مشاركة

السيد الرئيس،

أعرب عن خالص امتنانِنا لرئيس الجمعية العامة السيد عبد الله شاهِد على عقد هذه الجلسة لتأبين رئيس الإمارات العربية المتحدة الراحل المغفور لهُ بإذن الله صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان “طَيَّبَ اللهُ ثَراه”. كما أشكر الأمين العام السيد أنطونيو غوتيريش وكافة الدول الأعضاء ورؤساء المجموعات الإقليمية على التعازي الحارة التي عَكَسَت أواصِر الصَداقة بين دولِنا، والتي كانَ لسموهِ دورٌ استثنائيٌ في ترسيخها.

بقلوبٍ مؤمنة صابرة وببالغ الحزن والأسى تلقت دولة الإمارات، شعباً وحكومةً، خبر رحيل القائد والأب الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان في الثالث عشر من مايو الجاري. لقد رحَلَ فقيد الوطن والأمتين العربية والإسلامية بعدَ مسيرةٍ مُشَرِّفة، يملَؤُها العطاء، والتفاني في خدمة الوطن والإنسانية.

لقد كانَ الشيخ خليفة قائداً مُحَنَّكاً ورمزاً للسلام وقُدوَةً للأجيال بتواضعِهِ وإنسانيتِه، وهو ما يَشْهَد لهُ تاريخُهُ الغني بالمُنجزات المحلية والدولية، التي بدَأت قَبْلَ تَوَلّيهِ مقاليد الحُكم في العام 2004. ففي كُلِّ خُطوةٍ خَطاها، حَرِصَ قائد مرحلة التمكين، على مُواصَلَة نهج الوالد المُؤسس المغفور لهُ الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان “طَيَّبَ اللهُ ثَراه” في بناء دولة الإمارات وقيادة شعبِها نحوَ مستقبلٍ مُزْدَهِر، إذْ كانَ من أَشَد المؤمنين بأهمية الاستثمار في بِناء الإنسان، ودعم التنمية المستدامة، والتحفيز على الابتكار، إذْ قال (وأنا هنا اقتبس): “آمالُنا لدولتِنا لا سَقْفَ لها، وطُموحاتِنا لمواطنينا لا تَحُدُّها حُدود”.  

فَخِلال عهدِه، رحِمَهُ الله، شَهِدَت بلادي إنجازاتٍ غير مسبوقة في مختلف القِطاعات، إذْ وصَلَ مِسبارُ الأمل الذي شُيِّد بسواعدٍ إماراتية شابة إلى مدار المَرّيخ، وشَهِدَ اقتصادُ البلاد انتعاشاً ملموساً. كما دعَمَ سموهُ الاستثمار في العلوم والتكنولوجيا والابتكار وكذلك مجالات الطاقة المتجددة. كما كانَ للشيخ خليفة بَصَماتُهُ في برنامَج التمكين السياسي، ومنها إجراء أول انتخابات للمجلس الوطني الاتحادي في العام ألفين وخمسة والذي تَصِل نسبة تمثيل المرأة فيه اليوم إلى خمسين بالمئة.

كما تَبَوَّأَت المرأة الإماراتية تحتَ قيادتِهِ، أرفع المناصب، وأصبحت شريكاً فاعلاً في صُنع السياسات محلياً ودولياً.  وبالمثل، آمَنَ سموُهُ بقُدُرات الشباب وإمكانياتِهم، فَجَعَل الاستثمار في طاقاتِهم ومواهبِهم ركيزةً أساسية في سياسات الدولة.

وكانَ الشيخ خليفة، داعياً حقيقياً للسلام، إذْ كانَ مؤمناً بمبادئ التسامُح والتعايُش السلمي، وهو ما تَجَلّى مثلاً في استقبال بلادي أول زيارة للبابا فرانسيس الى شِبْه الجزيرة العربية، رافَقَها توقيع وثيقة الأُخُوَّة الإنسانية.

ولم يتوانَ سموُهُ عن تقديم المساعدات الانسانية للشعوب المنكوبة والمتضررة دونَ أي اعتبارات للعِرْق أو اللون أو العقيدة، وتَجَسَّد ذلك على سبيل المثال في المساعدات التي قدمتها مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية وتوجيه مساعداتٍ طبية إلى أكثر من 135 دولة خلال جائحة كوفيد-19.

ومن أبرز البَصَمات التي تَرَكها سموُه، شَبَكَة واسعة وعميقة من العلاقات الدولية المتينة. لقد كانَ سموُهُ مؤمناً بوَحدة المصير والعمل متعدد الأطراف، فَرَسَّخ في السياسة الخارجية لدولة الإمارات مبادئ حُسن الجوار والاحترام المُتبادَل والالتزام بالقانون الدولي، فضلاً عن مناصَرَتِه للقضايا الإنسانية العادلة، واتخاذه قراراتٍ تاريخية فَتَحت آفاقاً جَديدة للسلام في منطقةٍ تشوبُها التوترات. ولَطالَما دعا الى تغليب الوساطة ولغة الحوار والدبلوماسية لحل الخلافات.

إنَّ عزاءَنا يَكْمُن بما تَركَهُ الشيخ خليفة من إنجازاتٍ ستبقى إرثاً خالداً وأساساً يرتكزُ عليه جيلٌ إماراتي متمكن بينَما نُكمل مسيرتَنا، تحتَ قيادة سيِّدي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الإمارات العربية المتحدة “حَفِظَهُ الله”، وخيرُ من يحمل راية الدولة ويُوَجِّه مسيرتَنا الطموحة نحوَ الازدهار والتنمية، بمعاونَة إخوانهِ حكام الإمارات.

وختاماً، أكرر الإعراب عن خالِص امتنانِنا لكافة الدول على مُواساتنِا في هذا المُصاب الجَلَل لدولة الإمارات، والذي يجسد ما حَظِيَ به سموهُ، رحِمَهُ الله، من محبةٍ واحترام من قِبَل الجميع…”إنا لله وإنا إليه راجعـون”.

وشكراً، السيد الرئيس.