مشاركة

تلقيه:

معالي نورة الكعبي

وزيرة الثقافة والشباب

السيد الرئيس،

أود في مستهل البيان أن أنضم إلى زملائي في الإعراب عن خالص تعازينا ومواساتنا لكم معالي سيمون كوفيني ولأسرة الجندي الإيرلندي من قوات حفظ السلام الذي سقط اليوم جراء هجوم غاشم أثناء تأدية واجبه في جنوب لبنان، مع تمنياتنا بالشفاء العاجل لجميع الجرحى.

السيد الرئيس،

أتقدم بالشكر إلى جمهورية الهند على تنظيمها هذه المناقشة الهامة حول نهج المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب. كما أود أن أشكر وكيل الأمين العام السيد فورونكوف والقائم بأعمال المدير التنفيذي السيد تشين على إحاطتيهما القيمتين. كما استمعنا باهتمام للإحاطة المؤثرة التي قدمتها السيدة أنجالي فيجاي كولثي.

السيد الرئيس،

لقد اتخذنا خلال العقديين الماضيين، ومن خلال هذه المنظمة، العديد من التدابير والسياسات للتصدي للتهديد الإرهابي على السلم والأمن الدوليين، ومن أبرزها اعتماد مجلس الأمن القرار التاريخي 1373، استجابةً لأحد أكبر تحديات هذا العصر والتي تقوض الاستقرار والازدهار. وبالرغم من الجهود الفعالة التي بذلها المجتمع الدولي، إلا أننا نشهد كيف تمكن التهديد الإرهابي العالمي من التكيف من خلال أساليبٍ متطورة وتكتيكات معقدة أتاحت له التشعب والانتشار، حيث توظف الجماعات الإرهابية الموارد الطبيعية لتمويل عملياتها والتكنولوجيا الحديثة لشن هجماتها الإرهابية العابرة للحدود، كما وأنها استغلت غياب سلطة الدولة في مناطق عدة وتشتت التركيز الدولي بسبب كثرة الأزمات واختلاف الأولويات لتُفاقم تهديدات هذه الآفة.

السيد الرئيس،

لقد قطعنا خطوات كبيرة في مسارنا نحو تعزيز التعاون الدولي وبناء القدرات وتطوير استراتيجيات ووسائل فعالة لمكافحة الإرهاب. ولكننا ندرك أيضاً أن الطريق أمام القضاء على الإرهاب لايزال طويلاً، لذلك، من الضروري تعزيز الزخم الدولي وأن نظل يقظين في تحديد ومعالجة أوجه القصور ومنع استغلال الثغرات. ولابد أيضاً أن نكون أكثر مرونة لمواكبة أساليب الجماعات الارهابية، بل ويجب أن نكون استباقين لمنع التطرف والإرهاب.

ومن هذا المنطلق تأتي أهمية مناقشتنا اليوم، وأود هنا أن أسلط الضوء على ثلاث جوانب رئيسية يجب التركيز عليها:

أولاً، اتساع النطاق الجغرافي للأنشطة الإرهابية: حيث تفيد تقارير الأمم المتحدة الأخيرة بأن القارة الافريقية لم تسلم كغيرها من ويلات هذه الآفة، فسقط من شعوبها ما يقارب نصف ضحايا الإرهاب في العالم العام الماضي، واليها تلجأ الجماعات الإرهابية بحثاً عن مرتعٍ لها، ولهذا، لم يعد مقبولاً أن يكتفي المجلس بالتركيز على بعض الجماعات الإرهابية دون غيرها، خاصة في ظل طبيعة التهديد الإرهابي العابر للحدود، الأمر الذي يحتم تسخير جميع الأدوات المتاحة لمجلس الأمن، بما في ذلك لجان العقوبات، للحد من أنشطة الجماعات الإرهابية. ولابد أيضاً من دعم الجهود الإقليمية والمحلية، وتكثيف التنسيق مع الجهات الفاعلة، وإشراك النساء والشباب.

ثانياً، يستخدم الإرهابيين وسائل وأساليب متطورة: فقد أثبتت الجماعات الإرهابية قدرتها على استغلال التقدم التكنولوجي، بما في ذلك الطائرات المسيرة والعملات الرقمية، لتحقيق مآربها. وعليه، يمثل إعلان دلهي بشأن مكافحة استخدام التقنيات الجديدة والناشئة لأغراضٍ إرهابية خطوة هامة، نتطلع إلى البناء عليها لسد الثغرات وتطوير أُطُر تنظيمية متينة يشارك فيها القطاعين الحكومي والخاص محلياً ودولياً.

ثالثاً، يجب التصدي للإرهاب بكافة أشكاله من خلال وضع استراتيجيات شاملة ومتعددة الأطراف تَرتكِز في جوهرها على الوقاية ومنع التطرف. لن نتمكن من القضاء على الإرهاب من غير فضح الإيديولوجيات المتطرفة التي تُغذي العنف والكراهية وتُحرض على القتل والدمار. وعليه، يجب علينا تحصين مجتمعاتنا من التطرف ومعالجة أسبابه الجذرية.

ولذلك حرصت بلادي على العمل من خلال منظومة متكاملة لمكافحة التطرف تشمل رفض كافة محاولات تشويه واستغلال الجماعات الإرهابية للدين الإسلامي، فكان من الضروري أن نعمل على نشر الوعي حول التسامح والتعايش والتنوع وأنها سماتٌ متأصلة في الثقافة الإسلامية وفي هذا الصدد، أطلقت المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في دولة الإمارات، وبالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين، العديد من المبادرات الهادفة للقضاء على التطرف بشكلٍ مستدام.

ولعل أحد أبرز تلك المبادرات هي استضافة بلادي مؤتمراً شهدنا خلاله التوقيع على “وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك” من قبل قداسة البابا فرنسيس والإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب وذلك لتفعيل الحوار حول التعايش والتآخي بين الشعوب ولتعزيز هذه القيم عالمياً، فأصبح اليوم الدولي للأخوة الإنسانية في الرابع من فبراير من كل عام مناسبةً لتعزيز التعددية وتنوع الثقافات، وتأتي استضافتنا لـ “منتدى الأديان لمجموعة العشرين” هذا الأسبوع تجسيداً لرؤية دولة الإمارات بإرساء منظومة عالمية للتسامح والتعايش والتنوع وذلك من خلال عرض توصيات نحو مئة من قيادات مختلف المجتمعات الدينية على قادة قمة نيودلهي عام 2023  لنُحقق عالماً أكثر تضامناً وسلاماً.

وختاماً، السيد الرئيس،

يؤكد البيان الرئاسي الذي سنعتمده اليوم، على أن الإرهاب مازال على قمة أولويات مجلس الأمن، وبصفتنا رئيساً للجنة مكافحة الإرهاب في العام القادم، فإن دولة الإمارات ستبني على ما تحقق خلال رئاسة الهند هذا العام، وسنواصل التعاون مع زملائنا لتعزيز قدرات اللجنة على تنفيذ ولايتها في ظل متغيرات التهديد الإرهابي العالمي، ولتنعم جميع مجتمعاتنا، أينما كانت، بالأمن والاستقرار والازدهار.

وشكراً، السيد الرئيس.