مشاركة

تلقيه الآنسة: مريم السركال، ملحق دبلوماسي

السيدة الرئيسة،

بدايةً، أود في هذه الجلسة بشأن الممارسات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، أن أضم صوت بلادي للبيان الذي ألقته المملكة العربية السعودية الشقيقة نيابةً عن جامعة الدول العربية والبيان الذي ألقته سلطنة عمان الشقيقة نيابةً عن دول مجلس التعاون. وأشكر كل من سعادة/ موهان بيريس، المندوب الدائم لسريلانكا، و السيدة/ إلزي كهيريس مساعد الأمين العام لشؤون حقوق الإنسان على إحاطتهم المُفصلة ومساعيهم الهامة خلال هذه الفترة العصيبة التي يمر بها الشعب الفلسطيني الشقيق.

السيدة الرئيسة،

يأتي اجتماعنا هذا في وقت تشهد فيه الأرض الفلسطيني المحتلة، تصعيداً خطيراً لم يبدأ الشهر الماضي وإنما منذ فترة طويلة، فبينما يعاني قطاع غزة حالياً من حربٍ دامية يعاني ويلاتها المدنيون، كان العامين الماضيين الأكثر دموية في الضفة الغربية منذ قرابة عقدين، وهذا الى جانب الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى خاصة هذا العام.

إن استمرار الممارسات الاسرائيلية غير الشرعية بحق الشعب الفلسطيني الشقيق في انتهاك للقانون الدولي والقرارات الأممية، يقوض جهود السلام وحل الدولتين ويطيل أمد هذا النزاع، فضلاً عن تسببه في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية المتردية في الأرض الفلسطينية المحتلة.

ولهذا، تشدد دولة الامارات على ضرورة خفض التصعيد الراهن، وفي مقدمته القصف الاسرائيلي المستمر على قطاع غزة دون هوادة، وفرض حصار كامل على القطاع، ليتجاوز بذلك عدد القتلى الفلسطينيين العشرة آلاف، بينهم أكثر من أربعة آلاف طفل وألفين وخمسمئة امرأة، فيما يواجه من بقي على قيد الحياة أشد المعاناة في ظل النقص الحاد في مقومات الحياة الأساسية من مياه وطعام، وانهيار القطاع الصحي، وقطع الكهرباء والوقود عن القطاع. وفوق كل ذلك، اضطر 70% من سكان القطاع البالغ عددهم حوالي مليوني شخص إلى النزوح داخل غزة، رغم عدم وجود مكان آمن، بعد استهداف مخيمات اللاجئين والمدارس، والمساجد، والكنائس، وحتى المستشفيات ومرافق الأمم المتحدة.

وفي ظل هذه الكارثية الإنسانية، تكرر دولة الإمارات المطالبة بالوقف الفوري لهذه الحرب وسياسة العقاب الجماعي الإسرائيلية وضمان إدخال المساعدات الإنسانية بأمان ودون عوائق وعلى نحو مستدام، فمجموع الشحنات التي سمح بإدخالها منذ بدء الحرب يساوي عدد الشاحنات التي كانت تدخل في يوم واحد قبل الحرب، وهذا لا يكفي اطلاقاً مقارنة بحجم الاحتياجات الهائل على الأرض. كما تؤكد دولة الإمارات على ضرورة حماية المدنيين، لا سيما الأطفال، بما يتماشى مع القانون الدولي الإنساني الذي يجب الالتزام به.

كما نعرب عن بالغ قلقنا إزاء استمرار عمليات هدم الممتلكات الفلسطينية ومصادرة أراضيهم، ونحذر من أي محاولات للتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه بشكلٍ قسري والذي قد يؤدي إلى نكبة جديدة.

ونشدد أيضاً على ضرورة أن تتحمل إسرائيل مسؤولياتها وفقاً للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وأن توقف اعتداءاتها على المدن والقرى الفلسطينية، وأن تَكُف عن بناء وتوسيع المستوطنات التي تنتهك قرارات مجلس الأمن ومنها القرار 2334. ونجدد التأكيد على ضرورة وقف عنف المستوطنين، الذي تتصاعد وتيرته منذ بداية هذا العام وبلغ ذروته خلال الشهر الماضي، فمن المهم اتخاذ إجراءات عاجلة بهذا الشأن خاصة خلال موسم قطف الزيتون في فلسطين الذي يشهد عادةً تصاعد هجمات المستوطنين.

وفي سياق متصل، تدعو دولة الإمارات الى ضرورة الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم في القدس ومقدساتها، واحترام دور المملكة الأردنية الهاشمية في رعاية المقدسات والأوقاف في المدينة، وتوفير الحماية الكاملة للمسجد الأقصى الذي يشهد اقتحامات متواصلة من قبل المتطرفين، وأعضاء من الحكومة الإسرائيلية.

إن مستويات العنف الراهنة وهذه الحرب الجارية، تضع أمن ومستقبل الشعبين على المِحَك، ولهذا من المهم تكثيف ومضاعفة الجهود الإقليمية والدولية لإعادة خلق افق سياسي، يمهد الطريق نحو استئناف عملية مفاوضات جدية وذات مصداقية، تفضي إلى حل الدولتين. وأؤكد بهذه المناسبة على موقف دولة الإمارات الثابت في دعم الشعب الفلسطيني الشقيق وحقوقه المشروعة في إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة على حدود الرابع من يونيو لعام ١٩٦٧، وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ومبادرة السلام العربية والمرجعيات الدولية المتفق عليها.

وختاماً، السيدة الرئيسة، لا يجب أن نترك شعوب المنطقة أسيرة حلقات مفرغة من العنف والكره المتراكم من جيل الى جيل، وهذا ما أكدته الاحداث الأخيرة، والتي صاحبها انتشار خطاب الكراهية والتحريض على العنف في المنطقة والعالم. وكما أقر مجلس الأمن في قراره رقم ألفين وستمائة وستة وثمانين بشأن “التسامح والسلام والأمن” يساهم خطاب الكراهية والعنصرية في اندلاع وتصعيد وتكرار الصراعات. إن السبيل الوحيد لإنهاء هذه التطورات الخطيرة يكمن في التوصل الى تسوية شاملة وعادلة ودائمة لهذا النزاع، وتعزيز الحوار والتعايش السلمي وجعل التعاون مساراً لإحلال الاستقرار في المنطقة.

وشكراً، السيدة الرئيسة.