمية أن يكون هناك تنسيق وتعاون على نطاق واسع مع كافة الجهات الفاعلة محلياً للتأكد من الاستجابة لاحتياجات كل فئة. فعبر هذا النهج، تحتضن الاستراتيجيات الوطنية لبناء السلام المجتمعات المتنوعة بشكلٍ يصعب فيه انتشار التفرقة والعنف والكراهية. ونؤكد هنا على الدور المحوري للنساء والشباب والمؤسسات الدينية في تصميم وقيادة وتنفيذ مبادرات مبتكرة  لتعزيز التعايش السلمي في المجتمعات.

وأخيراً، يتطلب بناء السلام واستدامته استجابة متعددة الأطراف بحيث تكون شاملة ومتناسقة بين مختلف الجهات الفاعلة على كافة المستويات، ونخص هنا بالذكر تعزيز التنسيق بين كافة كيانات الأمم المتحدة وليس فقط تلك المعنية ببناء السلام، خاصة مع قيام العديد منها بتنفيذ مشاريع مختلفة في الميدان لتعزيز التعايش السلمي ومنع نشوب النزاعات، حيث سيساهم ذلك في تحسين استخدام الموارد المتاحة مع تجنب حدوث ازدواجية في المشاريع والجهود. كما أن التنسيق بشكل مكثف سيعزز من كفاءة المشاريع والمبادرات التي يتم تنفيذها في مختلف مراحل بناء السلام.

وختاماً، السيد الرئيس، إن التزام دولة الإمارات بنشر ثقافة التنوع والحوار والتفاهم حول العالم يعكس تجربتنا الوطنية والتي أكدت أن الدفع قدماً بسياسات شاملة تعزز قيم التسامح والوحدة يشكل أحد أهم الدعائم لتحصين المجتمعات من التطرف والفرقة والعنف. وفي هذا السياق فإننا نؤكد دعمنا لكافة جهود المجتمع الدولي، وعلى رأسها برامج وهيئات الأمم المتحدة، لبناء مجتمعات متماسكة يُشكل فيها التنوع عامل قوة ونمو وازدهار.

وشكراً السيد الرئيس.