مشاركة

يلقيه السفير محمد أبو شهاب نائب المندوب الدائم

السيد الرئيس،

بدايةً، أضُم صوت دولة الإمارات إلى البيانات التي ألقيت نيابةً عن المجموعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ودول مجلس التعاون الخليجي وحركة عدم الانحياز.

وأُرحب بالقرار الهام الذي اعتمدتهُ الجمعية العامة يوم الجمعة الماضي في ظل الحرب الدامية التي يشهدها قطاع غزة، ويعاني ويلاتها المدنيون.

فأمام مشاهد الدمار الهائل، وقتل حوالي 9000 فلسطيني، ونزوحِ أكثر من مليون وأربعمئة ألف جرَّاء القصف الإسرائيلي العنيف وتوسيع العمليات البرية، أجمعت الغالبية العظمى من الدول الأعضاء على اعتماد قرارٍ يدعو إلى هدنة إنسانية فورية ودائمة ومستدامة.

إن هذا القرار يوجه رسالة واضحة حول ضرورة الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وعدم الكيل بمكيالين تجاه حماية المدنيين، حيث نُذكر أن قرابة سبعين بالمائة من القتلى الفلسطينيين خلال الأسابيع الماضية هم من النساء والأطفال.

وعليه، نحث المجتمعَ الدولي على إبداء الوحدة، وتنسيق ومضاعفة المساعي الدبلوماسية لوقف جميع الأعمال العدائية، وصون السلم والأمن الإقليميين والدوليين، فالمناورات والتوترات التي نشهدها في جنوب لبنان والجولان السوري المحتل والبحر الأحمر تُنذرُ بتَوسع رُقْعة النزاع وتصاعده إلى مستوياتٍ قد لا يمكن احتواؤها.

ومن جانبنا، ستواصل دولة الإمارات دعم التحركات الجارية لوقف الحرب، بما في ذلك من خلال جهودنا في مجلس الأمن، وتواصلنا المكثف مع الجهات الفاعلة في المنطقة والعالم.

السيد الرئيس،

لقد كان موقف دولة الإمارات واضحاً منذ السابع من أكتوبر، فقد أكدنا رفضنا لهجمات حماس ضد المدنيين، وطالبنا بالإفراج عن كافة الرهائن، ولكننا أكدنا أيضاً رفضنا القاطع لسياسة العقاب الجماعيّ الإسرائيلية، وضرورة الاحترام الكامل للقانون الدولي الإنساني، والذي يطالب إسرائيل بوقف قصفها العشوائي المستمر للمدنيين وللأعيان المدنية.

فاليوم، لم يعد في غزة، أيَّ مكانٍ أو شخصٍ آمن، جراء قصف إسرائيل لمخيمات اللاجئين والمدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس ومرافق الأمم المتحدة التي نزح إليها السكان، إلى جانب مقتل العديد من الصحفيين والعاملين في المجال الطبي وسبعين من موظفي وكالة الأونروا. ونكرر هنا إدانتنا الشديدة للقصف الإسرائيلي العنيف على مخيم جباليا يوم الثلاثاء الماضي، مما تسبب بمقتل وجرح المئات. وحتى النازحين إلى الجنوب، ورغم أوامر إسرائيل المستحيلة بإخلاءِ السكان من الشمال، لم يسلَموا من القصف.

وكما ذكرنا مراراً، تُعرب دولة الإمارات عن رفضها الشديد للتهجير القسري للشعب الفلسطيني عن أرضه، ولن نسمح بحدوث نكبةٍ فلسطينية جديدة.

ويقلقُنا بشدة إعلان إسرائيل حظراً كاملاً على قطاع غزة وقطع الكهرباء والوقود، مما تسبب بانهيار القطاع الصحي، وذلك إلى جانب فرضها قيوداً صارمة على السلع والخدمات الأساسية الأخرى كالمياه والغذاء، فيما تتراكم المساعدات الإنسانية على معبر رفح، باستثناء نسبةٍ ضئيلة جداً من الشاحنات تبلغ أربعة بالمئة من السلع التي كانت تدخل قبل الحرب.

ونقدر الجهود المتواصلة لجمهورية مصر العربية لإدخال المساعدات الإنسانية من جانبها إلى قطاع عزة وغيرها من المساعي الهامة ومنها استقبال يوم أمس عدد من الجرحى والمرضى القادمين من القطاع لتلقي العلاج.

ويجب أن تسمَح جميع الأطراف المتنازعة، وفي مقدمتها إسرائيل، بإدخال وتيسير ايصال المساعدات الإنسانية إلى جميع المحتاجين في قطاعِ غزة على نحوٍ عاجل وآمن ومستدام ودونَ عوائق.

كما يجب ضمان حركة العاملين في المجال الإنساني بشكلٍ كامل ودون عراقيل. ونشدد على أهمية السماح لهم بالدخول إلى قطاع غزة لمعالجة الأزمة الإنسانية الحادة.

ويجب أيضاً استمرار عمل شبكات الاتصال والانترنت في غزة دون انقطاع، لتيسير عمل الطواقم الطبية والجهات الانسانية. 

السيد الرئيس،

إن نهج دولة الإمارات في دعم الشعب الفلسطيني ثابتٌ وتاريخي، ففور اندلاع هذه الحرب سارعت بلادي إلى إطلاق الحملة الشعبية “تراحم من أجل غزة”، وقمنا بتيسير جسرٍ جوي لنقل مساعدات من دولة الإمارات والأمم المتحدة إلى جمهورية مصر العربية بهدف إيصالها إلى غزة في أقرب وقتٍ ممكن.

كما تعهدنا الشهر الماضي بتقديم 20 مليون دولار لوكالة “الأونروا”، تضاف إلى 35 مليون دولار أخرى قدمناها هذا العام، إلى جانب توجيه صاحب السمو رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان “حفظه الله” باستضافة ألف طفل فلسطيني من قطاع غزة مع عائلاتهم لتلقي الرعاية الصحية في الدولة.

ومن جانب آخر، نواصل دعوة المجتمع الدولي إلى الكَف عن إدارة هذا النزاع، وحماية حل الدولتين وتحقيقِه، بحيث تُقام دولة فلسطينية ذات سيادة على حدود الرابع من يونيو لعام 1967، وعاصمتُها القدس الشرقية.

لقد طالت معاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، وهم كغيرهم من الشعوب، يستحقون مستقبل مستقر وآمن، مستقبلٍ يتمكن فيه أطفال غزة من الالتحاق بالمدارس، لا اللجوء إليها، ويُساهم فيهِ الشبابُ والشابات في بناء مؤسسات دولَتهم، لا البحث عن ذويهم تحت الركام.

وشكراً، السيد الرئيس.