مشاركة

تلقيه الآنسة عائشة المنهالي

السيد الرئيس،

يطيب لي بدايةً أن أشكر سيراليون على عقد هذا الاجتماع الهام، وأتقدم بالشكر جميع مقدمي الإحاطات على بياناتهم القيمة، ونرى أهمية معالجة القضايا الملحة المتمثلة في الإرهاب والتطرف في غرب أفريقيا ومنطقة الساحل، ونرحب بفرصة المساهمة في هذا الحوار الحيوي..

إن منطقة الساحل وغرب أفريقيا ذات أهمية إستراتيجية بالغة، ويعد استقرارها وأمنها ضروريًا لتحقيق السلم والأمن الدوليين. وتلعب المنظمات الإقليمية، ولا سيما الاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الإيكواس)، بدور محوري في هذا الصدد. ونجد مناقشتنا اليوم مهمة لتعزيز فهمنا المشترك للديناميكيات المعقدة والمتغيرة في الساحل الأفريقي وغرب أفريقيا، وتحسين الاستجابة المشتركة، والوقوف على ما تم تحقيقه إلى الآن، وتحديد الثغرات والتحديات التي تتطلب تكثيف العمل على معالجتها. 

السيد الرئيس،

(كما سمعنا من مقدمي الإحاطات) فإنه وفقًا لمؤشر الإرهاب العالمي لعام 2024، تصنف منطقة الساحل ضمن أكثر المناطق تضررا من ويلات الإرهاب، حيث تقع خمسة من البلدان العشرة الأكثر تأثراً بالإرهاب في منطقة الساحل. هذا الواقع المقلق يستدعي تكاتف الجهود وتضافرها على كافة الأصعدة لمواجهة التحديات الأمنية الماثلة والتصدي لجذور التطرف والإرهاب في المنطقة.

ويستدعي الأمر مراجعة نهجنا واتباع أساليب جديدة، وأود التطرق إلى ثلاثة مسائل نرى أهمية التركيز عليها:

أولاً، يتعين مواصلة تعزيز التعاون الإقليمي ودعم المبادرات التي تسعى إلى منع ومكافحة التطرف والإرهاب، مثل عملية نواكشوط، ومبادرة أكرا، وقوة العمل المشتركة المتعددة الجنسيات، كما نشجع هنا على تعزيز تبادل المعلومات والخبرات والتقييمات بين بلدان الساحل وجيرانها، وخاصة في المناطق الحدودية.

وفي هذا السياق، نرى من المهم البناء على الدروس المستفادة من المبادرات السابقة أو القائمة والتي تشمل القوة المشتركة لمجموعة الخمس.

ونرحب هنا بالخطوات التي اتخذتها الإيكواس، لتفعيل خطة عملها ذات الأولية للفترة 2020-2024 للقضاء على الإرهاب، ومنها العمل نحو تفعيل القوة الاحتياطية لمكافحة الإرهاب في المنطقة. كما تظل الشراكات الاستراتيجية بين الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، والمنظمات دون الإقليمية تشكل أهمية بالغة في إيجاد حلول شاملة وتعزيز السلام والاستقرار.

ثانياً، يتطلب التصدي لتهديد تمدُد الإرهاب إلى منطقة الساحل مواصلة السعي لتعزيز صمود المجتمعات ووضع استراتيجيات وقائية، فحماية المدنيين يجب أن تكون ضمن سياق حيوي استباقي لخلق بيئة آمنة وخالية من العنف والتطرف، كما لابد من إعادة تقييم طرق الاستجابة لمسألة تدهور الأوضاع الإنسانية، بحيث نربط بين التنمية والأمن على المدى البعيد. فتوفير فرص التعليم والعمل للشباب الذي يشكلون غالبية السكان ورفع الوعي بقيم التسامح والتعايش السلمي، كلها عوامل ضرورية لتعزيز صمود المجتمعات في مواجهة الإرهاب.

وفي هذا السياق، نرحب بتخصيص فصل مشترك في استراتيجية الأمم المتحدة المتكاملة لمنطقة الساحل يركز على محورية الجهود الوطنية في تنفيذ الاستراتيجية، فمن المهم موائمة الاستراتيجية للأولويات والاحتياجات الوطنية لتحقيق النتائج المرجوة.

ثالثاً، يجب التعامل مع التحديات الأمنية في الساحل من منظور يراعي المناخ، حيث يؤدي زيادة التصحر وانخفاض هطول الأمطار إلى تقليص الموارد الغذائية والمائية وبالتالي تفاقم النزاعات وانعدام الأمن، مما يغذي التطرف والإرهاب في المنطقة. ونشيد هنا بدور “الأونواس” في تقييم الروابط بين المناخ والسلام والأمن في المنطقة، من خلال اجراء تقييمات شاملة للمخاطر وكيفية التكيف مع المناخ للتخفيف من آثاره، كما نحث على المصادقة على توصيات «إعلان COP28 بشأن المناخ والإغاثة والتعافي والسلام» وتنفيذها، لتعزيز التمويل المناخي والتخفيف من الآثار السلبية للتغير المناخي بما يشمل منطقة الساحل.

وفي الختام، تدعم دولة الإمارات كافة الجهود الإقليمية والدولية لتحقيق الاستقرار السياسي وبناء مؤسسات قادرة على الصمود في البلدان التي تمر بمراحل انتقالية في المنطقة، بهدف تحقيق الأمن والسلام المستدام.

.وشكراً السيد الرئيس