مشاركة

يلقيه سعادة السفير محمد أبوشهاب، نائب المندوبة الدائمة

أصحاب السعادة، والزملاء الكرام،

بدايةً، أود أن أشكر رئيس الجمعية العامة سعادة السيد عبد الله شاهد على عقد هذا الاجتماع الهام، والشكر موصول للحاضرين على بياناتهم ومشاركاتهم، حيث أصبح ترسيخ ثقافة السلام حاجة ملحة وضرورية، لاسيما مع تسبب التهديدات الناشئة والعالمية، مثل الجائحة، في تفاقم النزاعات وتقويض السلام.

 ولكن ليس لحديثنا عن ثقافة التعايش السلمي معنى إن لم يقترن بخطوات ملموسة لترسيخها في مجتمعاتنا. وبالنسبة لتجربتنا في دولة الإمارات، يستوجب بناء المجتمعات السلمية والحفاظ عليها العمل بشكل منهجي ومؤسسي، يؤصل التسامح والتعايش السلمي كقيم اجتماعية. وانطلاقاً من ادراكنا جميعاً بخطر انتشار خطاب الكراهية والتحريض على العنف عبر الحدود، حرصنا على التعاون مع شركائنا الإقليميين والدوليين لتحصين المجتمعات، ولمكافحة المعلومات المضللة والمغلوطة، لاسيما عبر الانترنت. ولذلك، فإن دولة الإمارات عمدت إلى اتباع هذا النهج في مجلس الأمن، خاصةً حيال الصراعات التي يؤدي فيها خطاب الكراهية والتمييز والتحريض على العنف إلى استمرارها وإضعاف مساعي حلها، وبالتالي فإن صون السلم والأمن الدوليين لا يمكن أن يتحقق دون نشر قيم التسامح وإيثار الاخوة الإنسانية بين الشعوب.

وعليه، نود تسليط الضوء على ثلاث مجالات نرى أنه لا يمكن الاستغناء عنها لترسيخ ثقافة السلام:

أولاً، ينبغي التركيز على نهج الوقاية، باعتباره السبيل الأمثل لخلق مجتمعات سلمية وآمنة وتعزيز قدرتها على الصمود، إذ تؤمن دولة الإمارات بشدة بضرورة تحصين شعوبنا من مخاطر التطرف ورفع الوعي المجتمعي بشأنها، بما في ذلك عبر جعل وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي منبراً لإعلاء الأصوات المعتدلة وكشف الرسائل المضللة. وينبغي أيضاً مواصلة تحديث المناهج التعليمية لخلق أجيال تحتضن السلام والتنوع الديني والثقافي وتحترمه، وهذه أحد الأسباب العديدة التي نتطلع على إثرها لمخرجات “قمة تحويل التعليم” والتي سيعقدها الأمين العام لاحقاً هذا الشهر.

ثانياً، علينا الاقرار بأهمية العدالة الاجتماعية وارتباطها الوثيق ببناء السلام وترسيخ ثقافته وإزالة الاحتقان بين أفراد المجتمع. ويتطلب تحقيق العدالة الاجتماعية وسيادتها والحفاظ عليها مواصلةتطوير قدرات المؤسسات الحكومية، لاسيما القضائية، باعتبارها الجهات الرئيسة المسؤولة عن أمن وسلامة واستقرار المجتمعات.  

ثالثاً، يتطلب بناء سلام شامل تمكين واشراك جميع العناصر الفاعلة في المجتمع، خاصة على المستوى المحلي، فعلى سبيل المثال، تعد المشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة للمرأة في كافة مراحل عمليات السلام جوهرية لضمان استدامته. كما أن تمكين الشباب واشراكهم في عمليات صنع القرار والاستماع لأفكارهم يساهم في تعزيز التماسك المجتمعي، ويمكن للقادة الدينيين لعب دور هام أيضاً في هذا المجال، وذلك في حال اشراكهم في الحوار وتدريبهم على التصدي للمفاهيم المتطرفة والمغلوطة، مما سيساهم في وقف استغلال الدين لغرض التحريض على الكراهية والعنف. 

وفي الختام، تؤكد دولة الإمارات على التزامها الراسخ بالاستجابة الشاملة والمنسقة لمتطلبات تعزيز ثقافة السلام بناءً على قيمنا وتجاربنا الوطنية، بما في ذلك عبر التعاون لتنفيذ إعلان وبرنامج عمل الأمم المتحدة بشأن ثقافة السلام.

وشكراً لكم.