مشاركة

تلقيه السيدة أميرة الحفيتي، نائبة المندوبة الدائمة 

السيد الرئيس،

أود بدايةً أن أضم صوت دولة الإمارات إلى البيان الذي ألقته المملكة العربية السعودية بالنيابة عن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وأشكر وفد جمهورية المانيا الاتحادية؟ على جهوده في تيسير المفاوضات على مشروع القرار المعنون “الحالة في أفغانستان”.

السيد الرئيس،

بعد مرور أكثر من عامٍ على سيطرة طالبان على كابول، لا تزال الحالة في أفغانستان مقلقة، خاصة مع تزايد الاحتياجات الإنسانية وانكماش الاقتصاد واستمرار التمييز ضد النساء والفتيات، وحرمانهِنَّ من المشاركة الكاملة والهادفة والمتساوية في المجتمع.

وتزداد الشواغل  مع استمرار التهديدات التي تُشكلها الجماعات الارهابية في أفغانستان على الأمن والاستقرار فيها والمنطقة ككل، الأمر الذي يتطلب من المجتمع الدولي مواصلة دعواته إلى سلطات الأمر الواقع بضرورة الحيلولة دون أن تصبح أفغانستان ملاذاً آمناً للإرهابين، على أن تنخرط سلطات الأمر الواقع في حوار جاد وهادف مع المجتمع الدولي بشأن مكافحة  الإرهاب وإحلال الامن في أفغانستان.

وعليه، تُؤكد بلادي على أهمية بذل كافة الجهود لإرساء الأمن في أفغانستان وتحقيق الاستقرار والتنمية فيها، بما يُلبي آمال وتطلعات الشعب الأفغاني الصديق، إذ يجب هنا إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة مع سلطات الأمر الواقع، لاعتباراتٍ واقعية وعملية، وبما يضمن إحراز تقدمٍ ملموس.

السيد الرئيس،

تدعم بلادي الدعوات التي وجهها المجتمع الدولي لسلطات الامر الواقع – بما في ذلك عبر مشروع قرار اليوم – للتراجع عن السياسات والممارسات التي تُقيد حقوق النساء والفتيات الأفغانيات، ويشمل ذلك حقهن في التعليم والمشاركة المتساوية في الحياة العامة.

ونُكرر أن هذه القيود تتنافى مع كافة الأديان والقيم والمبادئ الانسانية، وأن مشاركة المرأة وحصول الفتيات على التعليم ليس أمراً اختيارياً، بل ضرورة لتحقيق التنمية والازدهار في افغانستان، ومثلما أفاد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، خسر الاقتصاد الأفغاني ما يقرب من خمسة مليارات دولار في عام واحد فقط، وسيكون من الصَعب استعادة تلك الخسارة إذا لم يُسمح للمرأة المساهمة بشكلٍ فعال في المجتمع وحصول الفتيات على حقهن في التعليم.

ولا يَسعُنا سوى التأكيد على الدور الهام الذي تضطلع به منظمة التعاون الإسلامي في هذا الجانب، فالقضايا المتعلقة بحقوق المرأة في أفغانستان لن تعالج دون الأخذ بعين الاعتبار السياقات الثقافية والدينية فيها.

السيد الرئيس،

تؤكد دولة الإمارات على أهمية تضافر الجهود الدولية لتقديم المساعدات الإنسانية والمبادرات الثقافية لبناء مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً للشعب الأفغاني. واستكمالاً لدورها التاريخي في دعم الجهود الدولية في أفغانستان ودعم الشعب الأفغاني،  وقعت دولة الإمارات مؤخراً على مُذكِرة تفاهم مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر لتقديم مساهمة قدرها أربعة ملايين دولار أمريكي لتغطية النفقات التشغيلية والإدارية للمستشفيات في أفغانستان، فضلاً عن تقديم أكثر من مليار وسبعمائة مليون دولار من المساعدات، وتسيير جسور جوية لإيصال الإمدادات الغذائية والطبية لتوفير الاحتياجات الضرورية للشعب الأفغاني وخاصة النساء والأطفال.  كما لعبت دولة الإمارات دورًا مهمًا وأساسياً في إجلاء نحو خمسين ألف شخص من الأفغان والرعايا الأجانب منذ شهر أغسطس من العام الماضي، وسنواصل التعاون مع الشركاء الإقليميين والمجتمع الدولي لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى الشعب الافغاني.

إن فداحة الأزمة الإنسانية تتطلب إعادة تنشيط الاقتصاد الأفغاني من خلال اتخاذ خطوات لزيادة السيولة وتسهيل المعاملات المالية والخدمات المصرفية، بالتعاون مع المؤسسات المالية الدولية والجهات الفاعلة ذات الصلة لتخفيف القيود المفروضة على أفغانستان واتخاذ الترتيبات اللازمة لدعم تشغيل القطاع المالي. ولكن جميعنا يدرك بأن تقديم المساعدات الإنسانية ليس حلاً مستداماً، وبالتالي فإن تنشيط أجزاء من الاقتصاد الأفغاني سيُقلِل من الاحتياجات الإنسانية  للشعب الأفغاني.

السيد الرئيس،

تعمل دولة الامارات منذ بداية عضويتها في مجلس الأمن، مع باقي أعضاء المجلس، لتعزيز استجابة المجتمع الدولي للتحديات الخطيرة التي تواجهها أفغانستان ، وضمان اتباع نهج عملي وبناء لتحقيق هذه الغاية.

 لذا نتطلع إلى إيجاد طرقٍ لمساندة بعثة يوناما، بقيادة الممثلة الخاصة للأمين العام، بما في ذلك من خلال  الحفاظ على التفويض القوي للبعثة خلال المفاوضات التي سيجريها المجلس في مارس المقبل، إذ تُعد هذه المسألة ضرورية في ظل ما تلعبه يوناما من دورٍ فاعل على أرض الواقع وكذلك من حيث تنسيقها للجهود الدولية لتحسين أوضاع الشعب الأفغاني.

وختاماً، تؤكد دولة الامارات على التزامها بدعم الشعب الافغاني والمشاركة بشكل بناء سواء في مجلس الأمن والجمعية العامة، أو من خلال الترتيبات الإقليمية والدولية لتحسين الأوضاع في أفغانستان. وشكراً، السيد الرئيس.