مشاركة

يلقيه سعادة محمد أبوشهاب، نائب المندوب الدائم

السيد الرئيس،

بدايةً أضم صوت دولة الإمارات إلى البيانات التي ألُقيت نيابةً عن المجموعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية.

السيد الرئيس،

بعد حوالي شهر، سيكون قد مر نصفُ عامٍ على حرب غزة. حربٌ ذاق خلالها الشعب الفلسطيني أشد أنواع المعاناة، حيث قُتل وجُرح ما يزيد عن مائة ألف فلسطيني، فيما نزح أكثر من ثمانين بالمائة من سكان القطاع.

وقد وصلت الأزمة الإنسانية اليوم مراحل غير مسبوقة في ظل تحذيرات الأمم المتحدة بشأن حدوث مجاعة وشيكة خاصة في الشمال.  

ورغم خطورة الأوضاع، ها نحن نجتمع في هذه القاعة مجدداً بعد أن عجِز مجلس الأمن في فبراير الماضي عن اعتماد مشروع قرار قدمتهُ الجمهورية الجزائرية نيابةً عن المجموعة العربية، يدعو لوقف فوري لإطلاق النار.

إن فشل المحاولات المتكررة لوقف هذه الحرب الدامية يُهدد بتدهور الأوضاع إلى مستويات لا يمكن تصورها، الأمر الذي يُحتِم على مجلس الأمن أن يضطلع بمسؤولياته في صون السلم والأمن الدوليين.

فعدم تمكن المجلس حتى الآن من اعتماد قرارٍ يُطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار نظراً للاستخدام المتكرر لحق النقض “الفيتو” يأتي في تجاهلٍ لإرادة الغالبية العظمى من الدول الأعضاء، وللضرورة الملحة لإنهاء الأزمة الإنسانية الكارثية في غزة.

لهذا، نحث جميع أعضاء المجلس على مواصلة العمل لاعتماد قرارٍ يدعو لوقف فوري لإطلاق النار مهما كانت التحديات.

وهذه مسألة ملحة في ظل تزايد المخاوف من إتساع رقعة التصعيد مع اقتراب حلول شهر رمضان المبارك، وما يرافقهُ عادةً من إجراءات وقيود على حركة المصلين، تتسبب في توتراتٍ من المتوقع أن تكون أسوأ هذا العام نظراً لحالة الاحتقان الراهنة.

لهذا، تتطلب الأيام والأسابيع المقبلة بذل جهودٍ مضاعفة للتوصل الى اتفاقٍ يضمن وقف الأعمال العدائية في القريب العاجل، حيث نأمل أن تُكلل بالنجاح جهود الوساطة التي تقودُها دولة قطر وجمهورية مصر العربية والولايات المتحدة.

وبالتزامن مع هذهِ الجهود، يجب خفض التصعيد في كافة أرجاء الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك عبر وضع حد للخطابات التي تحرض على الكراهية والعنف والتي ندينها بشدة، خاصةً تلك الصادرة عن مسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، كما يجب السماح للمصلين بالوصول إلى المسجد الأقصى المبارك، وممارسة شعائرهم الدينية بحرية وأمان، وبما يتماشى مع الوضع القانوني والتاريخي القائم لمدينة القدس ومقدساتها.

ونجدد هنا تأكيدنا على ضرورة احترام إسرائيل لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني، ونطالبها بالتوقف عن سياسة العقاب الجماعي بحق الشعب الفلسطيني، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاعِ غزة على نحوٍ عاجلٍ وآمنٍ ودون عوائق وبما يتماشى مع حجم الاحتياجات الهائل على الأرض.

وندعو جميع الأطراف إلى التنفيذ الكامل والعاجل لقراري مجلس الأمن 2712، و2720، ونطالب بتقديم كافة التسهيلات للسيدة سيغريد كاغ، كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، لتتمكن من تنفيذ ولايتها دون عوائق.

وندين مجدداً استهداف القوات الإسرائيلية لآلاف الفلسطينيين في شمال القطاع، خلال تجمعهم لتلقي مساعدات إنسانية تُعد شريان حياة لهم ولعائلاتهم، مما أسفر عن مقتل وإصابة المئات.

كما نؤكد على الدور الحيوي لوكالة اللاجئين “الأونروا” في إيصال المساعدات الإغاثية للمحتاجين، وتوفير الخدمات الأساسية للاجئين في قطاعِ غزة والمناطق الأخرى، حيث ساهمت دولة الإمارات بعشرين مليون دولار أمريكي لدعم الوكالة بسبب أوضاع الحرب. وندعو الدول المانحة التي علّقت تمويلها بإعادة النظر في قرارها، في ظل الظروف الصعبة التي يعاني منها سكان القطاع.

وأخيراً، وكما ذكرنا مسبقاً، تعد هذه الحرب والقضية الفلسطينية بشكل عام، من القضايا التي تجسد تداعيات الاستخدام المسيء لحق النقض “الفيتو”، وعدم تنفيذ قرارات مجلس الأمن. لقد بات إصلاح المجلس مسألة ضرورية، ليتمكن من تنفيذ ولايتهِ، وللحفاظ على النظام القانوني الدولي. 

وشكراً، السيد الرئيس.