مشاركة

يلقيه: سعادة السفير محمد أبوشهاب، المندوب الدائم

السيد الرئيس،

أشكر معالي ديفيد لامي على ترأسه لهذه الجلسة، وأهنئ المملكة المتحدة على توليها رئاسة المجلس هذا الشهر. كما أشكر السيد تور وينسلاند على إحاطته.

ونتفق مع ما ذُكِر في جلسة يوم أمس، واليوم، بأن الأولوية الآن تكمن في التوصل لوقف إطلاق نار فوري وعاجل في غزة ولبنان، ورفع العراقيل أمام الجهود الإنسانية للسماح بإدخال المساعدات على نطاق واسع، إلى جانب حماية المدنيين، والعاملين في المجال الإنساني، والإفراج عن الرهائن والمحتجزين، فضلاً عن ضرورة احترام جميع الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، والقرارات ذات الصلة، بما فيها القرار 1701.

وفي الوقت ذاته، السيد الرئيس، فهناك حاجة ماسة لبلورة رؤيةٍ واضحة، وحلولٍ مستدامة، ليس لوضع حدٍ للحرب في غزة فحسب، بل لإنهاء الصراع العربي-الإسرائيلي ككل.

فلا يمكن البقاء في دوامة الإعمار والدمار، أو القبول بالعودة للوضع الذي كان قائماً قبل السابع من أكتوبر من العام الماضي، وبالأخص بعد الخسائر الهائلة في الأرواح جرّاء هذه الحرب، والتوقعات بأن يستغرق التعافي منها عقوداً طويلة، بما في ذلك التعافي من الآثار النفسية على الذين عاشوا ويلات هذه الحرب وفقدوا أحبائَهُم وكل ما يملكون.

وتضعُنا هذه التطورات الخطيرة أمام مسؤولية تاريخية. فإما أن نحول هذه المأساة إلى نقطة انتقال للمنطقة من الصراعات والحروب إلى السلام والازدهار، أو نسمح لها بأن تعمق دوامة العنف وعدم الاستقرار.

ويتطلب إنهاء هذا النزاع رؤيةً شاملة تتجاوز الخطوات العاجلة. وسبق أن طرحت بلادي رؤيَتَها في هذه المسألة، والتي تقوم على إنشاء بعثة دولية مؤقتة، بدعوة رسمية من السلطة الفلسطينية، لتعمل هذه البعثة على الاستجابة الفعالة للأزمة الإنسانية في غزة، وإرساء دعائم القانون والنظام، مع ضرورة حدوث إصلاح حقيقي للسلطة الفلسطينية، وتوحيد الضفة الغربية وقطاع غزة تحت تلك السلطة الفلسطينية.

وسيتطلب كل ذلك انخراطاً بنّاءً وفعالاً من إسرائيل، وأهم الشركاء الإقليميين والدوليين، وفي طليعتهم الولايات المتحدة.

ولتحقيق هذه الرؤية، يجب إنهاء الاحتلال، ووضع مسار سياسي واضح وخارطة طريق شفافة وملزمة لا يمكن التراجع عنها، على أساس حل الدولتين، بما يقود إلى تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة جنباً إلى جنب مع دولة إسرائيل.

ونرحب في هذا الإطار بإنشاء تحالف حل الدولتين وانعقاد اجتماعه الأول في الرياض، ونؤكد على أهمية منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة كخطوة أساسية نحو تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية.

ولن يأتي الحل فقط من الخارج، فالسلام يحتاج أيضاً لمن يناصرهُ في الداخل ويعمل جاهداً من أجله، ويتجاوب مع المبادرات المطروحة من المجتمع الدولي. كما يتطلب ذلك نبذ خطاب الكراهية، والامتناع عن أية إجراءات أحادية، كالتصعيد في الضفة الغربية، وزيادة الأنشطة الاستيطانية.

ويظل دور وكالة الأونروا محورياً ولا غنى عنه طالما استمرت محنة اللاجئين الفلسطينيين، والتشريعات الإسرائيلية الأخيرة التي تستهدف عمل الوكالة لا تهدد الاستجابة الإنسانية العاجلة فحسب، بل أيضاً الاستقرار في المنطقة.

السيد الرئيس،

تثمن بلادي جهود أعضاء مجلس الأمن منذ بدء هذه الأزمة، ولكن هذا المجلس بحاجة لترميم مصداقيته واستعادة دوره، فلدى المجلس العديد من الأدوات، وهذه الأزمات الخطيرة تتطلب الخروج عن المألوف. إن نجاح جهودكم يتطلب تعاوناً حقيقياً بين أعضاء المجلس، والتزاماً راسخاً من جميع الأطراف بوقف الحرب، وتحقيق حل الدولتين.

وفي الختام، ستواصل دولة الإمارات جهودها الدبلوماسية والإنسانية لدعم الشعب الفلسطيني الشقيق وحقِّه في تقرير مصيره، والدفع قدماً بجهود تحقيق السلام والأمن لكافة شعوب المنطقة.

وشكراً السيد الرئيس.