مشاركة

تلقيه السيدة أميرة الحفيتي، نائبة المندوبة الدائمة

السيدة الرئيسة،

بدايةً أشكر الممثلة الخاصة السيدة روزا على احاطتِها ونؤكد على دعم دولة الإمارات لجهودِها، والشُكر موصول لوكيل الأمين العام السيد غريفيث والسفيرة كامبوج على احاطتيهما، وكذلك للسيدة محبوبة سراج على احاطتها.

السيدة الرئيسة،

تأتي الإحاطات التي استمعنا إليها اليوم لتؤكد على قراءتنا حول مسار الأوضاع في أفغانستان خلال الأشهر الماضية، ويُؤسفنا أن العام الجديد لا يحمل في طياتِه آمالاً واعدة للشعب الأفغاني، فقد سجلت أفغانستان أحد أعلى مُعدلات انعدام الأمن الغذائي، ويحتاج ثُلثيّ سُكانِها إلى تلقي المساعدات الإنسانية، كما تزداد أوضاع النساء والفتيات سوءاً مع فرض مَوجة جديدة من القيود على ارتيادهِن الأماكن العامة كالحدائق وغيرها، الأمر الذي يتطلب من المجلس أن يستجيب لهذه المُعطيات بشكلٍ حازم. 

ويضاف إلى هذا كُلِه، تدهور الأوضاع الأمنية والتي تَكشِف الستار عما تُواجِهُه طالبان من تحدياتٍ في مكافحة الأعمال الإرهابية، مثلما شهِدنا في سياق الهجمات الأخيرة، ومنها على سفارة باكستان في كابول، والتي أدانتها دولة الإمارات، وسنواصل شَجب جميع أشكال العنف والإرهاب التي تُزعزِع أمن واستقرار البلاد.

وفي معرَض ما ذَكرتُه عن هذه الأوضاع، أود أن أُركز في بياني اليوم على بعض المجالات التي يُمكن للمجلس من خلالها اتباع نهجٍ إستراتيجي في حال تمكنّا بالفعل من العمل معاً على تحقيق ذلك:

أولاً، وفي ظِل المستجدات الأخيرة وعدم استجابة سُلطات الأمر الواقع لدعوات المجلس، قد يَميل المجتمع الدولي إلى وقف تعامُلِه مع السلطات ومضاعفة محاولات عزلِهم، إلا أننا لا زلنا نؤمن بأنه لا يوجد بديل عن الحوار، ويتماشى ذلك مع دعواتِنا المستمرة إلى الانخراط المدروس مع سلطات الأمر الواقع، فالعُزلة لن تؤدي إلاّ لِتعنُت المواقف ودفع طالبان نحو اتخاذ مواقفٍ أكثر تطرفاً.

ثانياً، يجب أن نُركز على المجالات التي تثمر بنتائج ملموسة، فالمؤتمر الدولي الذي عُقد في بالي مؤخراً حول تعليم المرأة الأفغانية يعد مثالاً على سعي الجهات الدولية لإيجاد سُبل يمكن من خلالها إحداث تغيير حقيقيّ. ونُرحب في هذا الصدد بتشغيل الصندوق الأفغاني المُعلن عنه في سبتمبر الماضي ونتطلع إلى مساهمتِه في تحقيق الاستقرار للاقتصاد بما يعود بالنفع على الشعب الأفغاني.

ثالثاً، سَيُشكِل تجديد ولاية بعثة “يوناما” فرصةً للمجتمع الدولي للتحدث بصوتٍ واحد وتوجيه رسالة واضحة وحازمة إلى الجهات الفاعلة في أفغانستان، فرغم الظروف الاستثنائية، تمكنت بعثة يوناما من تحقيق نتائجٍ على الأرض شملَت مُختلف المجالات في ولايتها سواء الإنسانية أو السياسية أو الاقتصادية. ولهذا، نأمل أن يتمكن المجلس من النظر إلى تجديد ولاية البعثة كفرصةٍ لاستعراض مواطِن القوة والضعف التي تَعتريّ الولاية، وتقييم احتياجات البعثة، مع ضرورة أن يتجنب المجلس خلق انقساماتٍ لا مبرر لها حول أولويات عمل البعثة.

وأخيراً، تعد أفغانستان مثالاً على كيفية تأثير تغير المناخ سلباً على الأوضاع في البلاد، بل وإمكانية أن يشكل ذلك مصدراً لانعدام الأمن. وكما سمعِنا خلال الاجتماع الذي عُقد بصيغة آريا في نوفمبر، تعد أفغانستان البلد السادس الأكثر عرضةً للخطر في العالم بسبب تغير المناخ. ولهذا، نرى أن التفويض الممنوح لبعثة “يوناما” لرصد الآثار السلبية للجفاف والإبلاغ عنها، سيُتيح للجهات الإنسانية موائمة استجابتها لتمكين المجتمعات الأفغانية من الصمود في وجه هذه التداعيات. وسيسُرنا بالتأكيد الاستماع إلى احاطة حول تقييم بعثة “يوناما” لتداعيات تغيُّر المناخ، وكيف يمكن للأمم المتحدة، بما في ذلك هذا المجلس، تقديم الدعم والاستجابة لهذه التحديات في أفغانستان بشكلٍ أفضل.

وفي الختام، السيدة الرئيسة، لا يجب الاستسلام لفكرة أن العام الجديد سيكون عاماً صعباً، إذ يجب علينا في مجلس الأمن أن نكون على استعداد تام للنظر في جميع السُبل الممكنة لمساعدة الشعب الأفغاني والتخفيف من محنتِه، ففي النهاية، نتشارك جميعاً رؤية واحدة وهي أن تصبح أفغانستان دولة مستقرة وشاملة ومكتفية ذاتياً، ويضطلع فيها الرجال والنساء -على حد سواء –بأدوار منتجة في مجتمعاتهم. ولذلك نتطلع لمواصلة العمل معكم جميعاً العام المقبل لتحقيق هذه الرؤية.

وشكراً.