مشاركة

يلقيه سعادة السفير محمد أبوشهاب المندوب الدائم للإمارات العربية المتحدة

السيد الرئيس،

يطيب لي أن أقدم هذا البيان نيابةً عن المجموعة العربية.

إن المجموعة العربية تعرب عن بالغ أسفها وخيبة أملها إزاء استخدام الولايات المتحدة حق النقض ضد مشروع القرار التاريخي الذي قدمته دولة الجزائر لمجلس الأمن في إبريل الماضي نيابةً عن مجموعتنا، والذي يوصي بحصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.

إن المطلب الفلسطيني بنيل العضوية الكاملة هو حقٌ لا جدل فيه، فقد أثبتت دولة فلسطين التزامها بميثاق الأمم المتحدة وقدرتها على تحمل مسؤوليات العضوية. إن استيفاء فلسطين لمعايير العضوية راسخٌ على نحوٍ لا لبس فيه.

وفي حين حصلت إسرائيل على عضويتها في الأمم المتحدة قبل 75 عاماً، لا يزال الشعب الفلسطيني محروم من حقه في تقرير المصير، ولا تزال دولة فلسطين محرومة من حقها المشروع في العضوية الكاملة. إن هذه الازدواجية في المعايير تقوض مصداقية المنظمة وتتعارض مع مبادئ العدالة والمساواة التي تقوم عليها.

علاوةً على ذلك، فإن طلب فلسطين يجسد الإرادة الجماعية للمجتمع الدولي، فقد صوتت أغلبية ساحقة في مجلس الأمن لصالح مشروع القرار الذي يوصي بمنح فلسطين العضوية الكاملة.  كما اعترفت 140 دولة – أي أكثر من ثلثي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة – بدولة فلسطين، بينما أعلنت دولٌ أخرى عزمها على القيام بذلك. إن كل من يدعم هذه الخطوة سيسجل له التاريخ أنه قد وقف بجانب الحق والعدالة.

وفي ظل تفاقم المأساة التي يمر بها الشعب الفلسطيني بسبب استمرار العدوان الإسرائيلي بحقه، يجب أن نرسل رسالة قوية وواضحة بأن إنهاء الاحتلال، واستقلال فلسطين، وحل الصراع وفقاً لقرارات الشرعية الدولية هو السبيل الوحيد للمضي قدماً.

ولا يمكن التقليل من أهمية منح فلسطين حقها في العضوية الكاملة، والذي بدوره سيعزز فرص تحقيق السلام العادل والدائم المبني على حل الدولتين، وسيؤكد على التزام الأمم المتحدة تجاه الشعب الفلسطيني وحقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير، بما في ذلك حقه في استقلال دولته ذات السيادة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

ولذلك، فإننا ندعو جميع الدول المحبة للسلام، والمؤمنة بالمساواة في السيادة، أن تدعم عضوية فلسطين الكاملة، وأن تعترف بها كدولة، بحيث نوجه رسالة قوية لمن يحاول محو الحق الفلسطيني وإضفاء الشرعية على الاحتلال والتنصل من حل الدولتين، بأننا سننتصر للحرية والعدل والسلام.

السيد الرئيس،

إن القضية الفلسطينية هي الاختبار الأصعب لمصداقية الأمم المتحدة وقدرة المنظمة على إنفاذ القانون الدولي.

وهذه المسألة تتجلى بوضوح حين نتحدث عن الموقف الدولي تجاه العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، والذي أدى إلى مقتل أكثر من أربعة وثلاثين ألف فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وجرح عشرات الآلاف، وتشريد الملايين.

لقد عانى أهل غزة على مدى أكثر من 200 يوم ما يفوق الوصف من قصفٍ وقتلٍ وحصار وتدمير وتجويع ممنهج، وظروفهم لا تطاق، فهم يفتقدون لأبسط مقومات الحياة وللخدمات الأساسية بعد انهيار البنية التحتية.

وفوق ذلك كله، وفي مواصلة تجاهلها الصارخٍ للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، تهدد إسرائيل عبر تصريحاتها المستمرة باجتياح رفح ذات الكثافة السكانية العالية بسبب التهجير القسري، الأمر الذي يقتضي من المجتمع الدولي اتخاذ موقفٍ حازم يحول دون إقدام إسرائيل على مثل هذه الخطوة التي سيكون لها أبعادٌ كارثية يصعب احتواؤها.

إن المجموعة تشيد بجهود دولة قطر وجمهورية مصر العربية، للتوصل إلى اتفاق هدنةٍ إنسانيةٍ للتخفيف من الأوضاع المأساوية في قطاع غزة، وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين من كلا الجانبين، والسماح بدخول عدد أكبر من القوافل الإنسانية والمساعدات الإغاثية، وصولاً لوقف كامل للحرب على قطاع غزة ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني.

ويجب على مجلس الأمن بدوره ضمان التوصل إلى وقفٍ فوري ودائم لإطلاق النار، وإلزام إسرائيل “القوة القائمة بالاحتلال” بالامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن، وآخرها القرارات 2712، و2720، و2728، ووقف العمليات العسكرية والعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة بشكل فوري وكامل.

ويجب أيضاً احترام مبادئ حماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني والتوقف عن استهداف المرافق الصحية والتعليمية وغيرها من الأعيان المدنية.

ونشدد كذلك على ضرورة ادخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بأمان، وعبر كافة المعابر، ودون عوائق، وبما يتناسب مع حجم الاحتياجات الهائل على الأرض، حيث تدعم المجموعة العربية في هذا السياق جهود الأمم المتحدة، بما في ذلك جهود سيغريد كاغ، كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة.

ولا يفوتنا أن نؤكد على الدور الفريد الذي تضطلع به وكالة (الأونروا) والذي لا غنى عنه، فمع بنيتها التحتية الواسعة، وخبرتها الطويلة، وعلاقاتها الوثيقة مع المجتمع الفلسطيني، تعتبر الوكالة الجهة الوحيدة القادرة على تقديم الخدمات الأساسية التي تمثل شريان الحياة للاجئين الفلسطينيين.

ونشيد بالتقرير النهائي لمجموعة المراجعة المستقلة للأونروا، بقيادة معالي كاترين كولونا، والذي أكد أن الوكالة لديها القواعد والآليات والإجراءات التي تضمن التزامها بمبدأ الحياد وأنها من أكثر الوكالات الأممية تقدماً في هذا الجانب. ونرحب بما تضمنه التقرير من توصيات هامة تهدف الى تعزيز سياسات الوكالة المتعلقة بالحياد والإنسانية.

وتدعو المجموعة العربية المجتمع الدولي إلى تقديم الدعم للوكالة، خاصة الدول التي علقت مساهماتها. كما نؤكد على ضرورة احترام الولاية التي منحتها الجمعية العامة للوكالة والسماح لها بأداء مهامها دون عوائق.

ولكننا نشدد أن معالجة الأوضاع الإنسانية بشكلٍ مستدام يتطلب وقف جميع الممارسات القمعية وغير الشرعية في الأرض الفلسطينية المحتلة، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لجميع الأراضي العربية.

وأخيراً، السيد الرئيس، لقد أكدت الحرب على غزة ضرورة إجراء إصلاحات حقيقية وشاملة لمجلس الأمن، لتحسين قدرته على الاضطلاع بمسؤولياته في صون السلم والأمن الدوليين، وحل النزاعات التي تؤثر على أمن واستقرار المنطقة والعالم.

وشكراً، السيد الرئيس.