مشاركة

تلقيه معالي السفيرة لانا نسيبة، المندوبة الدائمة

السيد الرئيس.

ترحب دولة الإمارات باعتماد قرار اليوم، وهو أول قرار حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يتم اعتماده منذ عام 2016. لقد كان من الضروري أن يتحد أعضاء هذا المجلس حول الحاجة الماسة والملحة لحماية المدنيين، وخصوصاً الأطفال. نحن نعلم بأن هذا التصويت، وهذه النتيجة اليوم، لم يكن من الممكن تحقيقها دون الدخول في مفاوضات صعبة، وتقديم حلول متوازنة من قبل جميع الأطراف. وبصفتنا العضو العربي في المجلس، نشيد مرة ثانية بالدور القيادي لمالطا في هذا الصدد، ونؤكد على أهمية التزام كل عضو من أعضاء هذا المجلس بهذا القرار. لقد رأينا على مدى الأسبوع الماضي كيف أن العمل معاً وتجاوز خلافاتنا الجغرافية، جعل من الممكن التوصل لهذه النتيجة، وأشكركم جميعاً على ذلك. ولدي ثقة بأن هذا العمل سيساهم في إنقاذ الأرواح.

ومع ذلك، أود التأكيد على أن اعتماد قرار اليوم ما هو إلا مجرد بداية نحو الرد على هذه الحرب والتعامل مع الأزمة. لقد مر وقت طويل جداً، قُتل خلاله عدد هائل من الأشخاص، ووقع دمار على نطاق واسع. كما يجب الإشارة إلى أنه حتى المناطق التي لا تتواجد فيها حماس، يتعرض الفلسطينيون للموت أيضاً في الأراضي المعترف بها دولياً كجزء من دولتهم المقبلة، فخلال تلك الفترة، أي الأربعين يوماً الماضية، والتي لم تنل التوثيق المناسب، قُتل ما يقرب من 200 مواطن فلسطيني في الضفة الغربية، بسبب عنف وهجمات المستوطنين. كل هذا يجب أن يتوقف، ويتعين على إسرائيل تحميل مرتكبي هذه الهجمات كامل المسؤولية.

وبالنسبة لدولة الإمارات، يمكننا هذا القرار من الاضطلاع بجهودنا، ومنها جهودنا الإنسانية على الأرض، مثل استقبال ألف طفل فلسطيني وعائلاتهم لتلقي العلاج في الدولة، وقد بدأنا بتنفيذ ذلك بالفعل، حيث نأمل باستقبال الدفعة الأولى من الأطفال خلال الأسبوع القادم. كما سيفتح هذا الطريق لإنشاء مستشفى ميداني للطوارئ في قطاع غزة. من هنا، نحث جميع الدول الأعضاء، وكذلك منظمة  الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، على الاستفادة من هذا القرار في تكثيف جهودها الرامية إلى زيادة المساعدة، والعودة إلى المجلس في حال الحاجة إلى دعم إضافي، فمن الأهمية أن تفي هذه الهيئة الآن بمسؤوليتها تجاه ضمان التنفيذ الكامل.

إن القانون الدولي، وخاصة ما يتعلق بقواعد الحرب، ملزم لجميع أطراف هذا الصراع، ولا يمكن لأي لبس أن يشوب هذه النقطة.

وينبغي على إسرائيل أن توقف هجماتها على المدنيين والأعيان المدنية، وأن تدعم تدابير الحماية الخاصة التي يوفرها القانون الدولي للمستشفيات والمدارس، وأيضاً أن تضمن وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق.

وفي السياق ذاته، نكرر إدانتنا للغارة الإسرائيلية على مستشفى الشفاء خلال 24 ساعة الماضية، والهجمات الأخرى على المستشفيات، ونؤكد أن هذا النوع من العمل العسكري بالتحديد هو ما يرفضه قرار اليوم، فالمستشفيات هي أماكن مقدسة يجب حمايتها. لقد تلقينا جميعاً عدداً لا يحصى من رسائل اليأس والحسرة التي أرسلها من بقي من العاملين في المجال الطبي في هذه المستشفيات، يطالبون فيها بحماية مرضاهم.

السيد الرئيس،

في حال تعرض هذا القرار لانتهاك من قبل الأطراف، فإننا نتوقع، وأيضاً سنعمل على ضمان تدخل مجلس الأمن للتحقق من تنفيذه.

لكن، وبالنظر إلى المستقبل، وإلى ما هو أبعد من العمل للتوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، يتعين على مجلس الأمن، على المستوين الجماعي والفردي، أن يمنح الأولوية لحل هذا الصراع. لقد رأينا على مدى العقد الماضي، فحوى التحذيرات والعلامات الواضحة والمتزايدة بأن حل الدولتين يقبع على فراش الموت، وما يخرج من أنقاض غزة الآن قد يكون فرصتنا الأخيرة لإنقاذه، ولكن يتطلب الأمر منا جميعاً مواصلة العمل معاً لإحيائه، تماماً كما فعلنا هنا اليوم، حيث مصير السلام والأمن في منطقتنا هو مسؤولية مشتركة، وليس عبئاً على ثلة من الناس.

بالنسبة للفلسطينيين وإسرائيل، فإن المنطق الوحشي الذي فرضه الاحتلال على ضحاياه، ومرتكبي  هذه الأعمال على مدى تاريخ الصراع الطويل ، قد أوصلنا إلى هذه النقطة اليائسة من الأزمة. والحقيقة هي أن إسرائيل لديها الحق في العيش بأمن وسلام  بعيداً عن الهجمات التي شهدناها في السابع من أكتوبر، ولكن فلسطين المستقبلية لديها ذات الحق أيضاً. إن أمن إسرائيل الحقيقي والدائم، سيظل حلماً بعيد المنال إذا ما بني على استمرار إنكار حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير المصير،  وأي سياسة تسعى إلى إخفاء هذه الحقيقة، محكوم عليها بالفشل.

شكراً لكم.