مشاركة

يلقيه السيد محمد آل علي، سكرتير ثاني

ترجمة غير رسمية

يرجى المراجعة أثناء الإلقاء

أود بدايةً أن أشكر أيرلندا على تنظيم هذا الاجتماع، والشكر موصول لمُقدمي الإحاطات على بياناتهم المهمة. وأنتهز اليوم هذه المناسبة لأضم صوتي إلى من أكدوا أن السلام والعدالة قيمتان أساسيتان من قيم الإنسانية، حيث الرغبة في السلام والعدالة ليست مقصورة على منطقة أو شعب واحد؛ فتلك أهداف عالمية كرسها ميثاق الأمم المتحدة ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. وبحلول الذكرى السنوية العشرين لتأسيس المحكمة الجنائية الدولية، يمكننا النظر معاً في إسهامات مجلس الأمن والمحكمة من أجل تحقيق السلام والعدالة.

إن السلام والعدالة هدفان مترابطان، فتحقيق العدالة من خلال ضمان المساءلة عن الفظائع المرتكبة، لا يعيد حقوق الضحايا والناجين فحسب، بل يساهم في تحقيق السلام من خلال تعافي المجتمعات، وكذلك دفع عمليات بناء السلام، وتعزيز المصالحة. ولبلوغ تلك الغاية، فإن دولة الإمارات تؤكد على أهمية الالتزام بالقانون الدولي، بما في ذلك القانون الإنساني الدولي والقانون الجنائي، كما تؤيد الجهود المبذولة لتحقيق السلام والعدالة ضمن الإطار القانوني الدولي. إن تولي الدول المسؤولية الرئيسية بدعم القانون الدولي ومنع ارتكاب الفظائع ومواجهتها عبر أراضيها وضمن ولايتها القضائية، يعد حجر الزاوية في الإطار القانوني الدولي، ونحن نقر هنا بدور المحكمة الجنائية الدولية ضمن هذا الإطار. وبوصفنا هيئة منشأة بموجب معاهدة تستند ولايتها بشكل أساسي إلى موافقة الدولة، فإننا نؤيد الحق السيادي للدول في قبول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية.

ومن هنا تود دولة الإمارات أن تسلط الضوء على النقاط التالية:

أولاً، ينبغي على أعضاء المجلس العمل معاً لمنع ارتكاب الفظائع، وذلك للوفاء بالتزام المجلس نحو صون السلم والأمن الدوليين. وتؤمن دولة الإمارات بوصفها من الدول الموقعة على مدونة قواعد السلوك، بأنه يتوجب على أعضاء المجلس عدم التصويت ضد أي مشروع قرار ذي مصداقية يهدف إلى التصدي للجرائم الفظيعة.

ثانياً، يتوجب على مجلس الأمن أن يسترشد بالديناميات المحددة للحالة وضرورة تحقيق توازن بين مصالح السلام والعدالة، إذ يمتلك المجلس العديد من التدابير المتاحة، وإحالة المحكمة الجنائية الدولية هي إحداها. ومع ذلك، لا ينبغي اعتبار الإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية حلاً فوق العادة، إذ يتضح ذلك من خلال المادة 16 من نظام روما الأساسي التي تسمح للمجلس بإرجاء إجراء تحقيق أو ملاحقةٍ من قبل المحكمة الجنائية الدولية، وتتوقع حدوث توترات بين مصالح السلام والعدالة، وكذلك توفر للمجلس مرونةً لتنفيذ ولايته. لذا، على المجلس أن يعتمد نهجاً متكاملاً لكل حالة على حدة، مع إيلاء الأهمية للتداعيات العملية والضرورات للمصالحة والاستقرار والتعايش السلمي على المدى البعيد.

وأخيراً، وكما أشرت سابقاً، فإن أفضل طريقة لتحقيق سلام دائمٍ تتمثل في اتباع نهجٍ قائم على المشاركة البناءة مع الدول المعنية، وتطوير قدرات الجهاز القضائي الوطني. ومن المهم هنا التأكيد على مبدأ التكامل الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي يرتكز عليه عملها، بما يتضمن الإحالات الصادرة عن مجلس الأمن، حيث تكون الأنظمة المحلية في الغالب قادرة على تحقيق المساءلة على نحو أكثر فعالية وكفاءة، وفقاً للسياقات المحلية والتقاليد القانونية. ومن الأهمية بمكان أن تنظر المجتمعات إلى عمليات المساءلة على أنها شأنٌ داخلي، وليست مفروضة من الخارج.

شكراً لكم.