يلقيه سعادة السفير محمد أبوشهاب المندوب الدائم
السيد الرئيس،
أشكركم على عقد هذا الاجتماع، الذي يتزامن مع حلول الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لاعتماد إعلان وبرنامج عمل الأمم المتحدة بشأن ثقافة السلام.
إن هذه المناسبة الهامة تستدعي منا تجديد التزامنا بترسيخ قيم التسامح والأخوة الإنسانية، والوقوف على الإنجازات التي حققناها، وتحديد الثغرات والتحديات التي تتطلب منا تكثيف العمل على معالجتها.
وهذه مسألة بالغة الأهمية بالنظر إلى المشهد الدولي الحالي، فمعدل النزاعات المسلحة هو الأعلى منذ الحرب العالمية الثانية، فيما تواصل الخطابات المحرضة على الكراهية والعنف اجتياح المجتمعات والعقول، مهددةً بتقويض الإنجازات التي حققناها على مدى العقود الماضية.
إن معالجة هذه التحديات يقتضي من المجتمع الدولي تعزيز نهجهِ الاستباقي والشامل، باعتباره جوهر تحقيق سلامٍ مستدام.
وهذا يتطلب منا مواصلة إرشاد شعوبنا نحو التسامح، بحيث نرفع الوعي بأهميته وبخطورة التطرف، ونوفر الأدوات والخبرات التي تضمن بناء علاقات متماسكة بين المجتمعات التي يجب أن ترى في تنوعها ثروةً للتطور وليس سبباً للخلاف.
ومن هذا المنطلق، تواصل دولة الإمارات توظيف كافة المحافل لترسيخ السلام وقيم التسامح والتعايش السلمي، بما في ذلك خلال عضويتنا في مجلس الأمن للفترة 2022-2023.
من هنا جاء اعتماد مجلس الأمن، وبالإجماع، قراره التاريخي المعني بـ “التسامح والسلام والأمن” العام الماضي، والذي قدمته بلادي، ويقر للمرة الأولى بأن العنصرية وخطاب الكراهية والتطرف تساهم في اندلاع الصراعات وتفاقمها وتكرارها.
فهذا القرار يتضمن العديد من الخطوات الهامة التي تساهم في توطيد الأمن والسلام وثقافة التعايش السلمي على المستوى الدولي، حيث يشجع القرار جميع الجهات ذات الصلة، بما في ذلك القادة الدينيون وقادة المجتمع ووسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، على التصدي لخطاب الكراهية والتطرف.
ومن خلاله أيضاً، ستقوم الأمم المتحدة بالرصد والإبلاغ عن خطاب الكراهية والتطرف، مما سيعزز فِهمنا لجميع الجوانب المرتبطة بهذه الظواهر وسيساعد على تطوير أساليبنا في التصدي لها.
وبالتالي، فإن التنفيذ الكامل للقرار 2686 ضروريٌ لصون السلم والأمن الدوليين ومسؤولية مشتركة لجميع الجهات المعنية.
السيد الرئيس،
لا يمكن الحديث عن ثقافة السلام دون التطرق لدور الشباب في منع نشوب النزاعات وحلها، ففضلاً عن كونهم أكثر الفئات استهدافاً من قبل الجماعات المتطرفة والإرهابية، يمتلك الشباب القدرة على وضع حلول مبتكرة للتحديات التي تواجه مجتمعاتنا اليوم، مما يتطلب منا الاستثمار في الشباب وتعزيز الشراكات معهم واعطائهم أدوار قيادية في جهود إرساء السلام واستدامته.
ومن المهم أيضاً مواصلة تمكين النساء والفتيات من المساهمة في وضع وتنفيذ السياسيات الهادفة إلى بناء مجتمعات سلمية ومزدهرة، لدورهن المحوري في تعزيز التواصل والحوار بين مختلف الأفراد والثقافات.
ومن جانب آخر، تؤمن دولة الإمارات بأهمية توظيف الذكاء الاصطناعي في توطيد السلام، وذلك عبر الاستثمار في هذا القطاع وتطوير آليات الذكاء الاصطناعي في الكشف عن المعلومات المغلوطة والتصدي لخطابات العنف والكراهية.
وأخيراً، السيد الرئيس، أؤكد على التزام دولة الإمارات بمواصلة العمل لنشر قيم التسامح والتعايش السلمي حول العالم، بما في ذلك عبر التعاون مع المجتمع الدولي من أجل تنفيذ “إعلان وبرنامج عمل الأمم المتحدة بشأن ثقافة السلام”.
وشكراً، السيد الرئيس.