مشاركة

يلقيه سعادة السفير محمد أبوشهاب المندوب الدائم ورئيس المجموعة العربية لشهر مايو

السيد الرئيس،

أشكركم على سرعة الاستجابة لعقد هذه الجلسة الاستثنائية الطارئة المستأنفة للجمعية العامة، بناءً على طلب من المجموعة العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، وحركة عدم الانحياز.

ويسُرني، بصفتي رئيس المجموعة العربية لشهر مايو، أن أُدلي بهذا البيان وأن أُقدم مشروع القرار (A/ES-10/L.30/Rev.1) والذي يوصي في جوهره مجلس الأمن بإعادة النظر في طلب فلسطين الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

يأتي هذا المشروع بعد استخدام الولايات المتحدة حق النقض ضد مشروع القرار الذي تقدمت به دولة الجزائر لمجلس الأمن حول هذه المسألة الشهر الماضي، نيابةً عن المجموعة العربية.

أصحاب المعالي والسعادة،

نحن اليوم أمام لحظة فارقة في التاريخ، فمشروع القرار المطروح أمامكم يمَس مستقبل الشعب الفلسطيني بأكمله.

شعبٌ عانى من الاضطهاد والحرمان من أبسط الحقوق لأكثر من خمسة وسبعين عاماً، ولايزال ينتظر بصبرٍ وثبات، انتصار المجتمع الدولي لحقه في تقرير المصير، ونيل دولته العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

إن الشعب الفلسطيني، المحب للسلام، يستحق فرصة المساهمة بفعالية في خدمة الإنسانية عبر الأمم المتحدة.

لقد أثبتت فلسطين، من خلال حرصها على الانضمام للمعاهدات والاتفاقيات الدولية، والتزامها بميثاق الأمم المتحدة، ومن خلال استيفائها لمعايير العضوية، ونيلها اعتراف 144 دولة، أنها تستحق مكانتها في الأسرة الدولية ولها الحق في العضوية الكاملة.

إن الغالبية العظمى في هذه القاعة تدرك جيداً عدالة الطلب الفلسطيني، وعدالة قضيتهم التي تواجه اليوم مساعٍ شرسة لطمسها وتصفيتها.

ويتجلى هذا في محاولات التهجير القسري للشعب الفلسطيني، ومصادرة أراضيه، والتوسيع المستمر للمستوطنات مما يقطع أواصر الدولة الفلسطينية.

ويضاف إلى ذلك الاعتداءات الإسرائيلية المدانة والمتواصلة على قطاع غزة، وما يصاحبها من قتلٍ ودمار، مع خطورة تفاقم الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في ظل التصعيد الأخير في رفح.

لقد ضربت إسرائيل كل القرارات الدولية عُرضَ الحائط…ووصل الحد بها إلى المصارحة جهراً برفض حل الدولتين، وإنكار حق الشعب الفلسطيني في إعلان دولته المستقلة وذات السيادة.

إننا، كمجتمعٍ دولي، نتحمل مسؤولية الدفاع عن المرجعيات الدولية المتفق عليها لإنهاء هذا النزاع، وفي مقدمتها حل الدولتين على حدود الرابع من يونيو لعام 1967.

إن منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، سيوجه رسالة قوية في هذا الشأن.

كما أن التصويت لصالح مشروع القرار اليوم، سيؤكد أن الإرادة الدولية أبت إلا أن تنتصر للحقوق المشروعة للشعوب، وأن ترفض الازدواجية في المعايير، فهذا هو الدرع الحامي لدولنا في وجه النزاعات والأزمات التي يمر بها عالمنا اليوم.

لقد تأخرت الأمم المتحدة في الوفاء بالتزاماتها التاريخية تجاه الشعب الفلسطيني، ولكن الوقت لم يفت بعد، فالشعب الفلسطيني أحوج ما يكون الآن لمثل هذا الدعم الأممي.

إن كل دولة منكم لديها حرية الاختيار، وعليها أن تقرر كيف سيسجل التاريخ موقفها.

فهل ستختارون الوقوف بجانب الحقِ والعدالة ومبادئ المساواة …. الأسس التي قامت عليها الأمم المتحدة؟

هل ستدافعون عن نظامٍ دولي قائم على سيادة القانون وحق الدول المشروع في العضوية الكاملة؟

هل ستنصرون شعباً عانى من الاحتلال والعدوان لأكثر من سبعة عقود؟

وهل سنوجه اليوم لمجلس الأمن رسالة بأننا لن نتوقف عن المطالبة بحق فلسطين في العضوية الكاملة، وأنه مطالبٌ بالاستجابة لإرادة المجتمع الدولي؟

السيد الرئيس،

أصحاب المعالي والسعادة،

إن مشروع القرار اليوم واضحٌ، وكما ذكرنا، فهو يوصي مجلس الأمن بإعادة النظر في عضوية فلسطين الكاملة، ودعم طلبها، وذلك في ظل اقرار الجمعية العامة بأهلية دولة فلسطين، والفتوى الاستشارية لمحكمة العدل الدولية الصادرة في 28 مايو لعام 1948، وبما يتوافق تماماً مع المادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة.

ومع ذلك، لا يشكل هذا القرار بحد ذاته انصافاً لدولة فلسطين، حيث إنها، وإن منحت حقوقاً إضافية، تبقى دولة مراقبة لا تمتع بحق التصويت في الجمعية العامة أو الترشح لهيئات الأمم المتحدة.

ولذلك، نطالب مجلس الأمن بالاستجابة للجمعية العامة، بيتنا الجامع، وللأغلبية الساحقة من المجتمع الدولي، وأن يرفع توصية ايجابية بشأن عضوية دولة فلسطين حتى يتسنى للجمعية العامة اتخاذ قرار بانضمامها للأمم المتحدة.

ويؤكد مشروع القرار أيضاً على حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير المصير، بما في ذلك حقه في استقلال وسيادة دولته.

ويدعو إلى تجديد الجهود الدولية، للتوصل دون تأخير إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967، والتوصل إلى تسويةٍ عادلة ودائمة وسلمية لقضية فلسطين.

إن تبني هذا القرار سيمثل خطوةً تاريخية نحو تصحيح الظلم الذي عانى منه الشعب الفلسطيني على مدى عقود، وسيعزز مكانة فلسطين ومشاركتَها في المحافل الدولية.

أما التصويت ضد هذا القرار فسيكون بمثابة تخلٍ عن المسؤولية الأخلاقية والقانونية تجاه القضية الفلسطينية، وقد يفسر على أنه ضوء أخضر لإسرائيل لمواصلة انتهاكاتها التي تقوض حل الدولتين.

ولهذا، تناشد المجموعة العربية كل الدول المحبةِ للسلام والمدافعة عن حقوق الدول المشروعة أن تصوت لصالح هذا القرار.

وأخيراً، وبينما تستمر الجهود الجبارة لجمهورية مصر العربية، ودولة قطر للتوصل إلى وقفٍ فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، تؤكد المجموعة العربية ضرورة سعي المجتمع الدولي لإيجاد أُفق سياسي جاد لإعادة إطلاق عمليةٍ تفاوضية تُسهم في تحقيق السلام العادل والشامل للشعب الفلسطيني الشقيق، وفقاً لمبادرة السلام العربية وغيرها من المرجعيات الدولية.