مشاركة

أود في البداية أن أشكر رئيس الجمعية العامة على عقد هذه الجلسة الهامة  والتي لم نتمكن من عقدها في العام الماضي بسبب جائحة كوفيد -19.

 لقد أظهرت هذه الجائحة، والتي مازلنا نواجهها، التغير السريع في طبيعة التحديات التي يواجهها المجتمع الدولي  وانعدام المساواة والفجوات في أطر العمل العالمية. وبالرغم من ذلك، فقد أكدت الجائحة على إنسانيتنا المشتركة والتي تجلت من قبل في الوثيقة الختامية لاجتماع القمة العالمية لعام 2005، وهو الالتزام الذي طالما أكدت عليه دولة الإمارات مثلما نحن نفعل الآن والعديد من الدول الأخرى.

السيد الرئيس،،

تؤمن دولة الإمارات بأن السيادة يترتب عليها مسؤوليات،  وأن المسؤولية عن حماية الشعوب من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والتطهير العرقي تقع على عاتق كل دولة ذات سيادة . لذا، عندما تعجز أي  دولة في الاضطلاع بمسؤوليتها الرئيسية المتعلقة بالحماية،  فإنه يتعين عليها طلب الدعم والمساعدة من الشركاء الإقليميين والأمم المتحدة والدول الأعضاء، ويتحمل المجتمع الدولي بدوره مسؤولية تقديم الدعم.

أما إذا رفضت دولةٌ ما الوفاء بمسؤوليتها الرئيسية عن الحماية أو طلب المساعدة، فسيتعين على المجتمع الدولي في تلك الحالة اتخاذ  إجراءً جماعياً  عبر مجلس الأمن فقط ووفقًا لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي. ونؤكد في هذا السياق على أنه لا يجب اللجوء إلى التدخل أو العمل العسكري  لتنفيذ مسؤولية الحماية إلا  كخيار الأخير.

كما نؤكد في هذا الصدد  على أن قدرة مجلس الأمن على التصدي بفعالية لحالات الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية ليست فقط محورية  في تنفيذ المجلس لولايته  المتعلقة بصون السلام والأمن الدوليين، وإنما أيضاً  عنصراً أساسياً في قدرة المجتمع الدولي على الاضطلاع بمسؤوليته عن الحماية. وهذا هو سبب دعم دولة الإمارات للمبادرة التي تقودها فرنسا والمكسيك بشأن الحد من استخدام حق النقض في الحالات المتعلقة بإرتكاب الفظائع الجماعية، وتوقيعها على مدونة قواعد السلوك التي  وضعتها مجموعة المساءلة والتناسق والشفافية.  وفي هذا السياق، نؤكد من جديد ونحن نتطلع إلى ترشحنا لعضوية مجلس الأمن للفترة 2022-2023  على التزامنا بدعم اتخاذ مجلس الأمن لتدابير حاسمة وفي الوقت المناسب بهدف منع أو وقف ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية و جرائم الحرب.

إن الوفاء بأعباء المسؤولية عن الحماية يتطلب وجود الأدوات اللازمة التي تضمن تعزيز الوقاية، الأمر الذي يتطلب وجود آليات  إنذار  مبكر قوية وفاعلة  تسهم في تحقيق الغرض المطلوب، وقادرة على تقييم علامات الإنذار المبكر. والأهم من ذلك، الالتزام بمعالجة الأسباب  الجذرية لنشوب النزاعات، وهو ما يقتضي  بذل جهودٍ لمكافحة خطاب الكراهية وتعزيز التعايش السلمي، وإطلاق  حملات  إعلامية و تثقيفية، وتخفيف التوترات الدينية والثقافية، بما في ذلك من خلال  إنشاء شراكات  مع القادة الدينيين، وحماية حقوق الأقليات والفئات الأكثر ضعفا.

كما يجب تشجيع ثقافة السلام وتعزيز الإندماج. وفي هذا السياق، ترحب دولة الإمارات بأحدث تقرير للأمين العام بشأن المسؤولية عن الحماية والصادر تحت عنوان “إعطاء الأولوية لمسألة الوقاية وتعزيز الاستجابة: المرأة والمسؤولية عن الحماية”(A/74/964). وكما ذكر الأمين العام في تقريره،  يُعتبر  المنظور الجنساني مهم حداً في تحسين فهم أسباب  وديناميات الجرائم الفظيعة، والمساعدة على تنفيذ المسؤولية عن الحماية، وأود في هذا الصدد أن أشير إلى عدد من الاعتبارات والتوصيات:

أولاً: تعتبر مشاركة المرأة في جميع  أنشطة الوقاية عنصراً ضرورياً لضمان التنفيذ الفعال للمسؤولية عن الحماية في مجالات الإنذار المبكر والمساءلة  وحفظ وبناء السلام.

ولطالما أكدت دولة الإمارات على أهمية المشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة للمرأة، وعلى ضرورة تعزيز جدول أعمال المرأة والسلام والأمن  كأحد الركائز الأساسية لسياستنا الخارجية، والتي تم تعزيزها من خلال  أول  خطة عمل  وطنية  تم إطلاقها مؤخراً استجابة لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن. لذلك  تدعم دولة الإمارات دعوة الأمين العام إلى    مساندة جهود تعزيز المساواة بين الجنسين والمشاركة الفعالة والجادة للمرأة،  وتمكينها من القيام بدور قيادي في منع وقوع الفظائع وفي عمليات حفظ وبناء السلام.  وتحقيقاً لهذه الغاية، ستواصل دولة الإمارات شراكتها مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة لتعزيز مبادرة سمو الشيخة فاطمة مبارك لتمكين المرأة في السلام والأمن، حيث يتم تدريب  طالبات من المنطقة العربية وأفريقيا وآسيا بهدف زيادة تمثيلهن في قطاع الأمن. كما ستقوم دولة الإمارات بإبرام اتفاقية مع إدارة الشؤون السياسية وبناء السلام لتنفيذ مشاريع تُركز على زيادة المشاركة الفعالة للمرأة  وتمكينها من القيام بدور قيادي في العمليات السياسية.

ثانياً: يجب مراعاة العناصر المتعلقة بنوع الجنس عند معالجة أوجه عدم المساواة بين الجنسين  في إطار تناول الأسباب الجذرية لنشوب النزاعات في سياق المسؤولية عن الحماية ومنع الجرائم الفظيعة، وخاصة فيما يتعلق  بالعنف الجنسي والعنف القائم على نوع الجنس.

وأخيرًا: ندعو مرة أخرى لنقل الحوار حول المسؤولية عن الحماية إلى المستويين الإقليمي والوطني، حيث أن المسؤولية عن الحماية تتطلب تنفيذ فعال وأن يتم  معالجتها على المستوى الوطني. كما تقدم الحلول الوطنية والإقليمية أنجع الوسائل لتحقيق ذلك، باعتبارها مختبراً لأفضل الممارسات والدروس المستفادة التي يمكن نشرها على نطاق واسع.

السيد الرئيس،

لقد أكدت مناقشة اليوم على أهمية إدراج الجمعية العامة بنداً في جدول أعمالها السنوي بعنوان “المسؤولية عن الحماية ومنع الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية”. ويتطلب تعزيز تنفيذ المسؤولية عن الحماية عملاً مستمراً مع مواصلة النظر في هذا البند. ولذلك، فإن توفير منبر مُنتظم لمناقشة هذا الموضوع سيؤدي لتعزيز الجهود التي تبذلها الدول الأعضاء والجهات الفاعلة الإقليمية والأمم المتحدة للوفاء بمسؤوليتها عن الحماية.