مشاركة

تلقيه معالي السفيرة لانا نسيبة، المندوبة الدائمة

السيد الرئيس،


بدايةً، أشكر روسيا على طلبها عقد هذا الاجتماع لمناقشة الوضع في أفغانستان، كما أشكر مقدمي الإحاطات السيد مارتن غريفيث، وكيل الأمين العام، والسيد ماركوس بوتزيل، نائب الممثل الخاص، والدكتورة مورغان إدواردز.


لقد مر عامٌ كاملٌ على انسحاب القوات الدولية من أفغانستان وسيطرة طالبان على كابول، وشهدنا خلال ذلك الوقت تدهور الأفغانيين، وتزايد أعداد الذين يتهددهم الجوع الحاد، ويعانون انعدام الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية. لقد استمعنا خلال العام الماضي لرواياتٍ مؤلمة حول الوضع الإنساني الكارثيّ. إن أفغانستان الآن هي الدولة الوحيدة على هذا الكوكب التي لا تستطيع فيها الفتيات الالتحاق بالتعليم الثانوي، حيث يحرمن من أساسيات الحياة الكريمة بطريقة ممنهجة.


وفي الوقت ذاته، قُطعت الوعود للمجتمع الدولي والشعب الأفغاني بأن البلاد ستوضع على طريق الاستقرار والسلام. لكن الحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك، فوجود آخر زعيم للقاعدة في كابول والذي قُتل الشهر الماضي، وارتكاب داعش في خراسان سلسلة من الهجمات، ينذر بالمزيد من القلق بشأن ازدياد الوضع الأمني سوءاً في أفغانستان بدل أن يستقر.


وبينما تواجه أفغانستان تلك التحديات تلتها مؤخراً أسوأ أزمة للأمن الغذائي يمر بها العالم منذ جيل، والتي تزيد بالفعل من معاناة الأفغان الضعفاء، حيث يكافح أكثر من تسعين بالمائة منهم لتلبية احتياجاتهم الأساسية من الغذاء.


إن بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان كانت وستظل شريكاً أساسياً في مواجهة تلك التحديات الحرجة، وفي إدارة علاقة المجتمع الدولي مع طالبان، لذا نشعر بالقلق من انقضاء أكثر من شهرين على مغادرة الممثلة الخاصة السيدة ليونز، والتي نشيد بجهودها الحثيثة، دون تعيين خلفٍ لها. إننا نحث على تعيينٍ سريع للممثلٍ خاص لأفغانستان والمشاركة الكاملة بين المجلس وبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان.

السيد الرئيس،


أود الحديث بإسهاب حول الوضع المتدهور للنساء والفتيات في أفغانستان والذي لا يزال مصدر قلقٍ بالنسبة لنا. حيث تأكدت مخاوفنا من أن طالبان ستضرب بعرض الحائط بجميع المكاسب التي تحققت في مجال تمكين النساء والفتيات على مدى العقدين الماضيين، ونرى توافقاً كاملاً في مجلسنا حول هذه المسألة، فقد تحدثنا بصوت واحد رافضين جميعاً القيود المفروضة على النساء والفتيات، وكذلك الحال بالنسبة لانعدام تكافؤ الفرص أمامهن. علينا أن نعي تماماً أن المسألة ليست أولويات تنافسية أو أعراف ثقافية أو دينية، بل إن ضمان مشاركة النساء والفتيات بشكلٍ كاملٍ ومتساوٍ وهادفٍ في جميع جوانب الحياة، هو جزءٌ لا يتجزأ من مواكبة أفغانستان للقرن الحادي والعشرين، ويجب أن يظل ذلك ركيزة أساسية لمطالب المجلس.


وتتجسد هشاشة الوضع الأمني في كون مكافحة التطرف والإرهاب تحدياً كبيراً، حيث تشير تقارير الأمين العام وفريق الرصد بوضوح إلى مخاوف حول التهديدات التي يمثلها تنظيم القاعدة وداعش في خُراسان. ونشير هنا إلى مطالبة المجلس الواضحة والمتكررة بعدم استخدام أراضي أفغانستان لإيواء أو تدريب الإرهابيين. وتدعو دولة الإمارات طالبان إلى الوفاء بالتزاماتها في مكافحة الإرهاب، وأن يستخدم المجلس الأدوات الكاملة المتاحة أمامه لضمان ذلك.


وتعرب بلادي عن تخوفها من استمرار تدهور الاقتصاد الأفغاني، وتقلصه بنسبة عشرين إلى ثلاثين في المائة في العام الماضي، وذلك وفقاً لتقديرات البنك الدولي. ويستمر الهبوط الحاد في المؤشرات الإنسانية، على الرغم من الإعفاء الإنساني في نظام عقوبات 1988، والذي أقر المجلس بضرورته لتخفيف بعض الضغط، إلا أنه لم يستطع معالجة الحاجة الماسة للسيولة، ولم يكن ليعالجها أساساً، وكذلك النسبة للوصول إلى الخدمات المصرفية والوظائف الرئيسية للبنك المركزي، ولكن لا تزال هذه الأمور أساسية لتحفيز النشاط الاقتصادي وتحقيق التعافي. نحن ندرك جسامة وصعوبة القضايا والقيود سياسية، لكننا نحث على مضاعفة الجهود من قبل جميع الأطراف المعنية للتوصل إلى اتفاق لاستعادة التشغيل الأساسي للاقتصاد الأفغاني. ودولة الإمارات مستعدة للقيام بدورها للمساهمة في مثل تلك الجهود.


السيد الرئيس،


منذ العام الماضي ودولة الإمارات على دراية كاملة بتلك التحديات. ومع ذلك يبقى السؤال الجوهري حول كيفية المضي قدماً، دون إجابة. لا يمكن أن يكون الرد الدولي بعزل أفغانستان، بل يجب التمسك بالتعامل الدقيق مع طالبان، حيث لن يؤدي إغلاق قنوات الاتصال مع سلطات الأمر الواقع إلى أي نتائج في أي من المجالات التي يود المجتمع الدولي أن يرى فيها تقدماً، وهو ما يتطلب التنسيق حول استراتيجية للتعامل مع القضية الأفغانية وهو ما يغيب عن مداولاتنا اليوم منذراً بالخطر.


ونود أيضاً أن نُسلط الضوء على الدور الخاص للدول الإسلامية في ما يتعلق بالتعامل مع طالبان، والمساعدة في تعزيز الحوار الديني والثقافي واحترام التنوع والقضاء على التمييز. إن منظمة التعاون الإسلامي، إلى جانب المنظمات الإقليمية الأخرى، تضطلع بدورٍ مهمٍ في هذا الصدد. وتقف الإمارات، كدولةٍ إسلامية وعضو في منظمة التعاون الإسلامي، على أهبة الاستعداد للمساهمة في بذل المزيد من الجهود لإرساء الاستقرار والازدهار في أفغانستان ولشعبها، كما فعلنا على مدى العقود الخمسة الماضية بتقديمنا لأكثر من ملياري دولار من المساعدات الإنسانية.

السيد الرئيس.


لقد شهدنا منذ أغسطس الماضي مواجهة نظامنا العالمي لتحدياتٍ سياسية واقتصادية خطيرة. وليس من الممكن أن يدفع الأفغان ثمن هذا الاستقطاب العالمي المتزايد، ففي حالة أفغانستان لا ينبغي أن نستصعب تحديد أرضيةٍ مشتركة والتحدث بصوتٍ واحدٍ. ولذلك ستواصل دولة الإمارات العمل مع جميع أعضاء المجلس، في الفترة المقبلة، لضمان نهجٍ بناءٍ وعملي لمعالجة التحديات التي تواجه أفغانستان، حيث يجب أن نضع هذا الهدف نصب أعيننا.


وشكراً لكم.