يلقيه سعادة السفير محمد أبوشهاب، نائب المندوب الدائم
السيد الرئيس،
أشكر المندوب الدائم لماليزيا السفير أحمد فيصل محمد على تقديمه التقرير السنوي للجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقهِ غير القابلة للتصرف، ونؤيد التوصيات الواردة في التقرير. وانتهز الفرصة لأعرب عن تقديرنا لجهود اللجنة، تحت رئاسة السفيرشيخ نيانغ، ولمساعي شُعبَة حقوق الفلسطينيين والأمم المتحدة ككل في دعم الشعب الفلسطيني الشقيق، خاصةً خلال هذه الفترة الصعبة.
كما أضم صوتي إلى البيان الذي ألقته سلطنة عمان بالنيابة عن أعضاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
السيد الرئيس،
لقد مرّ أكثر من ستة وسبعين عاماً على اعتماد الجمعية العامة للقرار 181المعروف بقرار التقسيم، والذي وضع الأسس لإنشاء دولتين في فلسطين، إحداهما عربية والأخرى يهودية، وفي حين نشأت إسرائيل كدولة بموجب ذلك القرار، ظل الشعب الفلسطيني الشقيق حتى اليوم دون دولة مستقلة وذات سيادة، ودون اعتراف دولي شامل بدولة فلسطين أو منحها عضوية كاملة في الأمم المتحدة، فيما لم يعرف ثلاثة أجيال من أبناء الشعب الفلسطيني سوى الاحتلال واللجوء والتهجير القسري.
ولهذا، يتوجب علينا جميعاً التأكيد على أهمية إعادة إحياء عملية سلام جدية وذات مصداقية لتحقيق حل الدولتين، وإعلان دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة على حدود الرابع من يونيو لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل في أمن وسلام واعتراف متبادل.
لقد أصبح التوصل إلى حل سلمي وعادل وشامل للقضية الفلسطينية مسألة ملحة، خاصة في ظل التصعيد الخطير في الأرض الفلسطينية المحتلة، وتحديداً في قطاع غزة الذي يشهد منذ أسابيع عدوان إسرائيلي مُدان، راح ضحيتُه أكثر من أربعة عشر ألف مدني – على أقل تقدير – ثلثهم من النساء والأطفال، فضلاً عن إصابة عشرات الآلاف الآخرين.
وتزداد الأوضاع تدهوراً في ظل نزوح حوالي 80% من سكان القطاع، وتدمير المنازل، والمدارس، والبنية التحتية بشكلٍ شبه كامل، بسبب القصف الإسرائيلي العنيف.
ويقلقنا بشكل خاص انهيار القطاع الصحي، حيث توقَفت 26 مستشفى عن العمل وأكثر من 55 مركزاً للرعاية الصحية، فيما تعاني باقي المنشآت الصحية من نقصٍ حاد في المواد الطبية وانقطاع الوقود والكهرباء.
وفي ظل هذه الأوضاع الكارثية، تُرحب دولة الإمارات بالاتفاق على هدنة لمدة أربعة أيام، تم تمديدها ليومين إضافيين. ونؤكد على أهمية مواصلة تمديد الهدنة والانتقال العاجل إلى وقفٍ دائم لإطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية وأن يتم ذلك بشكل آمن ومستمر وعبر عدة معابر، مع ضمان ايصالها لجميع المحتاجين في أنحاء القطاع دون عوائق. ونشيد هنا بجهود جمهورية مصر العربية ودولة قطر والولايات المتحدة الأمريكية والتي يسرت التوصل إلى هذه الهدنة ودعم تنفيذها.
ونشدد أن الازمة الإنسانية غير المسبوقة في غزة والمتفاقمة بسبب الحصار والدمار تتطلب تكثيف الدعم الدولي للشعب الفلسطيني الشقيق، إذ يفتقر ما يزيد عن مليوني فلسطيني في غزة إلى أبسط مُقوِمات الحياة، فيما لجأ حوالي مليون شخص إلى مدارس الأونروا، التي لم تسلم أيضاً من القصف. وندين في هذا السياق وبشدة ممارسات التهجير القسري والعقاب الجماعي بحق الشعب الفلسطيني الشقيق، الذي يستحق العيش بأمن وسلام على أرضه.
ونطالب جميع الأطراف إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني وعدم التعرض للمدنيين والمنشآت المدنية.
ولا يفوتنا هنا الإشادة بالدور الريادي الذي تضطلع به وكالة الأونروا في تلبية الاحتياجات الأساسية للاجئين الفلسطينيين منذُ تأسيسها ورغم خطورة الأوضاع. ونتقدم بخالص التعازي للوكالة على مقتَل مئة وثمانية من موظفيها خلال تأديتهم مهامهم الإنسانية في غزة.
ومن الضروري أيضاً وقف التدهور المتسارع للأوضاع في الضفة الغربية والقدس الشرقية بسبب مواصلة الانتهاكات الإسرائيلية فيها، خاصة الاقتحامات المتكررة للمدن والقرى الفلسطينية، وتصاعد عنف المستوطنين، والتوسع المتزايد للمستوطنات غير الشرعية التي تهدد حل الدولتين.
وتزداد الشواغل في ظل تعرض المقدسات الإسلامية والمسيحية لانتهاكات صارخة، خاصة المسجد الأقصى المبارك، حيث تؤكد الإمارات على ضرورة الحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم في القدس ومقدساتها، واحترام دور المملكة الأردنية الهاشمية في رعاية المقدسات والأوقاف في المدينة.
ومع استعدادنا لإحياء اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني الشقيق يوم غدٍ، ننوه بأننا نقف أمام منعطف حاسم في تاريخ القضية الفلسطينية والمنطقة، فتحقيق السلام يتطلب التوصل الى تسوية سياسية وسلمية عادلة وشاملة، تُرسخ التعايش السلمي بين شعوب المنطقة، وتَضع حداً لدوامة العنف والتطرف والكراهية.
وشكراً، السيد الرئيس.