مشاركة

تلقيه السيدة أميرة الحفيتي نائبة المندوبة الدائمة والقائمة بالأعمال بالإنابة

السيدة الرئيسة،

بدايةً، أشكُر وكيل الأمين العام السيد فورونكوف والمديرة التنفيذية السيدة غِيرمان على إحاطتيهِما الشامِلَتين. كما نُقدر مداخلة السيدة فريدة خلف المؤثرة والتي سلطت الضوء على الجرائم البشعة التي تتعرض لها النساء والفتيات بسبب الأعمال الإرهابية، وعلى الدور المِحوري للمرأة في مكافَحَة الإرهاب.

السيدة الرئيسة،

رُغم التقدُم الملموس الذي حقَقَهُ المجتمع الدولي ضِد الإرهاب، إلا أن الجماعات الإرهابية مُستمِرة في إعادة ضَبط أساليبِها وتغيير استراتيجياتِها لتحقيق غاياتِها المُزعزِعَة للأمن والاستقرار الدوليين. ولهذا، نرى أن تقريري الأمين العام وفريق الرصد والتحليل التابع للجنة عقوبات داعش والقاعدة يَكتسيَان أهمية بالِغة من حيثتسليطِهِما الضوء على أساليب وأنماط وتَحرُكات تنظيم داعش الإرهابي، لتمكين المجتمع الدولي من مكافحتِه بفاعِليّة.

ومن التطورات المُقلقَة التي أشار إليها تقرير الأمين العام في هذا الشأن استمرار استخدام التقنيات التكنولوجية لأغراض إرهابية واستغلال تنظيم داعش الأعمال المُعادِيَة للإسلام، مثل حَرق المُصحف الشريف، لإذكَاء نارُ التعصبِ وخطاب الكراهية والدعوة لِشَن الهجمات الإرهابية.

وتَزدادُ الشواغِل في ظل إشارة التقرير إلى استمرار الجماعات الإرهابية في إفريقيا توسيع رُقعَة سيطَرَتها، مُستغلةً انتشار النزاعات وتَدهور الأوضاع الاقتصادية والفراغ الأمني في الأراضي التي لا تَتمَتَع بسُلطَة كافية للدولة. وهذا بالإضافة إلى الأنشطة المُماثِلة التي يقوم بها الإرهابيون في مناطق أخرى حول العالم.

ونُعرب هنا عن إدانتنا الشديدة لاستخدام داعش والجماعات الإرهابية الأخرى، للعُنف الجنسي والعُنف القائم على نوع الجنس كأسلوب وأداة حرب، الأمر الذي يُؤثِر بشكلٍ كبير وغير مُتناسِب على النساء والفتيات ويَهدف إلى إذلال السكان والسيطرة عليهم.

ولذلك، نحن بأمَس الحاجة لوقفة جادة من المجتمع الدولي لردِع التهديدات الإرهابية العابرة للحدود، ويَشمَل هذا تنسيق الجهود ودعم الدول المُتأثِرة بالنزاعات وبناء قُدُراتِها. ونَتطلع في هذا السياق، إلى انعقاد القِمة الإفريقية حول مكافحة الإرهاب، والتي يُنظِمُها مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ونيجيريا في مَطلَع العام المُقبل. وفي ضوء هذه التطورات، تود بلادي التأكيد على أربع نقاط:

أولاً، يجب تعزيز تدابير الوقاية من خلال مُعالَجة الأسباب الجذرية للتطرف قبل أن يؤدي في نهاية المَطَاف إلى إراقة دماء الأبرياء، مع بَذِل الجهود لبناء مجتمعات سلمية وقادرة على الصمود في وجِه التطرف. ويقتضي هذا اتباع نهجٍ حكومي ومجتمعي شامل يرتكِز على الاستثمار في التعليم، والتنمية الاقتصادية، وتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، إلى جانب تمكين المرأة والشباب.

ومن هذا المنطلق، عَمِلَت بلادي على المشاركة في صياغة قرار مجلس الأمن 2686 حول “التسامح والسلام والأمن الدوليين” والذي يدعو إلى اتخاذ نهجٍ شاملٍ لتعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي لِمُعالَجة دوافع النزاعات. كما يُشجع القرار جميع الشُركاء، بما فيهم القادة الدينيين والمُجتمَعيين ووسائل الإعلام ومِنصَّات التواصل الاجتماعي، على التصدي لخطاب الكراهية والتطرف، حيث نأمَل أن يتم اتخاذ خُطواتٍ ملموسَة لتنفيذ هذا القرار، لأهميتِه في تحصين مجتمعاتِنا من آفتيّ التطرفِ والإرهاب.

ثانياً، يجب عدم ربط الإرهاب بأي دين، أو جنسية، أو حضارة، أو جماعة عِرقيَّة، إذ يُعَد أي عملٍ إرهابي عملاً إجرامياً بَحْت ولا مُبرِر لارتكابِه. ولهذا، تواصل بلادي التأكيد على ضرورة تَجَنُب استخدام مُسمَيات تحت شعار الدين عند الإشارة إلى الجماعات الإرهابية مثل داعش، فعِندمَا تَستَخدِم الأمم المتحدة ومجلس الأمن تعبيراتٍ مثل “الدولة الإسلامية” فإنها تَخِلُ بذلك بحقيقة عدم صِلَة الإسلام بالإرهاب، فهذه المُسميات هي جزءٌ لا يتجزأ من استراتيجيات الجماعات الإرهابية في تَشويه الدين واستغلالِه لتحقيق مآربِها.

ثالثاً، يجب مواصَلَة تطوير اساليبنا في مَنع ومكافَحَة استغلال الإرهابيين للتقنيات المُتطورَة، ومنها الذكاء الاصطناعي وأنظمة الطائرات المُسيرة، والعملات المُشفَرة، والمِنصَات الرَقَمية، والتي يُشكل وقوعِها في أيدي الأفراد والجماعات الإرهابية تهديداً خطيراً على السلم والأمن الدوليين. ولذلك، فإن التوافق على نَهجٍ جماعي مُشترك، وتعزيز الأطُر القانونية لمواجَهَة هذه التهديدات، دون الحَدِ من القُدرة على الابتكار، أصبح ضرورياً ويتطلب تعاوناً وثيقاً بين الحكومات والقطاع الخاص.

رابعاً، من الضروري تَنشيط وتَسريع العَمَل على اعتماد اتفاقية دولية شامِلة بشأن الإرهاب، فعلى الرُغم من وجود اتفاقياتٍ وقراراتٍ دولية للتصدي للتهديدات المُتنامِية للإرهاب، ومنها استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب، إلا أن القضاء على هذه الآفة يتطلب اتفاقية دولية شامِلَة لتعزيز الإطار القانوني الدولي في هذا المجال.

وختاماً، تُؤكد دولة الإمارات على أنها ستواصِل جهودَها، بما في ذلك من خلال رئاستِها للجنة مكافحة الإرهاب هذا العام، لتعزيز منظومَة مكافحة الإرهاب لدى الأمم المتحدة.

وشكراً، السيدة الرئيسة