مشاركة

يلقيه السيد/ سيف ثاني الكثيري

السيد الرئيس،

أتقدم لكم بالتهنئة على توليكم رئاسة اللجنة القانونية، ونحن على استعداد لتقديم الدعم اللازم خلال رئاستكم. كما أؤيد البيان الذي ألقته المملكة العربية السعودية باسم منظمة التعاون الإسلامي.

السيد الرئيس،

نجتمع اليوم في وقت حرج نواجه فيه ارتفاعاً ملحوظً في وتيرة التهديدات الإرهابية العابرة للحدود، وما يرافق ذلك من استخدام الجماعات الإرهابية أسلحة متطورة وأساليب متجددة، لزيادة أنشطتها الاجرامية حول العالم. إن الطبيعة المتحورة للإرهاب تتطلب من المجتمع الدولي ألا يدخر جهداً في مكافحة هذه الآفة بشتى الطرق التي تتماشى مع القانون الدولي، ومن هنا تأتي أهمية مناقشتنا السنوية هذه، والتي تشكل فرصة مهمة لتبادل الآراء بشأن الاتجاهات الناشئة للجماعات الارهابية واستعراض أفضل السبل التي يمكن من خلالها تحسين استجابتنا الدولية لتهديدات الارهاب. ونؤكد هنا على ضرورة تكثيف التعاون والتنسيق الدولي وتجنب الانقسامات التي قد تعرقل جهودنا في هذا المجال وتخلق فرصا أمام الجماعات الإرهابية لاستغلالها.

وفي هذا الصدد، تشدد دولة الإمارات على النقاط التالية:

أولاً، ندرك جميعاً أن أفضل سبيل لردع الإرهاب يكمن بالوقاية منه ومعالجة العوامل المؤدية إليه، مما يقتضي أن نجعل من مسألة منع التطرف أولوية قصوى وأن نسعى جدياً لترسيخ قيم التسامح والتعايش السلمي وتقبل الطرف الآخر بين المجتمعات. لقد حقق المجتمع الدولي العديد من الإنجازات في هذا المضمار، خاصة بعد إقرار هذه المنظمة خلال الأعوام القليلة الماضية بضرورة وضع استراتيجيات لمنع التطرف وعليه يجب مواصلة تحديث اساليبنا لتحصين مجتمعاتنا من آفتي التطرف والإرهاب.

ولا يفوتنا هنا التأكيد على ضرورة عدم ربط التطرف والإرهاب بالدين، إذ تسعى الجماعات الإرهابية لتحريف الدين من أجل نشر اجندتها وخلق انقسامات بين مختلف المجتمعات، مما يتطلب من المجتمع الدولي عدم الانصياع لمثل هذه المحاولات الزائفة، ونشيد في هذا الصدد بقرار الجمعية العامة المعني باستراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب والذي تم من خلاله استخدام مسمى داعش دون ربطه بدين أو منطقة بعينها.

ثانياً، علينا ضمان أن ترتقي استجابتنا الدولية لمستوى التهديدات التي تشكلها الجماعات الإرهابية على السلم والأمن الدوليين، ويعني هذا في المقام الأول، السعي لاستباق هذه التهديدات، مع مواصلة العمل على تحديث استراتيجياتنا وأطرنا القانونية لتواكب الطبيعة المتجددة للإرهاب، خاصة في ظل ما نشهده حالياً من استخدام الجماعات الإرهابية كداعش والقاعدة وجماعة الحوثي للتكنولوجيا المتقدمة والأسلحةالمتطورة كالصواريخ والطائرات المسيرة، لشن هجمات عابرة للحدود واستهداف المدنيين والبنى التحتية والمنشآت المدنية من مطارات ومصافي نفطية وطرق للشحن الدولي.

كما ينبغي علينا جميعا تصحيح النهج القائم على اتباع مسارين غير متساويين في مجال مكافحة الإرهاب، حيث مازالت أجهزة الأمم المتحدة، تركز فقط على تنظيمي القاعدة وداعش متجاهله الجماعات الإرهابية الأخرى بالرغم من اعتراف المجتمع الدولي ومجلس الأمن بهذه الجماعات الإرهابية في قراراته، إذ لا يمكن الحديث عن نظام دولي آمنٍ ومستقر في ظل غياب موقف دولي حازم يرفض الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره.

ثالثاً، نكرر التأكيد على ضرورة استمرار المجتمع الدولي والدول الأعضاء في تعزيز اطرها القانونية وتنفيذ التزاماتها وفقاً لقرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والأعراف الدولية. وينبغي علينا أولاً اتخاذ الخطوات اللازمة نحو الوصول إلى تعريف دولي شامل للإرهاب، مع مواصلة تحديث القوانين الوطنية والدولية، باعتبارها جوهرية لتحسين استجاباتنا للإرهاب، ويشمل ذلك اعتماد قواعد وأنظمة دولية تمنع الإرهابيين من الحصول على الأسلحة المتطورة والتكنولوجيا المتقدمة. وعلى الصعيد الوطني، نحن حريصون على مواصلة تعزيز أطرنا القانونية، حيث أصدرت بلادي العديد من القوانين الوطنية لمحاكمة الارهابيين ومحاربة تمويلهم وتجريم أفعالهم. كما انضمت بلادي إلى أكثر من 15 اتفاقية إقليمية ودولية معنية بمكافحة الإرهاب وشاركت في رعاية العديد من القرارات على الصعيد الدولي والإقليمي.

رابعاً: لابد من التركيز على بناء قدرات الدول في مجال مكافحة الإرهاب عبر تقديم التدريب وتوفير الخبرات التي من شأنها أن تساعد الجهات الفاعلة في قطع التمويل عن الإرهابيين ووقف تدفق المقاتلين الإرهابيين الأجانب. لذلك، تواصل بلادي العمل مع كافة الشركاء لإطلاق مبادرات عملية تعزز من جهودنا في التصدي لكافة الجوانب المتعلقة بالتطرف والإرهاب، وكان آخرها دعم دليل أعده مركز هداية في أبوظبي يتضمن توصيات بشأن إعادة تأهيل وإدماج المقاتلين الإرهابيين الأجانب، كما يعمل المركز على دعم الدول في وضع استراتيجيات لمكافحة التطرف بناء على احتياجاتهم وتتوافق مع كل منطقة حسب ظروفها.

وختاماً، تدعو دولة الإمارات إلى الحفاظ على الزخم الدولي المتعلق بمكافحة التطرف والإرهاب، وتؤكد بلادي أن هذه المسألة ستبقى على قمة أولوياتنا، سواء في الجمعية العامة أو أثناء عضويتنا في مجلس الأمن، ورئاستنا للجنة مكافحة الإرهاب لعام 2023.

وشكراً، السيد الرئيس.