مشاركة

 يلقيه سعادة السفير محمد أبو شهاب، نائب المندوبة الدائمة 

السيد الرئيس،

بدايةً، أود أن أشكر الممثلة الخاصة السيدة كيتا على إحاطتها، كما أرحب بمشاركة المندوبين الدائمين لكل من جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا وبوروندي في اجتماع اليوم.

لقد أتاحت زيارة مجلس الأمن إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية الفرصة لبلادي لتعزيز التزامها تجاه جمهورية الكونغو الديمقراطية وشعبها، وشجعت على الحوار الإقليمي ووقف التصعيد، ودعمت جهود بعثة مينوسكو خلال هذه المرحلة الصعبة. ونود أن نثني في هذا السياق على العمل الهام الذي تقوم به الممثلة الخاصة السيدة كيتا وغيرها من موظفي الأمم المتحدة في جمهورية الكونغو الديمقراطية. ولا يفوتنا أن نشكر حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية والأمانة العامة للأمم المتحدة على جهودهما لإنجاح هذه الزيارة، بما في ذلك فرنسا والجابون على قيادتهما المشتركة لهذه الزيارة.     

كما شكلت زيارة المجلس فرصة للإعراب شخصياً عن تقديرنا لقوات حفظ السلام التابعين لبعثة مينوسكو بينما يؤدون مهامهم الشاقة والضرورية وسط بيئة معقدة محفوفة بالمخاطر. فالوضع الحالي مقلق بالفعل مع استمرار انعدام الأمن في شرق البلاد، ومواصلة الجماعات المسلحة شن هجماتها ضد المدنيين، وإجبار مئات آلاف السكان على النزوح. وتشكل حركة 23 مارس وغيرها من الجماعات المسلحة تهديداً خطيراً على جمهورية الكونغو الديمقراطية وعلى السلام والأمن في المنطقة بأكملها. وندين في هذا الصدد انتهاكات حركة 23 مارس لوقف إطلاق النار، ونشدد على ضرورة قيام جميع الجماعات المسلحة، بما في ذلك حركة 23 مارس، بوقف أعمالهم العدائية فوراً وإلقاء أسلحتهم دون شروط.

السيد الرئيس،

تمر جمهورية الكونغو الديمقراطية بمرحلة مفصلية تستوجب من المجلس التركيز على حماية أمن وسلامة المدنيين، لاسيما النساء والأطفال. وقد أسهمت زيارة المجلس في ترسيخ قناعتنا في دولة الإمارات بضرورة اتباع نهج يعالج أسباب ومظاهر انعدام الأمن، مع إعطاء الأولوية لحماية المدنيين في الوقت ذاته. وأود أن اركز على ثلاث مسائل استخلصناها من زيارتنا الى جمهورية الكونغو الديمقراطية:

أولاً، يبقى الحوار الإقليمي ضرورياً لتلبية تطلعات شعب جمهورية الكونغو الديمقراطية نحو السلام والازدهار. ونود في هذا الصدد الإشادة بالجهود التي يبذلها القادة الإقليميون ضمن إطار عمليتي نيروبي ولواندا، وعلمهم على تنسيق هذه المساعي الرامية إلى صنع السلام. إذ تدعم دولة الإمارات الجهود الإقليمية المبذولة للتشجيع على الحوار السياسي وتعزيز الأمن والاستقرار، بما في ذلك عبر نشر قوة إقليمية تابعة لمجموعة شرق إفريقيا، ولكي تكلل هذه الجهود بالنجاح، هناك حاجة ملحة لخفض التصعيد الآن، أكثر من أي وقت مضى. لذلك، ندعو مجدداً لتنفيذ اتفاقية أديس أبابا الإطارية من جانب الدول الموقعة كما جاء في بيان مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الأفريقي الصادر في 17 فبراير 2023.

ثانياً، يجب إعطاء الأولوية لجهود الحماية لضمان تحقيق الاستقرار على المدى البعيد. ونشير هنا إلى أهمية العمل الذي تقوم به بعثة مينوسكو في حماية النساء والفتيات والمجتمعات المحلية من العنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس. حيث تعد مشاركة النساء في جهود السلام محركاً رئيسياً لتحقيق استقرارٍ دائم. ولكن، لا يمكن ضمان مشاركة المرأة بشكل كامل ومتساوٍ وهادف في إدارة الصراعات وجهود بناء السلام دون حمايتها من العنف. ونشجع في هذا السياق بعثة مينوسكو على بذل جهود إضافية لتحقيق هذه الغاية.

ثالثاً، نعرب عن قلقنا إزاء الانتشار المستمر لخطاب الكراهية والمعلومات الخاطئة والمضللة حول بعثة مينوسكو، والأمم المتحدة بشكل عام. لذلك، ندعو مجدداًبعثة مينوسكو لتعزيز جهودها في مواجهة خطاب الكراهية والمعلومات المضللة، مع ضرورة دعم المجلس لهذه الجهود.

بالإضافة إلى ذلك، يجب تنفيذ البرنامج المعني بنزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج وتحقيق الاستقرار بالكامل، مع الاستمرار في تنفيذ المشروعات الأخرى التي تهدف إلى إصلاح القطاع الأمني. حيث إن فشل هذه الجهود يؤدي إلى تفاقم النزاع. فالسياسات الفعالة لإعادة دمج الجماعات المسلحة في المجتمع تساعد على تشجيع أعضاء هذه الجماعات على إلقاء أسلحتهم والعودة للحياة المدنية مرة أخرى. وهنا تبرز أهمية الدور الذي تضطلع به بعثة مينوسكو، خاصة في العمل مع جميع الجهات المعنية لدعم تماسك المجتمع وتعزيز قدرته على التصدي للتحديات.

وفي ضوء اقتراب الانتخابات، يتعين على الجماعات المسلحة وقف أعمالها العدائية ونبذ العنف. كما ينبغي علينا مواصلة التشجيع على تهيئة بيئة سلمية داعمة لإجراء انتخابات تحظى بمصداقية بحيث تكون أصوات جميع الكونغوليين فيها مسموعة.

أخيراً، أود التطرق إلى استفحال الوضع الإنساني في شرق البلاد، حيث ذكّرتنا زيارة المجلس إلى مخيم بوشنغارا للنازحين القريب من منطقة غوما، بصعوبة الأوضاع التي يعاني منها ملايين الأشخاص المشردين الذين تركوا منازلهم ومجتمعاتهم، وقدمت مثالاً واضحاً على تداعيات عدم احترام القانون الإنساني الدولي. لذلك، يجب على جميع من يحملوا أسلحة التقيد بالتزاماتهم والامتناع عن استهداف المدنيين أو المواقع المدنية. كما يتعين ضمان سلامة وحماية العاملين في المجال الإنساني ليتسنى إيصال المساعدات بنجاح. فنحن جميعاً مُطالبون بتجديد التزامنا تجاه تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة للنازحين وضمان حصولهم على الخدمات الأساسية.

وبالنسبة لدولة الإمارات، فقد سلطت زيارة مجلس الأمن إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية الضوء على جوانب العمل الذي مازال يتعين علينا القيام به لترسيخ السلام فيها، والحاجة إلى تعزيز التواصل والتعاون بين الجهات الرئيسية لتحقيق هذا الهدف. لابد لهذا المجلس أن يواصل العمل مع كافة الشركاء للدفع قدماً بجهود تحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية والمنطقة برمتها.

وشكراً السيد الرئيس.