مشاركة

يلقيه معالي الشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان
وزير دولة

صاحب الفخامة، السيد الرئيس نانا أدو دانكوا أكوفو-أدو،

نائبة الأمين العام السيدة/ أمينة محمد،

أشكرغانا على تنظيم وترؤس هذه المناقشة الهامة حول التهديدات المتنامية التي يشكلها الإرهاب في غرب أفريقيا ومنطقة الساحل، ونرى أن مبادرة أكرا تعد مثالاً بارزاً على الرؤية الحكيمة لغانا ودورها الفاعل في مكافحة التطرف والإرهاب في المنطقة.  

كما أشكر جميع السادة مقدمي الإحاطات على آرائهم القيمة.

إن للجماعات الإرهابية، بلا شك، تأثير مدمر على العديد من مناطق أفريقيا، فوفقاً لمؤشر الإرهاب العالمي، إن نصف الوفيات المرتبطة بالإرهاب حول العالم في العام الماضي وقعت في منطقة جنوب صحراء أفريقيا. يؤدي التطرف إلى الإرهاب ويغذي أنشطة الجماعات الإرهابية، كما يعرقل عمليات الإنتاج والتنمية بشكل كبير، ويشمل ذلك فرص التنمية الاجتماعية، فضلاً عن تقليصه فرص الوصول إلى الخدمات الأساسية وتحديه لسلطة الدولة. كما يحطم التطرف آمال وتطلعات المجتمعات المحلية، وخاصة الشباب، ويقوض فرص النمو الاقتصادي في تلك المجتمعات. ومع تجاوز تداعيات هذه الآفة للحدود الوطنية، أصبح من الضروري عند وضع أي استجابة فعالة لهذا التحدي معالجة أسبابه الجذرية ومراعاة طبيعته العابرة للحدود. ومن هنا تبرز أهمية التنسيق الإقليمي والدولي.

وتعد جهود الاتحاد الافريقي والمنظمات الإقليمية جوهرية في مكافحة التطرف والإرهاب، إذ تشيد دولة الإمارات بجهود القادة الأفارقة في تعزيز هيكل السلام والأمن في القارة لتمكينها من مواجهة التحديات الحالية، وفي مقدمتها الإرهاب العابر للحدود. وقد انعكس هذا التوجه في اجتماع رؤساء دول الاتحاد الأفريقي الذي عُقد في مالابو في مايو الماضي، والذي التزم القادة خلاله بوضع خطة عمل استراتيجية لمكافحة الإرهاب في أفريقيا، وإنشاء لجنة وزارية تابعة للاتحاد الأفريقي لمكافحة الإرهاب.

ونشدد هنا على الأهمية الكبرى التي توليها دولة الإمارات لمكافحة التطرف والإرهاب، حيث استخلصنا من تجربتنا الخاصة ضرورة وضع سياسات فعالة للتصدي لهذا التحدي، ودعمنا بناءً على ذلك الجهود الإقليمية والدولية بشكل فعال، والتي شملت تقديم مساهمات للقوة المشتركة لمجموعة دول الساحل G5، وكذلك من خلال عضويتنا في التحالف الدولي ضد داعش. كما أيدنا إنشاء مجموعة التركيز على إفريقيا التابعة للتحالف والتي ستركز على مواجهة التهديدات التي يشكلها تنظيم داعش في جميع أنحاء إفريقيا.

 واسمحوا لي هنا أن أتقدم بثلاث توصيات لتعزيز جهودنا الجماعية في مكافحة التطرف والإرهاب في غرب أفريقيا ومنطقة الساحل:

أولاً، تتطلب مكافحة التطرف بشكل فعال اتباع نهج متكامل يجمع بين كافة الأدوات المتاحة للمجتمع الدولي، وأن يتم مراعاة السياقات المحلية لهذا التهديد. ويعد بسط سلطة الدولة والحفاظ عليها أمراً أساسياً في هذا الصدد، ويمكن تحقيق ذلك على المدى الطويل من خلال توفير الخدمات الأساسية، ودعم التنمية المستدامة، بما يخدم تعزيز الاستقرار وإضعاف قدرة الجماعات المتطرفة على استغلال احتياجات السكان كوسيلة لنشر التطرف وتجنيد المقاتلين. ولابد أيضاً من التركيز على الحوكمة الشاملة، والتي تلعب دوراً بالغ الأهمية في معالجة الأسباب الجذرية للتطرف والإرهاب من خلال تعزيز قدرة المجتمعات على الصمود. ولذلك، فإن مكافحة التطرف بكافة أشكاله يعد أمراً بالغ الأهمية، ويمكن الوقاية منه عبر تطوير ونشر سرد مضاد وفعال، ورفع الوعي، وتعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي، ويمكن تعزيزها من خلال التنسيق مع قادة المجتمعات المحلية، وبالأخص القادة الدينيين، خاصة في ظل قيام الجماعات الإرهابية، كداعش، بتحريف الممارسات الدينية واستغلالها لنشر التطرف وتجنيد المقاتلين.

ثانياً، يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم التداعيات الناجمة عن الإرهاب، حيث تستغل الجماعات الإرهابية الأوضاع الاقتصادية المتدهورة الناجمة عن فقدان سبل العيش بسبب تغير أنماط المناخ وحدوث ظواهر مناخية شديدة في مساعيها لتجنيد السكان عبر تقديم مصادر دخل بديلة لهم. لذلك، فإن استراتيجيات التكيف مع تغير المناخ والممولة على نحو جيد، ليست مجرد واجب أخلاقي علينا جميعاً، ولكنها أيضاً مطلباً أمنياً لمكافحة التطرف في أفريقيا والمناطق الأخرى.

ثالثاً، يجب تحديث أطر العمل التي أنشأها المجلس على مدى العقدين الماضيين لضمان احتواءها على الأدوات المناسبة لمواجهة الطابع المتغير لمخاطر التطرف والإرهاب. ومعاستمرار تنظيم داعش والقاعدة والجماعات التابعة لهما في تشكيل تهديدات واضحة على السلم والأمن الدوليين، إلا أنه لا يجب إهمال المنظمات الإرهابية الأخرى، بما في ذلك المنظمات التي وصفها المجلس بأنها إرهابية والتي تواصل تطوير أنشطتها الإرهابية. إن مواكبة التهديدات التي يواجهها السلم والأمن الدوليين تتطلب من مجلس الأمن النظر في التحديات الناجمة عن نهجه في مكافحة الإرهاب، والذي يركز على تنظيمي داعش والقاعدة فقط ويستبعد المجموعات الأخرى. ويتعين علينا أيضاً نزع الشرعية عن الجماعات الإرهابية التي تدعي العمل باسم الدين أو تطلق على نفسها صفة “دولة” أو “ولاية”. ولذلك، يجب الامتناع عن استخدام مصطلحات “الدولة الإسلامية” عند الإشارة إلى الجماعات التابعة لداعش في غرب إفريقيا ومنطقة الساحل وحول العالم، لمنع هذه الجماعات الإرهابية من مواصلة الادعاء بأن لها صلة بالإسلام.

وختاماً، السيد الرئيس، نؤكد على دعم دولة الإمارات لكافة الجهود الدولية والإقليمية التي تهدف إلى مكافحة التطرف والارهاب في القارة الافريقية، وأن يتم تحقيق الاستقرار والأمن والسلام الذي تستحقه قارة أفريقيا وشعوبها كافةً.

وشكراً، السيد الرئيس.