مشاركة

تلقيه السيدة أميرة الحفيتي, نائبة المندوبة الدائمة

السيدة الرئيسة،

بدايةً، أشكر جميع مقدمي الاحاطات على بياناتهم، والتي أكدت مجدداً قتامة الأوضاع في أفغانستان، إذ تشهد البلاد ما يمكن وصفه بعاصفة في ظل مواصلة التمييز ضد النساء والفتيات، وانهيار الاقتصاد المحلي، ونقص السيولة، واستمرار الهجمات الإرهابية، ويضاف إلى ذلك كله الظواهر المناخية القاسية، وارتفاع أسعار السلع الأساسية حول العالم، ونقص المساعدات.  وكما أفاد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، أصبحت الوكالات الإنسانية مُجبرة على إجراء عدد أقل من جولات المساعدات المُقررة. وتزداد الشواغل في ظل استمرار المضايقات والترهيب ضد العاملات في المجال الإنساني، بالتزامن مع انخفاض المساعدات، الأمر الذي يهدد بالتخلي عن النساء والفتيات المتواجدات في مناطق يصعب الوصول إليها في أفغانستان.

إن القول بأن الوضع الحالي لا يمكن تحمله وسيؤدي للمزيد من المعاناة وانعدام الاستقرار هو مجرد استخفاف بالوقائع، فتجنب كارثة إنسانية، يقتضي إعادة تنشيط الاقتصاد الأفغاني. لذا، رحبت دولة الإمارات بإعلان الولايات المتحدة إنشاء الصندوق الأفغاني لإدارة 3.5 مليار دولار من الاحتياطات في البنك المركزي الأفغاني لصالح الشعب الأفغاني، ونرى أنها خطوة في الاتجاه الصحيح.

ويتعين اتخاذ خطوات مماثلة لتسهيل المعاملات المالية وإعادة تنشيط الخدمات المصرفية لزيادة السيولة في الاقتصاد الأفغاني. وكما أوضح وكيل الأمين العام السيد/ مارتن غريفيث للمجلس في أغسطسالشهر الماضي يتعين على المؤسسات المالية الدولية، وغيرها من المؤسسات المعنية، تكثيف جهودها للتقليل من الإجراءات المُفرِطة التي تتخذها البنوك لتخفيف المخاطر، وذلك بهدف ضمان استمرارية عجلة الاقتصاد، ونأمل أن تساعد الترتيبات التي سيتم وضعها لتشغيل الصندوق الأفغاني في هذه المسألة.

من جانبها، تواصل دولة الإمارات التضامن مع الشعب الأفغاني، بما في ذلك عبر بذل جهود مثل التوقيع على مذكرة تفاهم مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر لتقديم مساهمة قدرها أربعة ملايين دولار أمريكي لتغطية النفقات التشغيلية والإدارية للمستشفيات في أفغانستان، ومنها أجور العاملين وتكاليف اللوازم الطبية والكهرباء والوقود.

ونشدد على أن إعادة تنشيط الاقتصاد الأفغاني سيكون مستحيلاً في ظل استبعاد نصف السكان من المشاركة في الحياة الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، فوفقاً لليونيسف، وكما أشار بعض أعضاء المجلس، أدى حرمان الفتيات من التعليم الثانوي إلى تكبد الاقتصاد الأفغاني خسائر لا تقل عن 500 مليون دولار خلال الـ 12 شهراً الماضية، مما يبرهن على الصلة الوثيقة بين مشاركة المرأة والأداء الاقتصادي وارتباط ذلك بالتنمية على نطاق أوسع.

السيدة الرئيسة،

يؤسفنا عدم اتفاق مجلس الأمن على إصدار بيان هذا الشهر يتعلق بتعليم الفتيات في أفغانستان، والتحديات الأخرى في البلاد، إذ تُعتبر أوضاع النساء والفتيات، وكذلك التعافي الاقتصادي، والمخاوف الأمنية، من التحديات التي تهدد السلام والأمن، وتستوجب من هذا المجلس أن يكون على أهبة الاستعداد لمواجهتها بدعمٍ من بعثة يوناما. ويتعين على المجلس التركيز على هدفنا المشترك – وهو مساعدة الشعب الأفغاني وتجنب خلق انقسامات – لا داع لها – بشأن الأولويات التي ينبغي التعامل معها في هذا الملف.

ونشدد على أن حصول الفتيات الأفغانيات على التعليم يعد بالدرجة الأولى مطلباً تسعى له العائلات الأفغانية والفتيات أنفسهن وليس فقط مجلس الأمن، حيث يبذل الشعب الأفغاني قصارى جهده لإعادة الفتيات إلى المدارس، ويتعين على سلطات الأمر الواقع أن تستمع لهذه الأصوات وأن تستجيب لها.

وأخيراً، أود التطرق إلى الوضع الأمني، والإشارة لإحدى ملاحظات تقرير الأمين العام الأخير بشأن ظهور جماعات جديدة مناهضة لطالبان، وما يتصل بذلك من تزايد الحوادث الأمنية التي تعارض طالبان. إن أسلوب حكم طالبان ورسمه للسياسات في أفغانستان عبر إصدار مراسيم لا تراعي مصالح الشعب الأفغاني أو رغباته ستؤدي إلى تأجيج مشاعر السخط على المستوى المتوسط والبعيد، فإذا لم يستمع من يتولى الحكم إلى ما يريده الرجال والنساء الأفغان، سيكون من الصعب، بل من المستحيل، تحقيق السلام المستدام في البلاد.

لذلك يتعين على مجلس الأمن في ضوء التحديات الأمنية الأخيرة أن يُصرَ على تحقيق توقعاته الواردة في قراراته ذات الصلة، بشأن ضرورة وجود حكومة تعكس تمثيلاً شاملاً للأفغان والمشاركة الكاملة للمرأة، وأن تكون هذه الحكومة قادرة على فرض الأمن على كافة الأراضي الأفغانية واتخاذ اللازم للحيلولة دون أن تكون أفغانستان ملاذاً آمنا للإرهابيين، باعتباره يشكل تهديداً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين. ونؤكد مجدداً على أهمية إبقاء التواصل المدروس مع طالبان، فإغلاق قنوات التواصل لن يحقق النتائج المرجوة في المجالات التي يرغب المجتمع الدولي إحراز تقدمٌ فيها.

وستظل دولة الإمارات ملتزمة بدعم الشعب الأفغاني، وستواصل المشاركة بشكل بناءّ سواء في المجلس أو من خلال الترتيبات الإقليمية بهدف تحسين الأوضاع في أفغانستان.

وشكراً السيدة الرئيسة.