مشاركة

تلقيه معالي السفيرة لانا نسيبة ، المندوبة الدائمة

السيد الرئيس،

أشكر في البداية كل من السيدة مارثا بوبي، مساعدة الأمين العام لشؤون أفريقيا، والسيد تانغي غاهوما، والسيد باتريك يوسف على إحاطاتهم.

كما أشكر معالي مايكل موسى أدامو، لعقد هذه المناقشة المهمة للغاية، وللدور القيادي الذي تقوم به الغابون في مجال الأمن، والإجراءات المتعلقة بالمناخ. إن الدعوة التي أطلقها رئيس بلادكم أثناء أسبوع المناخ في أفريقيا، حول ضرورة إيجاد حلول مبتكرة حقيقية ومستدامة بقيادة أفريقية، جاءت في توقيت يتناسب تماماً مع اقتراب انعقاد الدورة الـ27 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ، والمقرر عقدها بعد أسابيع قليلة، ومع ازدياد القضايا الأمنية التي ينظرها المجلس والتي أدى تغير المناخ إلى تفاقمها.

لقد بدأ هذا المجلس مناقشة العلاقة بين المناخ والأمن منذ عام 2007. وخلال تلك الفترة، زادت بشكل كبير قائمة الدول والمناطق التي تعاني من انعدام الاستقرار بسبب موجات الجفاف والحر والفيضانات غير المسبوقة، والظواهر المناخية الشديدة الأخرى. وقد عانت مناطق شمال وغرب وشرق وجنوب أفريقيا بشكل خاص من  ضغوط مناخية، انعكست في صورة أزمات إنسانية وأمنية. وكما قال الأمين العام في هذه القاعة أمس، بأن حقيقة مساهمة أفريقيا بقدر ضئيل في تغير المناخ ومعاناتها بشكل كبير من آثاره، هو مثال على الظلم المعنوي والاقتصادي. والأكثر من ذلك، أن نسبة تدفقات التمويل المناخي الموجهة إلى الدول الأفريقية، قد بلغت 4 بالمائة فقط من الإجمالي العالمي، مما يعكس قصوراً واضحاً. فأغلب الدول الأفريقية، لاسيما الدول الأكثر هشاشة، تتلقى أقل من دولارين للفرد من التمويل المناخي. وهذا يقل بمقدار 80 مرة عن البلدان النامية الأخرى، والتي لا تحصل بالفعل على التمويل الكافي لمكافحة تغير المناخ.

وبالرغم من عدم وجود اتفاق داخل المجلس حول ضرورة تبني إطار عمل يهدف إلى معالجة الصلة بين تغير المناخ والأمن، إلا أنه يتعين علينا جميعاً الإقرار بضرورة زيادة الاستثمار وحكمته في منع آثار التغير المناخي من التحول إلى مشكلة أمنية. وفي هذا الصدد، تؤمن دولة الإمارات بأن لدى هذا المجلس وأجهزة الأمم المتحدة الأخرى إمكانات هائلة، لاتخاذ خطوات عملية وحقيقية بالشراكة مع الحكومات الوطنية، لإحداث تغيير حقيقي من أجل ازدهار وأمن المجتمعات التي تقف في الخطوط الأمامية لمواجهة تغير المناخ. وفي هذا السياق، أود التركيز على ثلاثة مجالات عمل هامة لهذا العام:

أولاً ، يجب زيادة التمويل المناخي في الدول الأفريقية الهشة. فالتزامنا في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ السادس والعشرين بمضاعفة التمويل المناخي لصالح أنشطة التكيف، يُشكل خطوة للأمام نحن في أمس الحاجة إليها.  ونريد أن نرى التزامات إضافية من جانب مقدمي التمويل المناخي هذا العام أثناء مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ السابع والعشرين،  وكذلك في المنتديات الأخرى، من أجل معالجة فجوة الاستثمارات في المناطق الهشة، دون سحب التمويل من البلدان النامية الأخرى. وقد قامت دول أفريقية ومنظمات إقليمية وشبه إقليمية، مثل الاتحاد الأفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، بجهد حقيقي لتحديد مجالات الاستثمار ذات الأولوية، بدءاً  من الغذاء والمياه إلى أنظمة الإنذار المبكر. ونشيد في هذا السياق بمبادرة رئاسة مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ السابع والعشرين بشأن الاستجابات المناخية لاستدامة السلام، لإحراز تقدم على هذا الصعيد، ومواءمة الأموال مع الحلول التي تتم بقيادة أفريقيا.

ثانياً، يجب إيلاء الأولوية للعمل الاستباقي. فالكثير من تأثيرات المناخ يمكن التنبؤ بها الآن، وتشير الدراسات التي أجراها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية والصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ، إلى أنه يمكن تقديم الخدمات إلى ضعف عدد الأشخاص بالتكلفة ذاتها عند إرسال الموارد مسبقاً على أساس التنبؤات المعتمدة محلياً والموثوقة علمياً. ويجب على المجلس أن يرسل رسالة واضحة حول القيمة الأمنية لتسريع مثل هذه العمليات، ولمساعدتنا على تحويل العقلية المؤسسية من رد الفعل إلى منع الفعل.

ثالثاً، يحتاج المجلس إلى تقارير منتظمة وموحدة بشأن مخاطر المناخ. ورغم أن الكثير من الأوضاع الأمنية  لا يكون المناخ فيها عاملاً حاسماً، إلا أن هذا التحليل يجب أن يكون محايداً ودقيقاً، ويركز على تقديم توصيات للمجلس بشأن كيفية الرد على التهديدات. ونشيد في هذا السياق بعمل آلية الأمن المناخي وتزايد أعداد خبراء الأمن المناخي العاملين ضمن بعثات ومؤسسات السلام في أفريقيا. كما نشجع على التركيز بشكل أكبر على التحليل والإبلاغ من جانب الأمم المتحدة، وخاصة من خلال التعاون مع الهيئات الإقليمية الأفريقية.

السيد الرئيس،

إن تغير المناخ هو التحدي الحقيقي الذي  نواجهه في عصرنا الحالي. ويُعد مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيّر المناخ في دورته الـ27، والمزمع عقده الشهر المقبل، فرصة هامة لإعادة التوازن للحوار العالمي، وللتركيز على الاستثمار في الدول الأفريقية، وخاصة المجتمعات الهشة فيها. وبصفتها الرئيس القادم لمؤتمر الدول الأطراف بدورته الـ28، تلتزم دولة الإمارات بالعمل المناخي الطموح، مع التركيز بشكل خاص على معالجة الهشاشة التي تعاني منها الدول من أجل تعزيز التزامنا نحو تمكين دول الجنوب.


لم يخلق الشركاء في أفريقيا مشكلة تغير المناخ، ولكن الدول الأفريقية أظهرت مراراً، قدراتها القيادية لتطوير استراتيجيات خاصة بمكافحة مخاطر الأمن المناخي، وأن تكون هي جزءاً من الحل. كما يحتاج البقية في العالم إلى الاستماع والاستجابة لحلولهم المقترحة، والعمل معهم وفقاً لذلك. يقول المثل الغابوني أن من يطرح الأسئلة لا يمكنه تجنب الإجابات. لقد جاء رد أفريقيا، وآن للمجلس أن يستمع.

وشكراً السيد الرئيس.