مشاركة

تود الإمارات العربية المتحدة أن تشكر جمهورية تونس على تنظيمها مناقشة اليوم المفتوحة.

يمثل هذا العام الذكرى السنوية العشرين للهجمات الإرهابية الأكثر فتكاً في الولايات المتحدة، وما زلنا نعيش حتى اليوم تداعيات هذه الهجمات.

لقد شكل الهجوم الإرهابي على الولايات المتحدة نقطة تحول بالنسبة لمجلس الأمن وجهوده في مجال مكافحة الإرهاب، حيث أدت أحداث الحادي عشر من سبتمبر إلى تبني القرار 1373 بالإجماع، حيث فرض القرار التزامات على الدول الأعضاء لتجريم تمويل الإرهاب، من بين إجراءات أخرى، بالإضافة إلى إنشائه لجنة مكافحة الإرهاب.

بيد أن تحركات الإرهاب الدولي قد اتسعت بشكل كبير في العقدين الماضيين. وقد شهد الشرق الأوسط وبعض المناطق في أفريقيا نصيب الأسد من هذا التوسع الذي أدى إلى خسائر جمّة، وزعزع الاستقرار، وتسبب بموجات من الهجرة إلى أوروبا. وفي مواجهة هذه التهديدات الوجودية، عملت دولة الإمارات جاهدةً مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لمكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط وما بعده. فقد شاركت الإمارات العربية المتحدة في تحالفات مخصصة وعمليات عسكرية لإلحاق الهزيمة بالجماعات الإرهابية. وقد ركزت استراتيجية الدولة على وقف تدفق الأموال والمقاتلين، فضلاً عن التصدي للتطرف وتعزيز التسامح، والتعايش السلمي، والحوار بين الأديان على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية. كما عملت دولة الإمارات مع شركاء ومنظومة الأمم المتحدة لتمكين النساء والشباب من الاضطلاع بأدوار قيادية في مكافحة التطرف.

وفي السنوات التي تبعت عام 2001، اتخذ المجتمع الدولي أيضا إجراءات ملحوظة لمنع الأعمال الإرهابية، بما في ذلك عن طريق تعزيز الصكوك القانونية الدولية. كما اتخذ مجلس الأمن سلسة من الخطوات الهامة، منها إنشاء الإدارة التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب ضمن القرار 1535 (2004) واعتماد القرار 1624 (2005) الذي دعا كافة الدول إلى تبني التدابير التي تحظر التحريض على ارتكاب أعمال إرهابية، فضلاً عن تطوير نظام عقوبات ضد تنظيم القاعدة وتنظيم داعش ومن يدعمهما ويمولهما. ومن جانبها، تبنت الجمعية العامة استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب وأنشأت مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.

وعلى الرغم من هذه الجهود المتواصلة، فإن الجماعات الإرهابية الخطيرة مثل تنظيم القاعدة، وتنظيم داعش، وبوكو حرام، تظل نشطة ولايزال يمتلك بعضها شبكات عالمية تشكل تهديدا لأمننا الجماعي. كما تشير بعض تقارير الأمم المتحدة إلى أن الجماعات الإرهابية سعت إلى الاستفادة من تأثير جائحة كوفيد-19. كما لا يزال بمقدرة إرهابيين أفراد تدمير حياة الأبرياء وسبل العيش من خلال استهداف البنية الأساسية الحيوية، ومراكز المدن، والأماكن السياحية، ودور العبادة. ويزداد التهديد مع تمكن الإرهابيين من الحصول على أسلحة متطورة واستغلال تكنولوجيات جديدة لنشر دعايتهم وتجنيد المقاتلين وجمع الأموال.

في مواجهة كل هذه التحديات المعقدة، يتعين على الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تعالج الثغرات الحالية التي تعرقل جهودنا في مكافحة الإرهاب. وفي هذا السياق، تقترح دولة الإمارات أربع توصيات:

أولا، يجب على الدول الأعضاء أن تعزز الامتثال لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي. وعلى الرغم من أن لجنة مكافحة الإرهاب وإدارتها التنفيذية تعدان آليتان قيّمتان لرصد تنفيذ الدول الأعضاء للقرارات ذات الصلة، بما في ذلك القرار 1373، فإن المجلس يمكنه أن يعزز آلياته الرامية إلى مساءلة الدول الأعضاء عن انتهاك القرارات ذات الصلة والتزاماتها بموجب القانون الدولي. ويتعين على الدول الوفاء بالتزاماتها القانونية حتى لا تتمكن الجماعات الإرهابية من استغلال الثغرات الحالية في النظام.

وثانيا، تتطلب التهديدات الإرهابية تبني استراتيجية استباقية وليس استراتيجية رد فعل. إن استراتيجية مجلس الأمن لمكافحة الإرهاب تحتاج أن تكون ذكية وشاملة في الوقت نفسه للتصدي بفعالية للتهديدات الناشئة للإرهاب. ويشمل هذا تقييم الكيفية التي يمكن بها للإبداع التكنولوجي أن يحسّن جهود مكافحة الإرهاب، فضلاً عن إجراء دراسات تحليلية لآثار الإرهاب تراعي الفوارق بين الجنسين، وتدرس تأثير الهجمات على النساء والفتيات.

ثالثا، يجب على الدول الأعضاء أن تواصل تشجيع وبناء وتعزيز الشراكات مع جميع أصحاب المصلحة على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية. ويشمل هذا على وجه الخصوص تمكين المرأة وإتاحة المجال لها للمشاركة فعلياً في هذا المجال، ليس فقط لضمان الإدماج المنهجي لمنظور المرأة، بل وأيضاً لتعزيز مشاركتها وقيادتها في صياغة وتنفيذ استراتيجيات منع التطرف ومكافحة الإرهاب.

وأخيراً، فإن بناء قدرات الدول الأعضاء وتحسين استراتيجياتها لإدارة الأزمات يعد أمر حاسم للنجاح في منع الإرهاب والتصدي لمخاطره. وتثني الإمارات العربية المتحدة في هذا السياق على الجهود التي يبذلها مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب في تعزيز قدرات البلدان في هذا المجال، وتشيد دولة الإمارات أيضا بعمل “مركز هداية”، ومقره الإمارات العربية المتحدة، حيث يعمل المركز على بناء قدرة الجماعات التي تمنع التطرف وتعمل على تعزيز التسامح والسلام، مع تكييف استراتيجياته لتوائم الخصائص الوطنية والإقليمية المختلفة.

كما تثني دولة الإمارات على الزيارات الهامة التي تقوم بها لجنة مكافحة الإرهاب ومديريتها التنفيذية للدول الأعضاء، فبناءً على خبرة دولة الإمارات، ساهمت مثل هذه الزيارات في تعزيز جهود الدولة في مكافحة الإرهاب.

ولكن لا يمكن أن تنجح الجهود الرامية إلى القضاء على الإرهاب بدون وحدة المجلس والمجتمع الدولي ككل. لقد أحرزت الدول الأعضاء الكثير من التقدم في مكافحة الإرهاب، ولكن الطريق لا يزال طويلا. وستستمر دولة الإمارت في جهودها الرامية إلى القضاء على هذه الآفة العالمية، وستحافظ على نهجها في مكافحة الإرهاب حين يتم انتخاب الدولة كعضو في مجلس الأمن للفترة من عام 2022 إلى 2023.

وفي الختام، تنعى دولة الإمارات جميع ضحايا الإرهاب وتعرب عن تضامنها مع جميع الناجين من الهجمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم.