مشاركة

تلقيه السيدة أميرة الحفيتي، نائبة المندوبة الدائمة

السيد الرئيس،

بدايةً ننضم للمتحدثين الآخرين في الإعراب عن خالص تعازينا ومواساتنا لعائلات ضحايا الزلزال المدمر الذي وقع يوم أمس في جنوب شرق أفغانستان، ونتمنى الشفاء العاجل للمصابين، وستكون دولة الامارات دائماً على استعداد للتخفيف من معاناة الشعب الأفغاني، بما في ذلك عبر البدء بتيسيّر مساعدات لمساندتهِم في هذا المُصاب الجَلَلّ.

وأتوجه بجزيل الشكر لنائب الممثل الخاص للأمين العام ومنسق الشؤون الإنسانية في بعثة يوناما السيد رامز الأكبروف، ووكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية السيد مارتن غريفيث، على إحطاتيّهِما الشاملتين. لقد استمعنا بإهتمام للإفادات المؤثرة التي أدلت بها السيدة رويان والسيدة حكيم بشأن الأوضاع الصعبة التي يعيشها الأفغان خاصة النساء والفتيات.

وأود أن أغتنم هذه الفرصة لأُعرب عن تقديرنا للممثلة الخاصة للأمين العام السيدة ديبرا ليونز، على تفانيها وقيادتها لبعثة “يوناما” خلال الفترة الماضية.

السيد الرئيس،

إن الوضع في أفغانستان مُحبط ومقلق، خاصةً بسبب عدم إحراز أي تقدمٍ في المجالات التي أكد عليها المجلس في قراره رقم ألفين وخمسمائة وستة وتسعين بشأن أفغانستان، ومنها تشكيل حكومةٍ شاملة ومكافحة الإرهاب ودعم حقوق الإنسان، خاصة للنساء في العمل والفتيات في التعليم وكذلك مشاركتهن في مختلف نواحي الحياة، هذه ليست مجرد تطلعات للمجتمع الدولي، إنما تعد ركائز أساسية لتحقيق النمو الاقتصادي وتحسين الرعاية الصحية وتمكين المرأة لتحقيق الاستقرار والسلام المستدام في أفغانستان.

وأود هنا التركيز على أربع مسائل مهمة:

أولاً: يتعين علينا إيلاء الاهتمام الكافي لتدهور الأوضاع الإنسانية في أفغانستان، فرغم تمكننا من تجنب كارثة إنسانية في الشتاء الماضي، إلا أن هناك ارتفاعاً مستمراً في معدلات الفقر والجوع وفقاً لتقرير للأمين العام الأخير، كما أصبحت أفغانستان، للأسف، مثالاً على تعرض الملايين إلى انعدام الأمن الغذائي جراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأسمدة والوقود، فقد تحول التحذير الذي أطلقه المدير التنفيذي لبرنامج الغذاء العالمي في مارس الماضي، إلى حقيقة في أفغانستان، وذلك بأن “الطعام يُؤخذ من الجائعين، لإطعام المتضورين جوعاً”. وتزداد هذه الأوضاع تفاقماً مع الزلزال الأخير وتداعياته المدمرة على سكان المناطق التي ضربها.

لقد رحبت دولة الإمارات باعتماد قرار مجلس الأمن رقم 2615، والذي يتضمن إعفاء إنساني من نظام العقوبات المنشأ بموجب القرار 1988، حيث تعد هذه الخطوة مهمة لتيسيّر تقديم المساعدات الإغاثية وغيرها من الأنشطة التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية في أفغانستان.

 ونرى بأنه يمكن الاستفادة من نموذج أفغانستان والنظر في إمكانية اتباع نهج مماثل لأنظمة العقوبات الأخرى على أساس كل حالة على حدة، إذ نعيد التأكيد هنا على أهمية النظر بشكلٍ منتظم في الآثار الإنسانية المحتملة للجزاءات عند تصميم كل نظام من أنظمة العقوبات. كما نشجع جميع المانحين على بذل كافة الجهود الممكنة، لضمان عدم تمكّن الأفراد المدرجين في قائمة العقوبات المنشأة بموجب القرار 1988 أو الذين لهم صِلات بالإرهابيين، من الاستفادة من المساعدات المخصصة للشعب الأفغاني.

ثانياً: نكرر التأكيد على أن حصول النساء والفتيات على التعليم ومشاركتهن في كافة جوانب الحياة العامة لا يعد أمراً اختيارياً، إذ أن فرص أفغانستان في التعافي محكومٌ عليها بالفشل في حال الاستمرار في تهميش نصف سكانها، مما يستوجب من هذا المجلس الاستمرار في المطالبة بإلغاء قرار طالبان بشأن حرمان الفتيات من التعليم الثانوي، والدعوة لإعادة إشراك المرأة بشكل كامل ومتساوٍ وهادف في المجتمع.

ثالثاً: يتعين على بعثة “يوناما” مواصلة تنفيذ ولايتها الشاملة بالانخراط مع طالبان في حوارٍ منظمٍ وابلاغها برسائل المجتمع الدولي، ونحثها على استمرار تفاعلها النشط مع طالبان فيما يتعلق بتمكين المرأة وتعليم الفتيات، وكافة الجوانب الأخرى في ولاية البعثة.

رابعاً: لايزال الوضع الأمني في أفغانستان متدهور، حيث يشير التقرير الأخير لفريق الرصد المعني بلجنة العقوبات المنشأة بموجب القرار ألف وتسعمائة وثمانية وثمانين، إلى تعرض أفغانستان لعدة هجمات إرهابية خلال الأشهر الماضية، وتَمَكُنْ بعض الجماعات الإرهابية، ومنها تنظيم داعش في خراسان، من تعزيز قدراتها ومواردها المالية، والذي يفاقم من التحديات الماثلة أمام الحفاظ على الأمن في البلاد والسيطرة على أنشطة هذه الجماعات الإرهابية،  كما شهدنا خلال هذا الشهر بعد الهجوم الأخير على معبد في كابول، والتفجير الذي استهدف سوق مزدحم في ننكرهار.

وكما أكد تقرير الأمين العام الأخير، فإن طالبان بحاجة إلى الانخراط في حوار جادٍ وهادفٍ مع المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب، ونؤكد هنا على أهمية أن يواصل هذا المجلس توجيه رسالة موحدة لطالبان بضرورة الحيلولة دون أن تكون أفغانستان ملاذاً آمنا للإرهابيين.

وختاماً، نُشير لما ذكرته السيدة ليونز لهذا المجلس عدة مرات، بأن الطريق أمامنا لن يكون سهلاً بعد أحداث أغسطس العام الماضي، فرغم إزالة العديد من العقبات منذ ذلك الحين، إلا أنه ينبغي مضاعفة جهودنا، وتكثيف الدعم للأفغان، مع مواصلة الضغط على طالبان، إذ لا يمكننا التخلي عن الشعب الأفغاني في هذه الأوقات الصعبة.

وشكراً، السيد الرئيس.